في كتاب “صعود الفالكانز: تاريخ مجلس حرب بوش”، يقدم الكاتب جيم مان مسارًا مثيرًا للتأمل في تطور السياسة الخارجية الأمريكية على مدى ثلاثة عقود، من خلال استعراض حياة ومسيرة الستة القادة البارزين الذين شكلوا النواة الصلبة لإدارة بوش للحرب. بمهارة متناهية، يقدم مان رؤية شاملة للتأثيرات والتحديات التي شكلت سياسات هؤلاء القادة، وتفاعلاتهم الداخلية والخارجية، والأفكار التي قادتهم إلى اتخاذ القرارات الهامة التي غيّرت وجه العالم.
عندما أطلق جورج دبليو بوش حملته الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة، كانت خبرته في السياسة الخارجية محدودة لدرجة أنه لم يتمكن من تذكر اسم الرئيس الباكستاني وأشار في لحظة من اللحظات إلى أنه يعتقد أن حركة طالبان هي فرقة روك آند رول. لكنه اعتمد على مجموعة تسمى الفالكانز – دائرة داخلية من المستشارين ذوي الخبرة الطويلة في الحكومة، تعود تاريخها إلى إدارات نيكسون، فورد، ريغان، وبوش الأول. كان من المتوقع على نطاق واسع أن يعيد الفالكانز تشكيل سياسة الخارجية الأمريكية إلى ما كانت عليه في عهد جورج بوش الأب والإدارات الجمهورية السابقة. بدلاً من ذلك، قام الفالكانز بوضع أمريكا على مسار جديد تمامًا، باعتماد مجموعة من الأفكار الواسعة النطاق التي غيّرت العالم ودور أمريكا فيه.
يستعرض الكتاب بدقة تاريخًا لمدة خمسة وثلاثين عامًا لستة أعضاء كبار في الفالكانز – ديك تشيني، دونالد رامسفيلد، كولن بول، بول وولفويتز، ريتشارد أرميتاج، وكوندوليزا رايس – والعصر الذي يمثلونه من الهيمنة الأمريكية. إنها قصة حياة وأفكار ومسيرات وزراء الحرب في بوش – المجموعة من الأشخاص داخل واشنطن الذين تولوا إدارة استجابة أمريكا للحادي عشر من سبتمبر وقادوا الأمة إلى حروبها في أفغانستان والعراق. على حدة، تسلط كل هذه القصص الضوء على التأثيرات الشخصية التي جلبت هؤلاء القادة الناشئين من الغموض إلى قمة السلطة، بالإضافة إلى التجارب والصراعات والمنافسات التي سبقت أفعالهم على المسرح العالمي الحالي. ومعًا، يمثل الأفراد في هذا الكتاب جيلًا فريدًا في تاريخ أمريكا – جيل قد يقارن بـ “الرجال الحكماء” الذين شكلوا سياسة أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية أو “الأفضل والألمع” الذين نفذوا الحرب في فيتنام. على مدى الثلاثة عقود الماضية، منذ عهد فيتنام، قاد هؤلاء الأفراد تدريجياً الطريق نحو صياغة رؤية جديدة لأمريكا لا تقهر تسعى إلى السيطرة على العالم من خلال قوتها العسكرية.
وبهذه الطريقة، يقدم كتاب “صعود الفالكانز” للقارئ تحليلاً ممتعًا وشاملاً للتحولات الكبرى في السياسة الخارجية الأمريكية، ويسلط الضوء على دور الشخصيات الرئيسية في تشكيل هذه السياسات وتوجيه القوى العظمى للأمة.