حساب الزكاة

شروط الزكاة في الحبوب والثمار

شروط وجوب الزكاة في الحبوب والثمار

الزكاة من أركان الإسلام الأساسية التي تفرض على المسلم إيتاء جزء من ماله للفقراء والمحتاجين، وهي وسيلة تطهير للنفس وللمال، وهي فرض على كل مسلم بالغ عاقل يمتلك مالاً يحقق شروط النصاب. لكن الزكاة في الحبوب والثمار تتميز بشروط معينة تتعلق بكل من المحصول الزراعي والنباتات التي ينتجها الإنسان.

الزكاة في الحبوب والثمار هي زكاة الزرع، وتهتم بتحديد الوقت الذي يجب فيه إخراج الزكاة عن المحصول الزراعي وكيفية حساب الزكاة في المحاصيل المختلفة. وهذه الزكاة مفروضة على الأرض الزراعية التي يزرعها المسلم بنية الحصول على محصول يقوم بإخراجه لتغطية احتياجاته أو بيعه.

أولاً: التعريف بالزكاة في الحبوب والثمار

تتعلق الزكاة في الحبوب والثمار بالمنتجات الزراعية التي يتم حصادها من الأرض. وهي نوع من الزكاة المفروضة على الزرع، ويشمل ذلك المحاصيل التي يتم تخزينها للاستهلاك أو البيع، مثل القمح، والشعير، والتمر، والزيتون، وغير ذلك من أنواع الثمار والمحاصيل الزراعية التي يُنتجها الإنسان.

تستند الزكاة في الحبوب والثمار إلى نصوص شرعية وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث جاء في الحديث الشريف: “فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر”، وفي هذا إشارة واضحة إلى مقدار الزكاة في المحاصيل الزراعية التي تسقى بالمطر أو الماء الطبيعي.

ثانياً: شروط وجوب الزكاة في الحبوب والثمار

قبل أن تفرض الزكاة على الحبوب والثمار، يجب أن تتوفر عدة شروط من أهمها:

1. النصاب

النصاب هو الحد الأدنى من المال الذي يجب أن يملكه المسلم لكي تجب عليه الزكاة. بالنسبة للحبوب والثمار، فإن النصاب يختلف حسب نوع المحصول وطرق ري الأرض. ففي الغالب، يُحدد النصاب في الحبوب والثمار بما يعادل خمسة أوسق.

  • الوسق: هو مقياس من المقاييس القديمة، ويُقدّر بساعة من حجم المحصول، أي ما يعادل حوالي 60 صاعًا أو 600 كيلوغرام تقريبًا.

  • وبذلك، فإن المحصول الذي يصل إلى هذا النصاب أو يتجاوز هذا المقدار، يجب على صاحبه إخراج الزكاة.

2. الملك الكامل للمحصول

يشترط في المحصول الزراعي الذي يتم إخراج الزكاة عنه أن يكون ملكًا كاملاً للمسلم، وأن يكون المحصول قد نضج ووصل إلى مرحلة الحصاد. بمعنى أنه لا يجب إخراج الزكاة عن المحاصيل التي لم تكتمل أو التي تلفت قبل الحصاد.

3. تمام الحصاد والنضج

يشترط أن يصل المحصول الزراعي إلى مرحلة النضج الكامل، أي أن الثمار أو الحبوب قد اكتملت وأصبحت صالحة للحصاد. فإذا كان المحصول غير مكتمل أو لم يُحصد بعد، فلا تجب الزكاة.

4. القدرة على الحفظ أو التخزين

من الشروط المهمة في الزكاة في الحبوب والثمار أن يكون صاحب المحصول قادرًا على حفظه أو تخزينه بعد الحصاد، بحيث لا يتلف المحصول بسرعة. هذه النقطة تعني أن الزكاة تجب على المحصول الذي يتم تخزينه لفترة، فلا تجب الزكاة على الحبوب أو الثمار التي تتلف فورًا بعد الحصاد.

5. أن يكون المحصول في الأرض

إذا كان المحصول قد خرج من الأرض وأصبح موجودًا على الأرض أو في مكان الحفظ، فإن الزكاة تجب عليه، ولكن لو تم سحب المحصول من الأرض قبل اكتمال النمو أو بعد استهلاكه فلا تجب الزكاة.

6. وجود الماء الطبيعي أو السماوي

إذا كانت الأرض تسقى بالمطر أو الماء الطبيعي، فإن الزكاة في الحبوب والثمار تكون بنسبة العشر (10%) من إجمالي المحصول. أما إذا كانت الأرض تسقى باستخدام النضح أو الري الصناعي، فإن الزكاة تكون بنسبة نصف العشر (5%). وهذا يتعلق بالطريقة التي يتم بها ري الأرض ومدى توفير تكاليف الري.

7. المقدار

من أهم الشروط الأخرى التي يجب توافرها لوجوب الزكاة في المحاصيل الزراعية هو أن يكون المحصول قد بلغ الحد الأدنى من المقدار الذي يفرض الزكاة عليه. فإذا كانت المحاصيل أقل من النصاب أو كانت الزراعة محدودة في مقدارها بحيث لا تبلغ الحد المطلوب، فإن الزكاة لا تجب.

ثالثاً: مقدار الزكاة في الحبوب والثمار

تختلف نسبة الزكاة في المحاصيل الزراعية بناءً على الطريقة التي يتم بها ري الأرض:

  1. الري بالمطر أو الماء الطبيعي: إذا كانت الأرض تسقى بالمطر أو بواسطة منابع مياه طبيعية دون تدخل بشري كبير، فإن الزكاة في المحصول تكون بمقدار العشر (10%) من إجمالي المحصول.

  2. الري بالنضح أو الري الصناعي: إذا كانت الأرض تسقى باستخدام الوسائل الصناعية أو الري الصناعي، فإن الزكاة تكون بنصف العشر (5%) من إجمالي المحصول.

رابعاً: طريقة حساب الزكاة

يتم حساب الزكاة في الحبوب والثمار بناءً على مقدار المحصول الذي تم حصاده، ونوع الري المستخدم، بحيث يُنقَص المبلغ من الحصيلة الإجمالية للمحصول بناءً على النسبة المحددة. إذا كان المحصول قد بلغ النصاب وكان قد نضج تمامًا، يتم إخراج الزكاة على النحو التالي:

  • إذا كان الري طبيعيًا: يتم إخراج 10% من المحصول.

  • إذا كان الري صناعيًا: يتم إخراج 5% من المحصول.

يتم حساب ذلك من مجموع الحبوب أو الثمار التي يتم حصادها، ثم يُخرج المزارع الزكاة نقدًا أو عينيًا، حسب ما يتراءى له ووفقًا للعرف المحلي.

خامساً: الحالات التي لا تجب فيها الزكاة

هناك بعض الحالات التي لا تجب فيها الزكاة على المحاصيل الزراعية، من أهمها:

  1. الزراعة على الأرض غير المملوكة: إذا كانت الأرض التي تزرع عليها المحاصيل ليست ملكًا للمزارع، أو إذا كانت الأرض مستأجرة بحيث لم يملك المزارع المحصول بالكامل، فإن الزكاة لا تجب في هذه الحالة.

  2. المحاصيل التي لم تكتمل: كما تم الإشارة سابقًا، فإن الزكاة لا تجب على المحاصيل التي لم تبلغ مرحلة النضج أو الحصاد.

  3. الزراعة الصغيرة جدًا: إذا كانت الزراعة غير كبيرة أو لا تصل إلى النصاب المحدد، فلا تجب الزكاة عليها.

سادساً: أثر الزكاة في الحبوب والثمار

للزكاة في الحبوب والثمار فوائد عظيمة على المستوى الفردي والاجتماعي. فهي تعتبر من وسائل التطهير للمال والنفس، وتساعد في توزيع الثروات بشكل عادل بين أفراد المجتمع. كما أن إخراج الزكاة من المحاصيل الزراعية يعزز التكاتف الاجتماعي ويؤدي إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية لدى المزارعين والمجتمع بشكل عام.

سابعاً: الختام

في النهاية، تعد الزكاة في الحبوب والثمار من المفاهيم المهمة في الإسلام، ويجب على المسلم أن يلتزم بها بالشكل الذي يتوافق مع شروطها وأحكامها التي حددها الشرع.