صفات جبريل عليه السلام

جبريل عليه السلام هو أحد أعظم الملائكة في العقيدة الإسلامية، وهو المرسل من الله عز وجل ليكون الوسيط بين الله ورسله، وحامل الوحي السماوي إلى الأنبياء والرسل، ومن أبرز الشخصيات السماوية التي ذُكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. تتعدد صفات جبريل عليه السلام، التي تعكس عظمته ومكانته الرفيعة في السماء وبين الملائكة، إضافة إلى دوره الحيوي والهام في تبليغ الرسالات الإلهية. في هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل صفات جبريل عليه السلام من حيث طبيعته، مظهره، أدواره، وخصائصه الفريدة التي تميّزه عن باقي الملائكة.

طبيعة جبريل عليه السلام

جبريل عليه السلام هو ملك من الملائكة، وهذا يعني أنه من مخلوقات الله التي لا تمتلك نفساً ولا جسداً ماديّاً، وإنما خلقه الله من نور، كما جاء في الأحاديث النبوية التي تصف الملائكة بأنهم مخلوقات نورانية خالصة لا تشبه البشر في طبيعتهم أو تركيبهم. الطبيعة النورانية لجبريل تعطيه القدرة على أداء مهامه السماوية بدون أي عوائق مادية، مما يجعله وسيطًا كفؤًا بين العوالم السماوية والأرض.

صفات مادية ومظهر جبريل عليه السلام

ذكر القرآن الكريم والسنة النبوية بعض الصفات التي تعكس مظهر جبريل عليه السلام، والتي وردت في عدة مواضع تبين عظمته وحجمه الهائل:

• عظمه وكبره: ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أن جبريل عليه السلام جاءه على صور متعددة، منها صورته الحقيقية التي كان لها 600 جناح تقريبًا يمتد كل جناح منها من المشرق إلى المغرب. وهذا يشير إلى ضخامة جبريل وجلاله الشديد، حيث إن امتداد جناحيه من المشرق إلى المغرب يعكس مدى عظمة الخلق الذي خلقه الله له.

• شكلته المتعددة: يأتي جبريل عليه السلام بأشكال مختلفة حسب الموقف والغرض، أحيانًا يظهر في هيئة إنسان عادي، وأحيانًا في صورته المهيبة التي تملأ السماء.

• نور وجهه: يُعتقد أن جبريل عليه السلام مخلوق من نور يشع جلالاً وجمالاً، لا يشبه المخلوقات المادية التي نعرفها.

صفات أخلاقية وروحية لجبريل عليه السلام

تتسم شخصية جبريل عليه السلام بصفات أخلاقية وروحية فائقة، جعلته الملاك الأمين على توصيل رسالة الله إلى رسله، وهي صفات عالية جداً:

• الصدق والأمانة: جبريل عليه السلام هو الأمين على الوحي، ينقل كلام الله بدقة دون زيادة أو نقصان. والصدق في التبليغ من أهم صفاته التي تثبت أمانته وموثوقيته في أداء المهمة السماوية.

• العلم الكامل: يحمل جبريل معرفة وعلماً من عند الله عز وجل، فهو حامل أسرار الله وتعاليمه، وعلمه لا حدود له فيما يتعلق بالرسالات الإلهية والآيات التي ينقلها.

• الإخلاص التام: ينفذ جبريل أمر الله بلا أي تردد أو تأخير، فهو مثال للتفاني والإخلاص في تنفيذ الأوامر الإلهية مهما كانت صعبة أو عظيمة.

• الرحمة والرفق: رغم قوته وعظمته، إلا أن جبريل يتمتع بروح رحيمة تجاه الأنبياء والرسل، ويساعدهم في أوقات الشدة، كما حدث مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين دعمه في غزواته ومواده الدعوية.

أدوار جبريل عليه السلام في الدين الإسلامي

جبريل عليه السلام له أدوار متعددة ومهمة جداً في التاريخ الإسلامي وفي عقيدة المسلمين، ومن هذه الأدوار:

• حامل الوحي: هو الذي نزل بالقرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ينقل كل آيات الله وتعاليمه، وهذه المهمة تبرز مكانته الكبرى كوصي بين الله والرسول.

• مبشر ومنذر: كان جبريل يبلّغ الرسل بالرسائل الجديدة، ويحثهم على الدعوة ويواسيهم، ويحذر من العذاب والعقاب، وهو بذلك يساهم في إنجاح رسالة الله.

• معين للأنبياء: يمد جبريل الأنبياء والرسل بالقوة والدعم في أوقات المحن، فقد شهد له النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ساعده في معارك كثيرة كغزوة بدر وأحد، إذ كان يمده بالقوة والمعنويات.

• رقيب على أعمال الخلائق: حسب بعض الروايات الإسلامية، يشارك جبريل في مراقبة أعمال البشر وتسجيلها، فيساعد في حفظ العدل الإلهي.

قدرات جبريل عليه السلام الخارقة

بسبب طبيعة جبريل عليه السلام كملك نوراني، له قدرات خارقة غير محدودة مقارنة بالبشر، منها:

• الانتقال الفوري: يستطيع جبريل التنقل بين السماوات والأرض بسرعة فائقة، حيث لا تقتصر حركته على حدود المكان والزمان كبقية المخلوقات.

• تحويل الهيئة: يمتلك القدرة على تبديل مظهره إلى عدة أشكال حسب الحاجة، سواء شكل إنسان أو مخلوق نوراني.

• الصوت والحديث: له القدرة على مخاطبة الأنبياء والرسل بأصوات مختلفة تصل إلى قلوبهم بوضوح، وهو ما جعل تلقي الوحي ممكناً وميسراً.

جبريل عليه السلام في القرآن الكريم والسنة النبوية

ذُكر جبريل عليه السلام في القرآن الكريم بصورة مباشرة وغير مباشرة، وتم توثيق صفاته وأدواره في العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة:

• قال تعالى: “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰٓ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ” (النجم: 3-4)، في إشارة إلى جبريل عليه السلام حين يبلّغ الوحي للنبي محمد.

• كما ذكر الله تعالى: “الْمَلَكُ الرَّئِيسُ بِالْأَوْحَىٰٓ” (النجم: 13)، في إشارة إلى جبريل كملك رئيس يحمل الوحي.

• الحديث النبوي الذي رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال إن جبريل جاء للنبي محمد في صورته الحقيقية، وكانت له ست مئة جناح يمتد جناح كل منها من المشرق إلى المغرب.

• حديث جبريل عليه السلام الذي ورد في صحيح مسلم، حين جاء النبي محمد في صورة رجل وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة، وهذا الحديث يبرز دوره التعليمي والارشادي.

جدول يوضح بعض صفات جبريل عليه السلام

أهمية جبريل عليه السلام في العقيدة الإسلامية

يُعتبر جبريل عليه السلام ركيزة أساسية في الإسلام؛ إذ لا يمكن تصور رسالة الله للإنسانية بدون وسيط يُنقل عن طريقه الوحي. دوره أكبر من مجرد نقل الكلام؛ فهو داعم ومساند للرسل، وموصل بين عالم الغيب وعالم البشر. وبفضل صفاته التي تتميز بالأمانة والعلم والإخلاص، استطاع أن يكون مثالاً في تنفيذ إرادة الله بلا أي عائق، مما يجعل الإيمان به ركنًا من أركان العقيدة الإسلامية.

في النهاية، يبقى جبريل عليه السلام علامة على العظمة الإلهية في خلق المخلوقات السمائية، ودليلًا على حكمة الله في اختيار من ينقل رسالته للعالمين بأكملهم، مستوفيًا بكل صفات الكمال في الأداء والتسليم والوفاء.

المراجع:

• القرآن الكريم.

• صحيح مسلم، كتاب الإيمان، حديث جبريل عليه السلام.

• تفسير الطبري، تفسير ابن كثير.