أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية هي صحابية جليلة شهدت بيعة النساء هي وابنتها، وهي تُعتبر من أبرز الشخصيات النسائية في صدر الإسلام لما أبدته من شجاعة وبسالة في المعارك والحروب التي خاضتها إلى جانب النبي محمد صلى الله عليه وسلم. 
لنستعرض سيرتها ومواقفها المشرّفة بالتفصيل:
نشأتها
ولدت أم عمارة نسيبة بنت كعب في يثرب (المدينة المنورة) ضمن قبيلة الخزرج من بطن بني النجار. تعد هذه القبيلة من أبرز القبائل التي سكنت يثرب قبل الإسلام، ولها صلات قرابة وثيقة بعبد المطلب بن هاشم جد النبي محمد. لا يُعلم الكثير عن والديها، فبينما لا تُذكر تفاصيل مؤكدة حول إسلام أبيها كعب بن عمرو، تشير بعض المصادر إلى أن أمها الرباب بنت عبد الله بن حبيب قد أسلمت وشاركت في غزوة أحد إلى جانب ابنتها، حيث قامت بتضميد جراح نسيبة في تلك المعركة.
أسرتها
تزوجت أم عمارة من زيد بن عاصم الأنصاري، وهو من الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة وبدر وأحد. أنجبت له حبيب وعبد الله. حبيب شهد بيعة العقبة وغزوات النبي محمد، وقد بعثه النبي إلى مسيلمة الكذاب فقطّعه حتى مات لما رفض الاعتراف بنبوة مسيلمة. أما عبد الله فقد أجهز على مسيلمة في معركة اليمامة بعد أن رماه وحشي بن حرب. بعد وفاة زيد، تزوجت أم عمارة غزية بن عمرو الأنصاري، وهو أيضًا ممن شهد بيعة العقبة وأحد، وأنجبت له ضمرة الذي قتل في موقعة الجسر. ولها ولد آخر يدعى تميم، يُختلف في نسبته إلى زيد بن عاصم أم إلى غزية بن عمرو.
سيرتها
كانت أم عمارة من أوائل من دخلوا في الإسلام في يثرب، وشاركت في بيعة العقبة الثانية، وهي البيعة التي أسست للهجرة وللنصرة. حينما هاجر النبي محمد إلى المدينة، أصبحت أم عمارة من أبرز النساء المشاركات في نشر الإسلام.
غزوة أحد
شاركت في غزوة أحد مع زوجها غزية وابنيها، وكانت تسقي الجرحى وتضمد جراحهم، لكنها لما رأت النبي في خطر، أمسكت بسيف وقاتلت بجانبه وأبلت بلاءً حسنًا. أصيبت بعدة جراحات، ودعا لها النبي بأن يكونوا رفقاءه في الجنة.
باقي الغزوات
لم تتوقف مشاركتها عند أحد، بل استمرت في دعم المسلمين في غزواتهم. شاركت في غزوة بني قريظة وخيبر، وأدت عمرة الحديبية مع المسلمين. شهدت بيعة الرضوان حيث بايع المسلمون النبي تحت الشجرة، وكانوا يعتقدون أن عثمان بن عفان قد قُتل، فبايعوا النبي على الموت.
معركة حنين
في معركة حنين، بعد فتح مكة، واجه المسلمون هجومًا مباغتًا من هوازن، وفرّ معظم الجيش. كانت أم عمارة من بين القلة التي ثبتت وصرخت في الأنصار: «أيَّة عادة هذه؟! ما لكم وللفِرار؟!» مما أعاد الروح القتالية للمسلمين.
حروب الردة
في حروب الردة، قاتلت أم عمارة في معركة اليمامة ضد مسيلمة الكذاب، وشاركت بفعالية رغم كبر سنها. أصيبت بجراح عديدة وقُطعت يدها، لكنها استمرت في القتال حتى نهاية المعركة. بعد المعركة بعث خالد بن الوليد لها بطبيب لعلاج جراحها.
وفاتها
توفيت أم عمارة في خلافة عمر بن الخطاب متأثرة بجراحها، ودفنت في البقيع. كانت حياتها نموذجًا للشجاعة والبسالة والإخلاص في سبيل الله، وتعد سيرتها مصدر إلهام للعديد من النساء والرجال على حد سواء.
ملاحظة
ويقول البعض أن الصحابية تدعى أم سلمة بنت أبي أمية، شهدت بيعة النساء هي وابنتها. وقد كانت أم سلمة من النساء الأربع اللواتي شهدن بيعة النساء، وهي البيعة التي جرت بين المسلمين والمسلمات في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد تم بيع النساء بعد غزوة بني النضير، حيث تم أسر عدد من النساء من قبل المسلمين. وقد شهدت أم سلمة هذا الحدث مع ابنتها فاطمة بنت أبي أمية.
