نسبة الدهون في الجسم

قياس نسبة الدهون في الجسم: الطرق والتقنيات الحديثة وأهميتها لصحة الإنسان

تعتبر نسبة الدهون في الجسم من المؤشرات الحيوية المهمة التي تعكس حالة الصحة العامة للفرد، وتساهم بشكل كبير في تقييم مستوى اللياقة البدنية والوقاية من الأمراض المزمنة. تختلف نسبة الدهون الطبيعية في الجسم باختلاف الجنس، العمر، ونمط الحياة، لذلك فإن معرفة طريقة قياس هذه النسبة بدقة يعد من الخطوات الأساسية لفهم الحالة الصحية واتخاذ القرارات المناسبة نحو تحسينها. في هذا المقال، سنستعرض بشكل مفصل طرق قياس نسبة الدهون في الجسم، أهميتها، العوامل المؤثرة عليها، وكيفية تفسير النتائج للحصول على رؤية شاملة حول صحة الفرد.

أهمية معرفة نسبة الدهون في الجسم

تُعد نسبة الدهون في الجسم أكثر دقة من مؤشر كتلة الجسم (BMI) لتقييم صحة الإنسان، وذلك لأن مؤشر كتلة الجسم يعتمد فقط على الوزن والطول دون التمييز بين الدهون والعضلات. ارتفاع نسبة الدهون في الجسم، خاصة الدهون الحشوية، يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان. على الجانب الآخر، انخفاض نسبة الدهون عن المعدل الطبيعي قد يؤثر سلبًا على وظائف الجسم الأساسية، مثل توازن الهرمونات، صحة العظام، والجهاز المناعي.

معرفة نسبة الدهون بشكل دقيق يمكن أن تساعد في:

• تحديد مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

• توجيه برامج التخسيس أو زيادة الوزن بطريقة صحية.

• متابعة نتائج التمارين الرياضية والحمية الغذائية.

• تحسين الأداء الرياضي عبر معرفة نسبة العضلات مقابل الدهون.

مكونات الجسم الرئيسية المتعلقة بالدهون

يتكون الجسم بشكل رئيسي من:

• العضلات: أنسجة تسمح بالحركة وتحرق السعرات الحرارية.

• الدهون: تشمل الدهون الأساسية والاحتياطية.

• الماء: جزء أساسي من تركيب الجسم.

• العظام: الهيكل العظمي الداعم.

• الأنسجة الأخرى: تشمل الأعضاء والدم.

الدهون في الجسم مقسمة إلى نوعين رئيسيين:

1. الدهون الأساسية (Essential Fat): ضرورية للحياة ووظائف الجسم، مثل الدهون الموجودة في الدماغ، الأعضاء الداخلية، والأنسجة العصبية.

2. الدهون الاحتياطية (Storage Fat): الدهون التي يخزنها الجسم في الخلايا الدهنية وتستخدم كمصدر للطاقة، وزيادتها تسبب زيادة الوزن والسمنة.

طرق قياس نسبة الدهون في الجسم

تعددت طرق قياس نسبة الدهون بين البسيطة والمنزلية إلى المتقدمة والمخبرية، وكل طريقة لها دقتها وملاءمتها حسب الهدف والموارد المتاحة.

1. الطريقة التقليدية باستخدام أداة قياس ثنيات الجلد (Skinfold Caliper)

هذه الطريقة تعتمد على قياس سمك ثنيات الجلد في عدة مناطق من الجسم باستخدام كماشة خاصة. أكثر المناطق شيوعًا لقياس الثنيات هي:

• ثنية العضلة ثلاثية الرؤوس في الذراع.

• ثنية العضلة ثنائية الرؤوس في الذراع.

• ثنية أسفل لوح الكتف.

• ثنية البطن.

بعد أخذ هذه القياسات، يتم إدخالها في معادلات خاصة لتحويل سمك الثنيات إلى نسبة الدهون. هذه الطريقة تعتبر دقيقة إلى حد ما لكنها تعتمد بشكل كبير على مهارة الشخص الذي يقوم بالقياس وعلى نوعية الأدوات المستخدمة.

2. التحليل الكهربائي للمقاومة الحيوية (Bioelectrical Impedance Analysis – BIA)

تعتمد هذه التقنية على مرور تيار كهربائي ضعيف جدًا عبر الجسم وقياس مقاومة الأنسجة لهذا التيار. الدهون تكون مقاومة أكبر للتيار الكهربائي مقارنة بالعضلات، لذلك يمكن استخدام فرق المقاومة لتقدير نسبة الدهون. يمكن العثور على أجهزة BIA على شكل موازين منزلية أو أجهزة طبية متقدمة.

مزايا هذه الطريقة أنها سريعة وسهلة الاستخدام، لكنها قد تتأثر بعوامل عدة مثل نسبة الماء في الجسم، درجة الرطوبة، ووقت القياس.

3. القياس عن طريق كثافة الجسم (Hydrostatic Weighing)

تُعرف هذه الطريقة أيضًا بالوزن تحت الماء، وتعد من أكثر الطرق دقة. تعتمد على قياس وزن الجسم في الهواء ثم تحت الماء، حيث يتم حساب كثافة الجسم اعتمادًا على كمية الماء المزاح. بعد ذلك تُستخدم معادلات خاصة لتحويل الكثافة إلى نسبة دهون.

رغم دقتها العالية، إلا أن هذه الطريقة مكلفة وتتطلب معدات خاصة، ولا تتوفر بسهولة في معظم الأماكن.

4. القياس بواسطة جهاز امتصاص الأشعة السينية ثنائي الطاقة (DXA Scan)

تُعد تقنية DXA من أكثر الطرق تقدمًا ودقة، حيث تستخدم الأشعة السينية لقياس كثافة العظام، العضلات، والدهون في الجسم بشكل مفصل. تعطي هذه التقنية صورة واضحة لتوزيع الدهون في مناطق الجسم المختلفة.

تستخدم هذه التقنية عادة في المختبرات الطبية والمراكز البحثية، وتعتبر مكلفة وغير متاحة للاستخدام اليومي.

5. قياس محيط الجسم

يمكن استخدام قياسات محيط الخصر، الورك، والرقبة كطريقة غير مباشرة لتقدير نسبة الدهون، خاصة الدهون الحشوية. هذه الطريقة سهلة وبسيطة ولا تحتاج لأجهزة معقدة، لكنها أقل دقة من الطرق العلمية.

عوامل تؤثر على دقة قياس نسبة الدهون

• نوع الجهاز المستخدم: تختلف الدقة بين أجهزة القياس المنزلية والمخبرية.

• حالة الترطيب: زيادة أو نقصان الماء في الجسم تؤثر على قراءة أجهزة المقاومة الكهربائية.

• توقيت القياس: يفضل إجراء القياس في نفس الوقت من اليوم لتقليل التغيرات.

• خبرة المشرف على القياس: تؤثر بشكل كبير في طريقة وأماكن القياس.

• الوزن والتغيرات البدنية: تقلبات الوزن وحجم العضلات تؤثر على نسبة الدهون.

المعدلات الطبيعية لنسبة الدهون في الجسم

تختلف النسب الطبيعية بين الرجال والنساء، وأيضًا تختلف حسب العمر، وذلك بسبب الاختلافات الهرمونية والوظائف البيولوجية:

الارتفاع عن هذه المعدلات يشير إلى وجود نسبة دهون زائدة قد تؤثر على الصحة، بينما الانخفاض الكبير قد يدل على نقص في الدهون الأساسية، مما يؤثر على وظائف الجسم الحيوية.

تفسير نتائج قياس نسبة الدهون

• نسبة الدهون المرتفعة: تعني تراكم زائد للدهون في الجسم، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، السكتة الدماغية، السكري، وأمراض أخرى. في حالات السمنة، تزداد هذه النسبة بشكل ملحوظ، وتتطلب تغييرات في النظام الغذائي والتمارين الرياضية.

• النسبة المثالية: تحافظ على توازن بين الدهون والعضلات وتدعم الصحة العامة والأداء البدني.

• النسبة المنخفضة جدًا: قد تؤدي إلى مشاكل صحية مثل اضطرابات الهرمونات، هشاشة العظام، وضعف الجهاز المناعي.

نصائح لتحسين نسبة الدهون في الجسم

• اتباع نظام غذائي متوازن غني بالبروتين، الخضروات، والفواكه.

• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، ودمج تمارين القوة مع التمارين الهوائية.

• مراقبة الوزن ونسبة الدهون بانتظام باستخدام طرق موثوقة.

• الحفاظ على ترطيب الجسم وتجنب التوتر والضغوط النفسية.

• الحصول على قسط كافٍ من النوم، لأن قلة النوم تؤثر على التوازن الهرموني.

خلاصة

قياس نسبة الدهون في الجسم يعد أداة مهمة لتقييم صحة الفرد وتوجيه نمط حياته نحو الأفضل. تتنوع طرق القياس بين البسيطة والمتقدمة، وتختلف دقتها بناءً على التقنية المستخدمة. من المهم فهم المعدلات الطبيعية وتفسير النتائج بشكل صحيح من أجل الوقاية من الأمراض وتحسين جودة الحياة. كما أن تبني أسلوب حياة صحي يساهم بشكل مباشر في الحفاظ على نسبة دهون مناسبة تدعم الصحة العامة والوظائف الحيوية.

المصادر والمراجع

1. Heymsfield SB, et al. “Measurement of body fatness: techniques and clinical implications.” Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism, 2014.

2. Gallagher D, et al. “Body fat percentage and body fat mass: Comparisons of methods and validity.” Nutrition Reviews, 2011.