كيف تعالج الدمل: دليل شامل وطويل

الدمل هو التهاب جلدي حاد ينشأ عادة نتيجة عدوى بكتيرية في جريب الشعر أو الغدد الدهنية تحت الجلد، مما يؤدي إلى تكون كتلة مؤلمة متورمة مملوءة بالصديد. يعتبر الدمل من المشاكل الجلدية الشائعة التي تصيب جميع الأعمار، ويمكن أن يظهر في أي مكان من الجسم، إلا أنه غالباً ما يتواجد في مناطق تكثر فيها الغدد الدهنية أو مناطق الاحتكاك مثل العنق، الظهر، الوجه، والفخذين. تتفاوت درجة شدة الدمل من حالات بسيطة تشفى ذاتياً، إلى حالات متقدمة تتطلب تدخلاً طبياً عاجلاً لمنع المضاعفات.

أسباب الإصابة بالدمل

تعود الإصابة بالدمل في الغالب إلى البكتيريا العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus)، التي تدخل إلى الجلد عبر جروح صغيرة، خدوش، أو انسداد في الغدد الدهنية. تتسبب هذه البكتيريا في التهابات موضعية تؤدي إلى تجمع الصديد وتكون الدمل. تلعب عدة عوامل دوراً في زيادة احتمالية الإصابة، منها ضعف المناعة، الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، سوء النظافة الشخصية، التعرق الزائد، وارتداء الملابس الضيقة التي تزيد الاحتكاك والضغط على الجلد.

مراحل تطور الدمل

يتطور الدمل عبر عدة مراحل، تبدأ بالتهاب جلدي بسيط يظهر على شكل انتفاخ صغير أحمر اللون ومؤلم، ثم يتطور هذا الالتهاب ليصبح متورماً أكثر مع تجمع الصديد بداخله. في المرحلة النهائية، يتمزق الدمل تلقائياً ويخرج الصديد، بعدها يبدأ الجلد بالشفاء تدريجياً.

أعراض الدمل

تتمثل أعراض الدمل في ظهور كتلة دائرية أو بيضاوية، حمراء ومتورمة، تكون مؤلمة عند اللمس. غالباً ما يصاحب الدمل ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وألم موضعي قد يمنع الحركة الطبيعية إذا كان في منطقة حساسة. قد يصاحب الدمل أيضاً تورم الغدد اللمفاوية القريبة والتعب العام في حالات العدوى الشديدة.

طرق علاج الدمل

علاج الدمل يتطلب تحديد درجة الإصابة وحجمها، مع مراعاة الحالة الصحية العامة للمصاب. يمكن تقسيم طرق العلاج إلى علاج منزلي بسيط، علاج دوائي، وعلاج جراحي في الحالات المتقدمة.

1. العلاج المنزلي

في حالات الدمل الصغيرة والبداية المبكرة، يمكن الاعتماد على العناية الذاتية التي تشمل:

• الكمادات الدافئة: وضع كمادات دافئة مبللة على مكان الدمل لمدة 20 دقيقة عدة مرات يومياً يساعد على زيادة تدفق الدم إلى المنطقة، ما يسرع من عملية الشفاء ويساعد الدمل على النضج والتمزق.

• النظافة الشخصية: غسل اليدين جيداً قبل وبعد لمس الدمل لتجنب انتشار العدوى.

• تجنب الضغط أو محاولة تفريغ الدمل يدوياً: لأن ذلك قد يزيد الالتهاب أو ينشر العدوى إلى المناطق المجاورة.

• استخدام مراهم مطهرة: في بعض الأحيان يمكن استخدام مراهم تحتوي على مضادات بكتيرية خفيفة لتقليل خطر انتشار العدوى.

2. العلاج الدوائي

عندما يكون الدمل كبير الحجم، مؤلم جداً، أو مصاحباً لأعراض عامة مثل الحمى، قد يحتاج المريض إلى تناول مضادات حيوية عن طريق الفم أو موضعياً، ومن أهم هذه المضادات:

• مضادات حيوية من مجموعة البنسيلين المقاومة للبيتالاكتاماز مثل الكلوكساسيلين أو الفلوكلوكساسيلين، التي تستهدف البكتيريا العنقودية.

• مضادات حيوية أخرى في حال وجود مقاومة للبنسيلين أو حالات خاصة، مثل الكليندامايسين أو التريميثوبريم-سلفاميثوكسازول.

• مضادات الالتهاب ومسكنات الألم مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والالتهاب.

3. العلاج الجراحي

في الحالات التي لا تستجيب للعلاج المنزلي والدوائي، أو إذا كان الدمل كبيراً ومليئاً بالصديد، يصبح التدخل الجراحي ضرورياً لتفريغ الصديد والتخلص من التجمع القيحي. تتم العملية تحت تعقيم كامل وتحت تخدير موضعي، ويتم فتح الدمل بعمل شق صغير لتصريف الصديد. بعدها يتم تنظيف الجرح جيداً ووضع ضمادة معقمة. قد يتطلب الأمر أحياناً وضع أنبوب صغير لتصريف السوائل لبضعة أيام.

مضاعفات الدمل

ترك الدمل دون علاج أو محاولة تفريغه بطريقة غير صحيحة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، من بينها:

• تكون خراجات أعمق: انتشار العدوى تحت الجلد إلى طبقات أعمق.

• تسمم الدم: إذا دخلت البكتيريا إلى مجرى الدم.

• التهاب الأنسجة المحيطة: مثل التهاب النسيج الخلوي (Cellulitis).

• تكرار الإصابة: خاصة في حالات ضعف المناعة أو الأمراض المزمنة.

• ندبات تشوهية: قد تبقى على الجلد بعد شفاء الدمل.

الوقاية من الدمل

الوقاية هي أفضل طرق العلاج، ويمكن تحقيقها باتباع إرشادات بسيطة:

• الحفاظ على نظافة الجلد باستمرار خاصة في المناطق المعرضة للاحتكاك.

• تجنب مشاركة الأدوات الشخصية مثل المناشف، الملابس، وأدوات الحلاقة.

• التعامل الفوري مع الجروح والخدوش الصغيرة بتنظيفها وتعقيمها جيداً.

• ارتداء ملابس فضفاضة تسمح بتهوية الجلد وتقليل التعرق.

• الحفاظ على صحة الجهاز المناعي عبر تناول غذاء متوازن، ممارسة الرياضة، والحصول على قسط كافٍ من النوم.

• التحكم في الأمراض المزمنة مثل السكري التي تزيد من خطر الإصابة.

مقارنة بين طرق علاج الدمل المختلفة

مصادر ومراجع

1. James, William D., et al. Andrews’ Diseases of the Skin: Clinical Dermatology. 13th edition. Elsevier, 2020.

2. Habif, Thomas P. Clinical Dermatology: A Color Guide to Diagnosis and Therapy. 7th edition. Elsevier, 2016.

في الختام، علاج الدمل يحتاج إلى تشخيص دقيق واتباع الأساليب العلاجية الملائمة لكل حالة. الالتزام بالنظافة الشخصية، مراقبة تطور الدمل، واللجوء إلى المساعدة الطبية عند الحاجة، كلها عوامل تساعد في الشفاء السريع والوقاية من المضاعفات.