ضغط الدم: الأنواع والقياس

ضغط الدم: وظيفته، وأنواعه، وطريقة قياسه

ضغط الدم هو القوة التي يمارسها الدم على جدران الأوعية الدموية أثناء تدفقه عبر الجسم. يعد ضغط الدم أحد المؤشرات الصحية الأساسية التي يتم قياسها بانتظام لتقييم صحة الإنسان، إذ يلعب دوراً مهماً في تحديد فعالية النظام القلبي الوعائي في الجسم. يتمثل دور ضغط الدم في نقل الأوكسجين والمواد المغذية إلى الأنسجة المختلفة، كما يساعد على التخلص من الفضلات عبر الأوعية الدموية. يعد فهم وظيفة ضغط الدم وأنواعه وطريقة قياسه أمراً مهماً للحفاظ على الصحة العامة والوقاية من العديد من الأمراض المزمنة.

وظيفة ضغط الدم في الجسم

ضغط الدم يمثل إحدى أهم القوى التي يعتمد عليها جسم الإنسان في الحفاظ على توازنه البيولوجي. عند ضخ القلب للدم إلى الأوعية الدموية، ينتقل الدم عبر الشرايين إلى جميع الأجزاء الحيوية في الجسم. يتطلب هذا النقل الضغط الكافي لضمان وصول الدم إلى الأنسجة والأعضاء المختلفة. يعتبر ضغط الدم مؤشراً على قوة دفع القلب للدم عبر الأوعية، وكذلك على مقاومة الأوعية الدموية التي تؤثر على قدرة الدم على التدفق بحرية.

يعد ضغط الدم عاملاً مهماً في توازن السوائل في الجسم، حيث يؤثر بشكل مباشر في كيفية توزيع السوائل بين الأوعية الدموية والأنسجة. يساهم أيضاً في الحفاظ على استقرار حجم الدم داخل الأوعية الدموية وتوزيعه بشكل متوازن عبر الجسم. بالإضافة إلى ذلك، يساعد ضغط الدم في تنظيم عملية التنفس، كما يعزز من تفاعل الأوكسجين والمواد المغذية داخل الأنسجة.

أنواع ضغط الدم

تقاس مستويات ضغط الدم باستخدام قياسين رئيسيين هما: الضغط الانقباضي (أو الضغط الأعلى) والضغط الانبساطي (أو الضغط الأدنى). يتم تحديد الضغط الانقباضي عندما ينقبض القلب أثناء ضخ الدم إلى الأوعية الدموية، بينما يشير الضغط الانبساطي إلى الضغط الذي يحدث عندما يكون القلب في حالة استرخاء بين النبضات.

1. ضغط الدم الطبيعي

يعد الضغط الطبيعي هو المستوى المثالي الذي يكون فيه الضغط الانقباضي أقل من 120 ملم زئبق، والضغط الانبساطي أقل من 80 ملم زئبق. يتم الحفاظ على هذا الضغط من خلال التوازن بين القلب والأوعية الدموية، كما أن اتباع نمط حياة صحي يعزز الحفاظ على ضغط الدم في هذا النطاق.

2. ارتفاع ضغط الدم (Hypertension)

يحدث ارتفاع ضغط الدم عندما تكون القراءة على مقياس الضغط الانقباضي أكبر من 130 ملم زئبق، أو عندما تكون القراءة على مقياس الضغط الانبساطي أكبر من 80 ملم زئبق. يعد ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، ويعتبر من العوامل الرئيسة التي تساهم في تطور أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل السكتات الدماغية والنوبات القلبية.

يصنف ارتفاع ضغط الدم إلى ثلاث درجات:

• ارتفاع ضغط الدم من الدرجة الأولى: يتم تشخيصه عندما تتراوح القراءة بين 130/80 و139/89 ملم زئبق.

• ارتفاع ضغط الدم من الدرجة الثانية: يتراوح بين 140/90 و159/99 ملم زئبق.

• ارتفاع ضغط الدم الشديد: عندما يتجاوز الضغط 160/100 ملم زئبق.

3. انخفاض ضغط الدم (Hypotension)

يحدث انخفاض ضغط الدم عندما تكون قراءة الضغط الانقباضي أقل من 90 ملم زئبق، أو إذا كانت القراءة الانبساطية أقل من 60 ملم زئبق. على الرغم من أن انخفاض ضغط الدم قد لا يكون مرضاً في حد ذاته، إلا أنه يمكن أن يكون علامة على مشاكل صحية أخرى. من الحالات التي قد تسبب انخفاض ضغط الدم: الجفاف، النزيف، والتسمم، وبعض أنواع الأدوية. قد يؤدي انخفاض ضغط الدم إلى الشعور بالدوار والإغماء في بعض الحالات.

4. ضغط الدم المرتفع المؤقت

قد يحدث ارتفاع مؤقت في ضغط الدم نتيجة عوامل خارجية مثل التوتر النفسي أو ممارسة التمارين الرياضية المكثفة أو تناول بعض الأطعمة أو المشروبات. عادةً ما يعود ضغط الدم إلى طبيعته بعد زوال هذه العوامل. في حالة استمرار الضغط المرتفع بشكل مستمر، يصبح من الضروري متابعة الحالة الطبية.

طريقة قياس ضغط الدم

قياس ضغط الدم هو عملية طبية تتم باستخدام جهاز يسمى “مقياس ضغط الدم” أو “الجهاز الهيدروليكي”، وهو يتكون من جزئين رئيسيين هما: الكفة التي توضع حول الذراع ومقياس الضغط. هناك نوعان رئيسيان من أجهزة قياس ضغط الدم: الجهاز الزئبقي والجهاز الإلكتروني.

1. القياس اليدوي (جهاز الزئبق)

يعتبر جهاز الزئبق الأكثر دقة في قياس ضغط الدم، حيث يتطلب عملية احترافية واحتياطات خاصة عند استخدامه. يتطلب هذا الجهاز وضع الكفة حول الذراع، ثم يتم ضخ الهواء في الكفة لرفع الضغط داخل الأوعية الدموية، وعندما يبدأ ضغط الدم في العودة إلى مستويات طبيعية، يتم قياسه باستخدام أنبوب زئبقي يقوم بقياس الضغط بشكل دقيق.

2. القياس الآلي (الجهاز الإلكتروني)

تستخدم أجهزة القياس الإلكترونية مبدأً مشابهًا لقياس الزئبق، ولكنها تعتمد على مستشعرات كهربائية لقياس ضغط الدم. يعتبر هذا النوع من الأجهزة أكثر سهولة في الاستخدام ويوفر نتائج دقيقة وسريعة، مما يجعله أكثر شيوعًا في البيئات المنزلية.

كيفية قياس ضغط الدم بشكل صحيح

لقياس ضغط الدم بشكل صحيح، يجب أن يكون الشخص في وضعية مريحة، ويجب تجنب أي نشاط بدني قبل القياس. إليك خطوات قياس ضغط الدم بدقة:

1. استرخاء الشخص: يجب أن يكون الشخص في وضعية هادئة وراحة لمدة 5-10 دقائق قبل القياس.

2. اختيار الكفة المناسبة: يجب أن تكون الكفة التي تستخدم لقياس الضغط بالحجم المناسب للذراع، حيث يجب أن تغطي حوالي 80% من محيط الذراع.

3. وضع اليد بشكل صحيح: يجب وضع الذراع بشكل مستقيم على مستوى القلب لتجنب قراءات غير دقيقة.

4. القياس باستخدام الجهاز: سواء كان الجهاز الزئبقي أو الإلكتروني، يجب أن يتم الضغط على الكفة بشكل متوازن وتركها تنفجر بشكل تدريجي.

5. تسجيل النتائج: يتم تسجيل القياسين: الانقباضي والانبساطي.

عوامل تؤثر على ضغط الدم

هناك العديد من العوامل التي تؤثر في مستويات ضغط الدم، ومنها:

• الوراثة: تلعب الوراثة دوراً كبيراً في تحديد مدى تعرض الشخص لارتفاع أو انخفاض ضغط الدم.

• العمر: مع تقدم العمر، تزداد احتمالية الإصابة بارتفاع ضغط الدم بسبب تغييرات في الأوعية الدموية.

• النظام الغذائي: تناول الطعام الغني بالملح والدهون يمكن أن يزيد من ارتفاع ضغط الدم.

• الوزن: زيادة الوزن والسمنة يمكن أن تؤدي إلى زيادة الضغط على الأوعية الدموية.

• التمارين الرياضية: النشاط البدني المنتظم يساعد في الحفاظ على ضغط الدم ضمن النطاق الطبيعي.

• التوتر والقلق: الإجهاد النفسي والتوتر العاطفي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في ضغط الدم.

• التدخين: التدخين يعزز من ارتفاع ضغط الدم على المدى الطويل.

أهمية الحفاظ على ضغط الدم الصحي

من المهم الحفاظ على ضغط الدم ضمن المستويات الصحية لتجنب الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية. يمكن تحقيق ذلك من خلال:

• اتباع نظام غذائي متوازن: تناول الطعام منخفض الملح والغني بالخضراوات والفواكه.

• ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد التمارين الرياضية في تحسين الدورة الدموية وتقليل ضغط الدم.

• التحكم في الوزن: الحفاظ على وزن صحي يمكن أن يقلل من الضغط على الأوعية الدموية.

• الابتعاد عن التدخين: يقلل الإقلاع عن التدخين من مخاطر ارتفاع ضغط الدم.

• تقليل التوتر: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق يمكن أن تقلل من مستويات التوتر.

خلاصة

إن ضغط الدم يعد من المؤشرات الصحية الحيوية التي تلعب دوراً رئيسياً في الوظائف الفسيولوجية لجسم الإنسان. من المهم فهم كيفية قياسه والتعرف على أنواعه المختلفة، بالإضافة إلى أهمية الحفاظ على مستوى صحي لضغط الدم. إن اتباع نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة، التمرين المنتظم، والابتعاد عن العوامل المسببة للإجهاد يعد أمراً أساسياً في الوقاية من الأمراض المزمنة المتعلقة بارتفاع أو انخفاض ضغط الدم.