5 طرق يدعمها علم النفس للتخلص من المزاج السيئ
المزاج السيئ هو حالة نفسية يمر بها الجميع من وقت لآخر، ولا سيما في الأوقات التي نواجه فيها ضغوطًا حياتية أو مشاعر سلبية. لكن الخبر السار هو أن هناك العديد من الأساليب المدعومة علميًا التي يمكننا استخدامها لتحسين مزاجنا، والتغلب على مشاعر القلق، والغضب، والحزن، والضيق. في هذا المقال، سوف نستعرض خمس طرق فعالة لتحسين المزاج استنادًا إلى الأبحاث النفسية.
1. ممارسة التمارين الرياضية لتحفيز إفراز هرمونات السعادة
يعد النشاط البدني أحد أقوى العوامل التي تساعد في تحسين المزاج. وفقًا للدراسات النفسية، فإن ممارسة الرياضة تساهم في تحفيز إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين و السيروتونين، وهي المواد الكيميائية التي تشعرنا بالسعادة والراحة.
يعتبر الإندورفين، المعروف أيضًا بهرمون “السعادة”، من أقوى المحفزات النفسية التي تساهم في رفع معنويات الشخص. من خلال التمرين البدني المنتظم، يمكننا زيادة مستوى الإندورفين في الدم، مما يساعد على تحسين المزاج وتقليل التوتر والقلق. الدراسات أكدت أن التمارين الرياضية القوية مثل الركض أو السباحة أو حتى المشي السريع لمدة 30 دقيقة يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية.
إضافة إلى ذلك، فإن النشاط البدني يقلل من مستويات الكورتيزول، هرمون التوتر، مما يقلل من شعورنا بالقلق والغضب. وحتى التمرينات الخفيفة، مثل اليوغا أو التأمل، يمكن أن تحسن من حالتك النفسية بشكل كبير.
2. تغيير التفكير السلبي (إعادة الهيكلة المعرفية)
من المعروف أن التفكير السلبي هو أحد العوامل التي تساهم في استمرار المزاج السيئ. بحسب نظرية إعادة الهيكلة المعرفية التي طورها عالم النفس آرون بيك، يمكننا تغيير الأفكار السلبية التي تدور في أذهاننا من خلال الوعي بها وتحديها.
عندما نجد أنفسنا في مزاج سيئ، غالبًا ما تتسلل أفكار سلبية مثل: “أنا لا أستطيع فعل شيء بشكل صحيح” أو “كل شيء يسير على ما يرام”. في هذه الحالات، يساعدنا أن نتوقف ونسأل أنفسنا: هل هذه الأفكار صحيحة؟ هل هي مبالغ فيها؟ من خلال هذه الأسئلة، نتمكن من إعادة هيكلة أفكارنا نحو منظور أكثر إيجابية.
التقنيات المعرفية السلوكية مثل كتابة الأفكار السلبية وتحليلها، ثم استبدالها بأفكار أكثر إيجابية وواقعية، تعتبر من الأدوات القوية لتحسين المزاج. على سبيل المثال، بدلاً من التفكير “لقد فشلت في هذا المشروع”، يمكننا أن نقول “لقد تعلمت من تجربتي في هذا المشروع وسأعمل على تحسين أدائي في المرة القادمة”. هذه الطريقة تساعد على تحفيز شعور أكبر بالتحكم في المواقف وزيادة الثقة بالنفس.
3. التواصل الاجتماعي والدعم العاطفي
الارتباط الاجتماعي هو أحد الأسس التي تدعم الصحة النفسية بشكل كبير. تشير الأبحاث النفسية إلى أن الأشخاص الذين يحظون بدعم عاطفي من الآخرين يميلون إلى تحسين مزاجهم بسرعة أكبر مقارنةً بمن يعانون من العزلة الاجتماعية.
الدعم الاجتماعي ليس فقط من خلال العلاقات العاطفية العميقة، بل يشمل أيضًا التفاعل مع الأصدقاء والزملاء والعائلة. حتى التحدث عن مشاعرك مع شخص مقرب يمكن أن يخفف من التوتر والضغوط النفسية. هذا الدعم يساعد في تقليل العزلة التي قد يعاني منها الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب أو المزاج السيئ.
أيضًا، أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يتفاعلون اجتماعيًا بشكل إيجابي مع الآخرين يكونون أكثر قدرة على التعامل مع التوتر والضغوط النفسية. يمكن أن يكون هذا التفاعل من خلال إجراء محادثات بسيطة مع الأصدقاء أو المشاركة في نشاطات جماعية.
4. تقنيات التنفس العميق والتأمل
إن القدرة على تهدئة النفس عبر تقنيات التنفس العميق والتأمل تعد من الأساليب التي أثبتت فعاليتها في تعديل المزاج وتحسين الحالة النفسية. وفقًا للبحوث النفسية، فإن تقنيات التنفس العميق يمكن أن تساعد في تقليل استجابة الجسم للتوتر، مما يؤدي إلى استرخاء العقل والجسم.
التنفس العميق يعمل على تنشيط جهاز الأنظمة العصبية السمبثاوي الذي يعزز الشعور بالراحة، مما يساعد على تهدئة التوتر والقلق. إحدى الطرق الشائعة في التنفس العميق هي تقنية التنفس من الأنف، التي تتضمن أخذ شهيق عميق من خلال الأنف لمدة 4 ثوان، ثم حبس النفس لمدة 4 ثوانٍ، ثم الزفير ببطء من الفم لمدة 6 ثوانٍ.
التأمل، بما في ذلك التأمل الموجه أو التأمل اليقظ (المايندفلنس)، يساعد على التركيز على اللحظة الحالية ويقلل من التفكير الزائد والمشاعر السلبية. يمكن لممارسة 10 إلى 20 دقيقة يوميًا من التأمل أن تكون فعالة في تحسين المزاج وتقليل القلق.
5. التفاعل مع الطبيعة
قضاء الوقت في الطبيعة هو علاج فعال لتحسين المزاج، وفقًا للعديد من الدراسات النفسية الحديثة. يعرف هذا النوع من العلاج بـ العلاج البيئي، حيث يساعد التواصل مع البيئة الطبيعية في تقليل التوتر والقلق وتحسين المزاج بشكل عام.
تشير الأبحاث إلى أن قضاء الوقت في الحدائق أو المشي في الطبيعة يمكن أن يساهم في تعزيز الشعور بالسلام الداخلي والتوازن العاطفي. حتى إن قضاء بضع دقائق في الحديقة أو السير بجانب البحر يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على العقل والجسم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأشخاص الذين يشاركون في الأنشطة الخارجية مثل التنزه أو ركوب الدراجات أن يشعروا بتحسن كبير في المزاج. هذا التفاعل مع الطبيعة لا يقتصر على التخفيف من التوتر فحسب، بل أيضًا يعزز القدرة على التفكير الإبداعي، مما يساعد على إيجاد حلول للمشاكل التي قد تسبب التوتر.
الختام
إن التعامل مع المزاج السيئ يتطلب التفاعل مع العوامل النفسية والجسدية التي تؤثر على حالتنا العاطفية. من خلال ممارسة التمارين الرياضية، تغيير الأنماط الفكرية السلبية، البحث عن الدعم الاجتماعي، استخدام تقنيات التنفس والتأمل، والتفاعل مع الطبيعة، يمكننا تحسين مزاجنا بشكل مستدام. هذه الطرق المدعومة علميًا لا تقتصر فقط على تحسين المزاج في اللحظة الحالية، بل تساهم أيضًا في تعزيز صحتنا النفسية على المدى الطويل، مما يجعلها استراتيجيات أساسية في إدارة حياتنا اليومية والتغلب على تحدياتنا النفسية.