أسباب نقص وزن الطفل الرضيع
يُعد الوزن أحد المؤشرات الحيوية الهامة التي يتم مراقبتها عن كثب خلال الشهور الأولى من حياة الطفل، حيث يُعبر الوزن عن صحة الرضيع وتطوره الجسدي والتغذوي. وفي حالات متعددة، قد يلاحظ الأهل أو الطبيب تأخرًا في زيادة وزن الطفل أو حتى نقصًا فيه، مما يثير القلق بشأن صحته العامة. ومن المهم أن يتم تحليل هذه الحالات بعمق ودقة، لأن نقص الوزن عند الرضع ليس عرضًا واحدًا بل قد يكون نتيجة مجموعة من العوامل الطبية، التغذوية، السلوكية أو البيئية.
يُعرّف نقص وزن الرضيع عادة عندما يكون الوزن أقل من النسبة المئوية الخامسة على مخطط النمو المُعتمد من منظمة الصحة العالمية أو عندما لا يكتسب الطفل الوزن بمعدل مناسب لعمره. وفيما يلي تحليل شامل ومفصل لأهم الأسباب التي قد تؤدي إلى نقص وزن الطفل الرضيع.
أولًا: الأسباب المتعلقة بالتغذية
1. عدم كفاية الرضاعة الطبيعية
الرضاعة الطبيعية هي المصدر الرئيسي لتغذية الرضيع خلال أول ستة أشهر. قد يحدث نقص في الوزن إذا لم يتلقى الطفل كميات كافية من الحليب، سواء بسبب ضعف تدفق الحليب من الأم، أو قصر مدة الرضاعة، أو ضعف في التقنيات المُستخدمة أثناء الرضاعة مثل الالتقام غير الصحيح للحلمة، مما يؤدي إلى ضعف فاعلية الرضاعة.
2. إدرار الحليب غير الكافي
بعض الأمهات قد يعانين من ضعف في إدرار الحليب بسبب أسباب هرمونية (مثل مشاكل الغدة الدرقية أو نقص البرولاكتين)، أو عوامل نفسية كالتوتر والقلق أو ضعف في التغذية الأمومية، مما يؤدي إلى عدم حصول الطفل على كفايته من الغذاء.
3. الرضاعة الصناعية غير الكافية أو الخاطئة
عند استخدام الحليب الصناعي، قد يتم تحضير الرضعة بتركيز أقل من المطلوب، أو إعطاء عدد قليل من الرضعات يوميًا، أو استخدام نوع غير مناسب من الحليب مما يقلل من السعرات الحرارية التي يحصل عليها الطفل، وبالتالي يحدث نقص في الوزن.
4. مشاكل في الفطام أو إدخال الطعام الصلب
إذا تأخر إدخال الأغذية التكميلية بعد عمر 6 أشهر، أو تم إدخال أطعمة ذات قيمة غذائية منخفضة، فإن الرضيع لا يحصل على السعرات والبروتينات اللازمة لنموه، مما يؤدي إلى انخفاض الوزن أو ثباته لفترة طويلة.
ثانيًا: الأسباب الطبية والمرضية
1. الارتجاع المعدي المريئي
من الحالات الشائعة بين الرضع، حيث يتسرب الحليب من المعدة إلى المريء، مما يؤدي إلى تقيؤ متكرر وفقدان جزء كبير من الرضعات، ويُسبب ذلك فقدانًا أو نقصًا في الوزن إذا استمر لفترة طويلة دون علاج.
2. العدوى المزمنة أو المتكررة
إصابة الرضيع المتكررة بالتهابات مثل التهابات الجهاز التنفسي، الجهاز الهضمي أو الجهاز البولي تؤدي إلى فقدان الشهية وزيادة استهلاك الجسم للسعرات الحرارية لمواجهة العدوى، مما يؤدي إلى توقف أو تأخر النمو وزيادة الوزن.
3. مشاكل في امتصاص الغذاء
بعض الأطفال يعانون من مشكلات هضمية مزمنة مثل مرض السيلياك (تحسس الغلوتين)، أو مشاكل في البنكرياس أو التمثيل الغذائي، مما يعيق امتصاص العناصر الغذائية من الأمعاء ويؤدي إلى فقدان الوزن رغم تناول كميات كافية من الطعام.
4. أمراض القلب الخلقية
الرضع المصابون بأمراض القلب الخلقية يُعانون من ضعف في النشاط العام وزيادة استهلاك الطاقة حتى أثناء الراحة، إلى جانب صعوبات في الرضاعة بسبب التعب السريع، مما يؤثر على معدل زيادة الوزن.
5. العيوب الخلقية أو المتلازمات الوراثية
بعض المتلازمات مثل متلازمة داون أو متلازمة تيرنر قد تكون مصحوبة بنمو بطيء أو مشكلات في التغذية، تؤدي إلى تأخر اكتساب الوزن والطول مقارنة بالمعدل الطبيعي للأطفال.
ثالثًا: الأسباب النفسية والسلوكية
1. القلق والضغط الأسري
البيئة العائلية المضطربة والتوتر الزائد لدى الأبوين قد يؤثران على نمط تغذية الطفل، فالتوتر ينتقل إلى الطفل ويؤثر على شهيته واستقراره النفسي، وقد يؤدي إلى مشكلات في الرضاعة.
2. الحرمان العاطفي
الرضع يحتاجون إلى الحنان والتفاعل الاجتماعي مع الأم، وعدم توفر هذا العامل قد يؤدي إلى رفض الطعام أو ضعف الرغبة في الرضاعة أو البكاء المستمر الذي يصرف الطاقة دون الحصول على تغذية كافية.
3. اضطرابات الأكل الوظيفية
بعض الأطفال قد يُظهرون سلوكًا انتقائيًا في تناول الطعام أو يرفضون أنواعًا معينة بشكل دائم، مما يُسبب قصورًا في التغذية ونقصًا في الوزن على المدى الطويل.
رابعًا: العوامل البيئية والاجتماعية
1. الفقر وسوء التغذية
في بعض البيئات ذات الموارد المحدودة، قد لا تتوفر للأم والطفل خيارات غذائية متوازنة أو كمية كافية من الحليب الصناعي أو الأغذية التكميلية، مما يؤدي إلى حالات سوء تغذية متوسطة إلى شديدة.
2. قلة الوعي بالتغذية السليمة
عدم وعي الأهل بالطرق الصحيحة لإطعام الطفل، أو اتباع نصائح تقليدية خاطئة قد يؤدي إلى ممارسات غذائية غير مناسبة، مثل الاكتفاء بالماء والسوائل أو إعطاء أطعمة لا تناسب عمر الطفل، وكل ذلك يؤدي إلى خلل في الوزن والنمو.
3. الولادة في بيئة غير صحية
البيئة الملوثة أو غير المعقمة قد تزيد من فرص تعرض الرضيع للعدوى، خاصةً في حال ضعف مناعته، مما يعرضه لأمراض متعددة تؤثر على الشهية والنمو.
خامسًا: الأسباب المرتبطة بالولادة والحمل
1. الولادة المبكرة
الأطفال المولودون قبل الأسبوع 37 من الحمل غالبًا ما يكون لديهم وزن منخفض عند الولادة وأجهزة جسدية غير مكتملة النمو، مما يؤدي إلى بطء في اكتساب الوزن لاحقًا.
2. تأخر النمو داخل الرحم (IUGR)
بعض الأطفال يُولدون بوزن أقل من المتوقع بسبب تأثر النمو داخل الرحم نتيجة مشاكل في المشيمة، أو إصابة الأم بأمراض مزمنة، أو سوء تغذية الأم أثناء الحمل، مما يترك الطفل في وضع غذائي هش منذ الولادة.
3. قلة السائل الأمينوسي
انخفاض كمية السائل المحيط بالجنين أثناء الحمل قد يكون مؤشرًا على مشاكل في نمو الجنين، وقد يسبب نقصًا في الوزن بعد الولادة وصعوبة في اكتسابه للوزن لاحقًا.
جدول توضيحي لأهم الأسباب وعلاقتها بنقص الوزن
| نوع السبب | أمثلة محددة | التأثير على الوزن |
|---|---|---|
| تغذوي | ضعف الرضاعة الطبيعية، حليب صناعي غير كافٍ | انخفاض السعرات المستهلكة |
| طبي | ارتجاع معدي، أمراض القلب، أمراض امتصاص | فقدان السعرات/ضعف الامتصاص |
| نفسي/سلوكي | التوتر الأسري، اضطرابات الأكل، الحرمان العاطفي | قلة الشهية/رفض الطعام |
| بيئي واجتماعي | الفقر، نقص الوعي، عدوى بيئية متكررة | سوء تغذية مزمن |
| ما قبل الولادة | الولادة المبكرة، IUGR، مشاكل المشيمة | ضعف الوزن عند الولادة وصعوبة في زيادته |
التشخيص والتعامل مع نقص الوزن
من الضروري عدم الاعتماد فقط على الوزن كمؤشر وحيد لتقييم صحة الطفل، بل يجب النظر إلى محيط الرأس، الطول، والسلوك العام للرضيع. يُنصح دومًا بالمتابعة المنتظمة مع طبيب الأطفال لتسجيل النمو، والقيام بالفحوصات اللازمة مثل اختبارات الدم، البراز، فحص امتصاص العناصر الغذائية، وتحاليل الغدة الدرقية. قد يتطلب الأمر تدخلًا من أخصائي تغذية أطفال أو تدخلًا دوائيًا أو حتى علاجًا في المستشفى في الحالات الشديدة.
في المجمل، يتطلب علاج نقص وزن الرضيع نهجًا تكامليًا يجمع بين تصحيح المشكلات الطبية والتغذوية والنفسية والاجتماعية لضمان نمو سليم وصحي للطفل.
المراجع:
-
World Health Organization (WHO) – Child Growth Standards
-
American Academy of Pediatrics – Clinical Practice Guidelines for Pediatric Nutrition
