صفات الله عز وجل الكاملة

صفات الله عز وجل: فهم شامل وعميق

إن صفات الله عز وجل من أعظم المواضيع التي يمكن للإنسان أن يتأمل فيها، فكل صفة من صفات الله تحمل في طياتها معانٍ عميقة ودلالات كبيرة تتعلق بجوهر هذا الإله العظيم الذي لا إله إلا هو. إن صفات الله تندرج تحت ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهي مليئة بالدلالات التي تعكس عظمة الله وكماله.

سوف نتناول في هذا المقال صفات الله عز وجل بالتفصيل، ونشرح كل صفة على حدة، مع تقديم الأمثلة والآيات القرآنية التي تدل عليها، وكيف يجب على المؤمن أن يتفاعل معها في حياته اليومية.

1. صفة الوجود والقدم

الله عز وجل هو الوجود الأول، الذي لا يسبقه وجود، ولا يلحقه فناء. هو الحي القيوم، الذي لا يتوقف وجوده ولا يتأثر بالزمن. يقال عنه في القرآن الكريم: “اللَّهُ لَا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ” (آل عمران: 2). هذه الصفة تدل على أن الله عز وجل ليس له بداية ولا نهاية، ولا يتأثر بأي عامل زمني أو مكاني. هو الأوّل بلا بداية، والآخر بلا نهاية.

2. صفة الألوهية

الله سبحانه وتعالى هو الواحد الأحد، الذي لا شريك له، ولا نظير له. الألوهية هي الصفة التي تتفرد بها الذات الإلهية عن غيرها من المخلوقات، فهو سبحانه وتعالى وحده الذي يستحق العبادة. يقول تعالى في كتابه الكريم: “اللَّهُ لا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ” (التوحيد: 1). ويُعبّر عن هذه الصفة بإثبات أن الله لا شريك له في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه.

3. الرحمة

الرحمة هي من أبرز صفات الله عز وجل، وهي صفة تتجلى في كل أمر من أمور الخلق. رحمة الله لا تُحدّ ولا تُعدّ، فهي تشمل كل شيء في الكون، من رحمته بالنبات والحيوان إلى رحمة الناس بعضهم ببعض. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ” (الأعراف: 156). وهي صفة تشمل المغفرة والعفو، بحيث أن الله يغفر الذنوب ويقبل التوبة.

4. العلم

الله عز وجل هو العليم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. علمه محيط بكل شيء، سواء كان ظاهراً أو باطناً. يذكر القرآن الكريم هذه الصفة في عدة آيات، مثل قوله: “إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (البقرة: 282). علم الله لا يحده زمان ولا مكان، ولا يمكن للإنسان أن يدرك مدى اتساعه أو عمقه.

5. القدرة

الله عز وجل هو القادر على كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. قدرته لا تقتصر على خلق الكون فحسب، بل تشمل كل شيء موجود أو ممكن. يقول الله تعالى: “إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” (يس: 82). وهذه القدرة المطلقة هي دليل على عظمة الله وكماله، ولا يمكن مقارنة قدرة الله بقدرة أي مخلوق.

6. الحياة

الله عز وجل هو الحي الذي لا يموت، وهذا يشمل جميع صفات الحياة من الوجود الدائم والفاعلية في كل أمر من أمور الكون. الحياة التي يمتلكها الله ليست حياة مخلوق، بل هي حياة أزلية وأبدية، كما قال في كتابه: “اللَّهُ لَا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ” (آل عمران: 2). حياة الله لا تتأثر بالموت أو الفناء، بل هي حياة كاملة لا يعتريها أي نقص.

7. السمع والبصر

الله سبحانه وتعالى هو السميع البصير، لا يخفى عليه شيء من أصوات المخلوقات ولا من أحوالهم. يقول الله تعالى في القرآن: “إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” (النساء: 58). هذه الصفة تدل على أن الله يسمع كل الأصوات، حتى لو كانت خفية أو غير مسموعة للأذن البشرية، ويرى كل شيء حتى لو كان في أدق تفاصيل الكون.

8. العدالة

الله عز وجل هو العادل الذي لا يظلم أحدًا، وهو الحكم العادل بين عباده يوم القيامة. يقول تعالى في كتابه الكريم: “إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” (النساء: 41). عدالة الله تشمل حكمه في الدنيا والآخرة، حيث يوزع الجزاء والعدل بما يحق للإنسان.

9. الحكمة

الله عز وجل هو الحكيم، الذي لا يفعل شيئًا إلا لحكمة بالغة، قد تظهر لنا أو لا تظهر. كل أمر من أوامره، سواء كان في الخلق أو التشريع أو التدبير، يحمل في طياته حكمة عظيمة لا يحيط بها إلا الله. يقول تعالى في سورة آل عمران: “إِنَّ اللَّـهَ حَكِيمٌ خَبِيرٌ” (آل عمران: 19).

10. المغفرة

الله عز وجل هو الغفور، الذي يغفر الذنوب ويستر العيوب. هذه الصفة تدل على سعة رحمة الله، وتفتح باب الأمل للمذنبين أن يتوبوا إليه ويستغفروه. يقول الله تعالى: “إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (المائدة: 74). المغفرة من الله تشمل كل الذنوب، إلا الشرك بالله، وهو ما نراه في قوله: “إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا” (الزمر: 53).

11. الملك

الله هو المالك الحقيقي لكل شيء في هذا الكون. لا يملك أحد غيره شيء، وكل ما في السموات والأرض هو ملكه. كما ورد في قوله تعالى: “لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” (آل عمران: 189). الملك في يد الله وحده، وكل شيء خاضع لمشيئته.

12. التقديس

الله سبحانه وتعالى متقدس عن كل نقص أو عيب، وهو طاهر من كل شيء لا يليق بجلاله. يصفه القرآن بأنه “الْقُدُّوسُ” (الجمعة: 1)، أي أنه الطاهر الذي لا يتصف بأي صفات نقص أو عيب، ولا يشبهه شيء من مخلوقاته.

13. الجلال والجمال

الله عز وجل هو ذو الجلال والجمال، حيث يتصف بجمال لا حدود له وجلال لا نهاية له. جماله في صفاته وأسمائه وأفعاله، وجلاله في عظمته وسلطانه. يتجلى هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله: “وَجَلَّ جَلالُهُ” (الحشر: 23).

14. التعالي عن الشبيه

الله عز وجل لا يشبهه شيء في الأرض ولا في السماء. لا يدركه البصر، ولا تحده الحدود، ولا يمكن لأي مخلوق أن يكون له شبيه. يقول الله تعالى: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ” (الشورى: 11).

15. الفتاح

الله سبحانه وتعالى هو الفتاح الذي يفتح أبواب الرزق والخير والبركة لعباده. يفتح قلوب المؤمنين للعلم والعمل الصالح، ويُفتح لهم أبواب النجاح والبركة. “الْفَتَّاحُ” (ص: 26) هو أحد أسماء الله الحسنى، وهو الذي ينقض الظلمات ويُحقق الأمنيات.

16. السطوة

الله عز وجل هو صاحب السطوة والقوة البالغة التي لا يعجزها شيء. لا يقف أمام قدرته شيء، ولا يرده أمره.

الختام:

إن صفات الله عز وجل هي أساس معرفة الإنسان لربه وتعميق علاقته به. فكلما ازداد الإنسان في فهم هذه الصفات، ازداد حبًا لله، وتعظيمًا لقدرته وعظمته. إن التأمل في صفات الله هو طريق المؤمن للاقتراب من خالقه والتفاعل مع هذه الصفات في حياته اليومية، مما يؤدي إلى سعادة الدنيا والآخرة.