كيف يتكون التوأم؟

كيف يتكون التوأم:

تعتبر ظاهرة الحمل بتوأم واحدة من الظواهر الطبية المثيرة التي تسترعي انتباه الجميع. وتعددت المفاهيم حول كيفية تكوّن التوأم، مما يفتح المجال لفهم أعمق لكيفية حدوث هذه الظاهرة البيولوجية. في هذا المقال، سنتناول عملية تكوّن التوأم من الجوانب العلمية والبيولوجية والطبية، مع التركيز على الأنواع المختلفة من التوأم، وكيفية حدوث كل نوع منها.

1. التوأم الأحادي والتوأم المتعدد:

عندما نتحدث عن التوأم، يجب أن نحدد أولاً الأنواع المختلفة التي قد تشملها هذه الظاهرة. بشكل عام، يمكن تقسيم التوائم إلى نوعين رئيسيين:

• التوأم الأحادي (الآحاد): يحدث عندما يتم تخصيب بويضة واحدة بواسطة حيوان منوي واحد. خلال الأسابيع الأولى من الحمل، تنقسم هذه البويضة المخصبة إلى جنينين متماثلين وراثياً، ما يعني أن التوأمين سيشتركان في نفس التركيبة الجينية. عادةً ما يكون التوأم الأحادي متماثل في الجنس، وقد يكون لهما نفس الشكل والملامح.

• التوأم المتعدد: هذا النوع من التوائم يحدث عندما يتم تخصيب أكثر من بويضة خلال الدورة الشهرية نفسها، أو عندما تنقسم بويضة واحدة بشكل غير كامل ليتم تكوين أكثر من جنين واحد. يتميز التوأم المتعدد بتنوعه، حيث يمكن أن يكون التوأمان مختلفين في الجنس أو مشابهين حسب الطريقة التي تم بها التخصيب.

2. كيف يحدث التوأم الأحادي؟

التوأم الأحادي، المعروف أيضاً بالتوأم المتطابق، يتكون من بويضة واحدة وحيوان منوي واحد. عند حدوث عملية التخصيب، تبدأ البويضة الملقحة في الانقسام بعد عدة ساعات أو أيام. هذا الانقسام يمكن أن يحدث بعد فترة قصيرة من التخصيب أو بعد مرور فترة طويلة. إذا حدث الانقسام خلال الأيام الأولى بعد التخصيب، يتطور التوأمان إلى جنينين منفصلين ولكن متماثلين جينياً. يمكن أن يحدث هذا الانقسام في مراحل مختلفة، مما يؤدي إلى نوعيات مختلفة من التوأم:

• التوأم الأحادي في الكيس المشيمي الواحد: في هذه الحالة، يتشارك التوأمان في نفس الكيس المشيمي والنغمة المحيطية (amniotic sac)، مما يعني أنهما يتطوران في نفس الكيس، ولكن كلاهما لهما مشيمة خاصة به.

• التوأم الأحادي في أكياس مشيمية منفصلة: في هذه الحالة، يتطور التوأمان في أكياسين مشيميين منفصلين، ما يعني أن لكل توأم مشيمة خاصة به، ومع ذلك يظل التوأمان متماثلين وراثياً.

تعتبر ظاهرة التوأم الأحادي أكثر شيوعاً في حالات الحمل المبكر، خاصةً في الأسابيع الأربعة أو الخمسة الأولى. كما أن التوأم الأحادي يحمل احتمالية أكبر في التوأم المتطابق الذي يكون جينياً مماثلاً في جميع الصفات الوراثية.

3. كيف يحدث التوأم المتعدد؟

التوأم المتعدد، المعروف أيضاً بالتوأم غير المتطابق، يحدث نتيجة لتخصيب أكثر من بويضة واحدة في نفس الدورة الشهرية. عادةً، عندما تقوم المرأة بالإباضة وتنتج أكثر من بويضة واحدة، يمكن لحيوانين منويين تخصيب كل بويضة على حدة، ما يؤدي إلى حدوث حمل بتوأم غير متطابق. يتكون التوأم في هذه الحالة من أجنة متميزة وراثياً، ولهما تركيبة جينية مختلفة.

يمكن أن يتكون التوأم المتعدد من أكثر من توأم واحد، في حالة تخصيب ثلاث أو أربع بويضات في وقت واحد. هذا يؤدي إلى الحمل بتوائم متعددة مثل التوائم الثلاثية أو الرباعية. على الرغم من أن التوأم المتعدد ليس متماثلاً وراثياً، فإنهم قد يشتركون في نفس البيئة داخل الرحم. وتعتبر هذه الظاهرة نادرة الحدوث، ولكنها تزداد في بعض الحالات التي تشمل العلاج بتقنيات التلقيح الصناعي (IVF)، حيث قد يتم نقل أكثر من جنين في نفس الوقت.

4. العوامل المؤثرة في تكوين التوأم:

لا يحدث الحمل بتوأم صدفة. هناك العديد من العوامل التي قد تساهم في احتمال تكوّن التوأم، ومن أبرز هذه العوامل:

• العوامل الوراثية: تعتبر الوراثة من أهم العوامل المؤثرة في الحمل بتوأم. إذا كان لدى أحد الأبوين أو الأجداد تاريخ من الحمل بتوأم، فإن احتمال حدوث نفس الظاهرة يزداد. في التوأم غير المتطابق (المتعدد)، قد تنتقل هذه الاستعدادات الوراثية من الجيل إلى الجيل، مما يزيد من فرص حدوث توائم في الأسرة.

• العمر: تشير الدراسات إلى أن النساء اللاتي يبلغن من العمر 35 سنة أو أكثر لديهن احتمالية أكبر للحمل بتوأم، خاصة إذا كان هناك تاريخ وراثي لهذه الظاهرة في العائلة. هذا يحدث بسبب التغيرات الهرمونية التي تزيد من فرص إطلاق أكثر من بويضة واحدة في فترة الإباضة.

• عدد الحمل السابق: النساء اللواتي أنجبن أكثر من طفل في الماضي لديهن احتمال أكبر للحمل بتوأم في المستقبل. يعد الحمل المتعدد في السابق أحد العوامل المساعدة في زيادة فرص حدوث التوأم.

• التقنيات الطبية: العلاج بتقنيات التخصيب الصناعي (IVF) وزيادة عدد الأجنة المنقولة إلى الرحم يمكن أن تزيد من فرص الحمل بتوأم. تتعلق هذه التقنية باستخدام أدوية تحفيز الإباضة التي تزيد من عدد البويضات المنضجة في وقت واحد.

• التغذية والوزن: تشير بعض الدراسات إلى أن النساء ذوات الوزن الزائد أو اللائي يتناولن نظاماً غذائياً غنياً بالبروتين والفيتامينات قد يكن أكثر عرضة للحمل بتوأم. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بعض الأبحاث أن النساء اللواتي يستهلكن منتجات الألبان بشكل أكبر قد يكون لديهن فرص أعلى للحمل بتوأم.

5. مضاعفات الحمل بتوأم:

رغم أن الحمل بتوأم يعتبر ظاهرة طبيعية، فإنه يحمل بعض المخاطر والمضاعفات التي تختلف عن الحمل العادي. تشمل هذه المضاعفات:

• زيادة احتمالية الولادة المبكرة: الحمل بتوأم يزيد من فرص حدوث الولادة المبكرة، حيث يمكن أن يولد التوأمان قبل الأسبوع 37 من الحمل.

• ارتفاع ضغط الدم: النساء الحوامل بتوأم معرضات بشكل أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي (التسمم الحملي) أو ما يعرف بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.

• زيادة مخاطر سكري الحمل: يعد سكري الحمل أحد المضاعفات الشائعة في حالات الحمل بتوأم، وهو يحدث بسبب تغيرات في مستويات الأنسولين والهرمونات أثناء الحمل.

• مضاعفات الجنين: قد يعاني أحد التوأمين من تأخر في النمو أو ضعف في الحالة الصحية، خاصة في حالات الحمل بتوأم من نوع واحد (التوأم الأحادي).

6. العناية الطبية أثناء الحمل بتوأم:

تتطلب حالات الحمل بتوأم عناية طبية خاصة لضمان صحة الأم والأجنة. من المهم أن تحصل الأم على الرعاية الطبية المنتظمة لتقييم تطور الحمل والتحقق من تطور الأجنة بشكل سليم. يوصي الأطباء بزيادة الزيارات الدورية للتأكد من وضع الحمل، وفي بعض الحالات قد تتطلب الحاجة إلى متابعة مستمرة للحالة الصحية للأم والأجنة.

7. الخاتمة:

تعتبر ظاهرة التوأم حدثاً فريداً في حياة العديد من الأسر. يمكن أن يتكون التوأم إما عن طريق انقسام بويضة واحدة مخصبة لتنتج توأمين متماثلين، أو بتخصيب بويضات متعددة لتكوين توائم غير متطابقة. يشمل الحمل بتوأم عدة عوامل وراثية وطبية وعمرية تؤثر في فرص حدوثه. في النهاية، يظل الحمل بتوأم ظاهرة بيولوجية معقدة تحتاج إلى رعاية طبية مستمرة لضمان صحة الأجنة والأم.