صلاة الجنازة على الطفل

كيفية صلاة الجنازة على الطفل

صلاة الجنازة هي واحدة من أعظم العبادات التي تؤدى في الإسلام لتكريم ووداع المتوفى، وتُعد من حقوق المسلم على المسلم الأخرى التي يجب على المجتمع المسلم أن يؤديها تكريماً للمتوفى وطلباً للرحمة والمغفرة له من الله عز وجل. صلاة الجنازة على الطفل، كغيرها من الصلوات على الموتى، لها أبعاد دينية وعاطفية عميقة، وتستوجب من المؤمنين مراعاة بعض التفاصيل الدقيقة التي تتعلق بالفئة العمرية للمتوفى. في هذا المقال، سنستعرض كيفية أداء صلاة الجنازة على الطفل وأهم أحكامها، مع مراعاة الفروق بين صلاة الجنازة على الطفل وصلاة الجنازة على البالغين.

1. تعريف صلاة الجنازة

صلاة الجنازة هي صلاة تؤدى على الميت من المسلمين قبل دفنه، وتقتصر على الدعاء له بالرحمة والمغفرة. يتم فيها تكبير أربع تكبيرات، وفي كل تكبيرة يتم الدعاء للميت وأسرته ولجميع المسلمين. وتختلف بعض تفاصيل الصلاة بناءً على وضع المتوفى، سواء كان بالغًا أم طفلًا، لكن القاعدة العامة هي أن الصلاة على الجنازة فريضة كفاية، بمعنى أنه إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، ولكن يجب أن يحرص المسلمون على أدائها احترامًا للميت.

2. صلاة الجنازة على الطفل في الشريعة الإسلامية

في الإسلام، يُشترط أداء صلاة الجنازة على الطفل المتوفى، سواء كان ذكراً أو أنثى، وهو أمر مستحب وموصى به في الشريعة الإسلامية. ومن الجدير بالذكر أن الطفل في الشريعة الإسلامية يُعتبر كل من لم يبلغ سن البلوغ، وهو السن الذي يختلف من شخص لآخر، لكن عادةً ما يكون ما بين 9 إلى 15 عامًا حسب الظروف. أما من مات قبل أن يبلغ سن التمييز، أي قبل سن السابعة، فإنه يُعتبر من الأطفال الذين لا يُحملون مسئولية ذنوبهم في الدنيا، ويُعد الموت في هذا العمر مغفرة لهم، وما من شك أن الإسلام يولي اهتمامًا بالغًا لهذه الفئة تحديدًا.

الطفل الذي توفي قبل أن يصل إلى سن التمييز يتمتع برحمة الله عز وجل، ولا يُطالب بفرائض مثل البالغين. ومن هنا فإن صلاة الجنازة على الطفل تعتبر تكريمًا وطلبًا للمغفرة له ولأسرته.

3. أحكام صلاة الجنازة على الطفل

أدلة الشريعة الإسلامية تشير إلى أن صلاة الجنازة على الطفل تلتزم بالقواعد نفسها التي يتم اتباعها في صلاة الجنازة على البالغين، ولكن مع وجود بعض الفروق التي تميز صلاة الجنازة على الطفل. هذه الفروق تشمل:

• تقديم التكبيرات: يتم تكبير أربع تكبيرات في صلاة الجنازة على الطفل، تمامًا كما هو الحال مع البالغ.

• الدعاء: يتم الدعاء في كل تكبيرة، ويشمل الدعاء للميت بالرحمة والمغفرة. في تكبيرة الصلاة الأولى، يُقال: “اللهم اغفر له وارحمه”. في التكبيرة الثانية، يُقال: “اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه”. في التكبيرة الثالثة، يُقال: “اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة”. وفي التكبيرة الرابعة، يُقال: “اللهم اجعلنا من الذين يسيرون على صراطك المستقيم”.

• الأئمة والمصلون: كما في صلاة الجنازة على البالغين، يجب أن يتم أداء الصلاة جماعة، حيث يؤديها الإمام أو أي شخص مؤهل من أهل الميت.

• القبول: يُعتبر من المهم أن يتقبل المؤمنون هذه الفاجعة بروح من الرضا بقضاء الله وقدره، وأن يستحضروا في أنفسهم الدعاء للطفل المتوفى بالرحمة والمغفرة.

4. ما يميز صلاة الجنازة على الطفل

على الرغم من أن صلاة الجنازة على الطفل مشابهة إلى حد كبير لصلاة الجنازة على البالغين، إلا أن هناك بعض النقاط التي تميز هذه الصلاة:

• لا يُدعى للطفل بالثبات على الإسلام: حيث يُقال في صلاة الجنازة على البالغين: “اللهم ثبته عند السؤال”، وهو دعاء يُخص البالغين الذين يُحتمل أن يتعرضوا للسؤال في القبر. لكن الطفل لا يتعرض لهذا النوع من الأسئلة؛ لذلك لا يُقال هذا الدعاء في صلاة جنازته.

• التكبير على الجنازة: يجب أن يتم رفع الجنازة في الصلاة كما هو الحال مع البالغين، ولكن لا يُلزم بأن يكون النعش في وضع عمودي، بل يمكن أن يُنقل الطفل في وضع مستوٍ، حيث أن ذلك يتناسب مع حجم الجثمان الأصغر للطفل.

• الذكر في الصلاة: لا يُذكر في صلاة الجنازة على الطفل أن الميت كان فاسقًا أو عاصيًا كما يُذكر في صلاة الجنازة على البالغين الذين لم يلاقوا الموت وهم في حالة من التقوى. في حالة الطفل، لا يتم ذكر أي من هذه الأمور، لأن الطفل لا يُحاسب على ما لم يعلمه أو يفهمه بعد.

5. كيف يمكن لأهل الطفل التعامل مع وفاة طفلهم؟

وفاة الطفل في الأسرة تعد من أصعب المصائب التي قد تمر على الأب والأم. في الإسلام، يتم تذكير الأهل بأن الله سبحانه وتعالى هو الأرحم، وأنه قد اختار هذا الطفل ليكون من أهل الجنة. لذلك، يجب على أهل الطفل التعامل مع هذه الفاجعة بالصبر والرضا. في السنة النبوية الشريفة، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما من مسلم يموت له ولد، فيحتسبه إلا فتح الله له أبواب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا حتى يدخل والدي، فيقول الله عز وجل: أنت كنت له بابًا، فيؤمر بهما فيدخلان الجنة”.

6. الدعاء للأهل بعد الوفاة

من الجوانب الهامة التي يُحث عليها في صلاة الجنازة على الطفل هو الدعاء لأهل المتوفى. فإن الحزن الذي يعتري الأهل بعد وفاة طفلهم قد يكون عميقًا، وهو يحتاج إلى الدعاء والتعزية المستمرة.

7. الآثار النفسية على الأهل

تعتبر وفاة الطفل من أصعب التجارب النفسية التي يمكن أن يمر بها الأب والأم. يترك فقدان الطفل فجوة عاطفية عميقة، وقد يعانون من مشاعر الحزن والذنب والندم. في هذا السياق، يجب على المجتمع المسلم أن يقدم الدعم الكامل للأهل من خلال التوجيه الديني والنفسي، مساندتهم بالدعاء وذكرهم بحسن جزاء الله وفضله.