أنواع إفرازات الحمل: دليل شامل للتغيرات المهبلية خلال فترة الحمل

تمر المرأة خلال فترة الحمل بسلسلة معقدة من التغيرات الجسدية والهرمونية، تؤثر على مختلف أعضاء وأنظمة الجسم، ومن أهم هذه التغيرات تلك التي تحدث في الجهاز التناسلي، لاسيما المهبل وعنق الرحم. وتُعد الإفرازات المهبلية من العلامات الشائعة والمستمرة خلال فترة الحمل، حيث تلاحظ معظم النساء تغيرات في نوعية وكثافة وكمية الإفرازات المهبلية، والتي تختلف في كل مرحلة من مراحل الحمل. هذه الإفرازات قد تكون طبيعية وتُعد علامة على صحة الحمل، لكنها في أحيان أخرى قد تشير إلى وجود اضطرابات أو عدوى تستوجب التدخل الطبي.

أولاً: الأسباب الفسيولوجية لزيادة الإفرازات خلال الحمل

تعزى الزيادة في كمية الإفرازات المهبلية خلال الحمل إلى عوامل هرمونية وأخرى تتعلق بالتهيئة البيولوجية للجهاز التناسلي. من أبرز هذه العوامل:

• ارتفاع مستوى هرمون الإستروجين: هذا الهرمون يلعب دورًا أساسيًا في تنشيط الغدد الموجودة في عنق الرحم والمهبل لإنتاج المزيد من الإفرازات.

• زيادة تدفق الدم إلى منطقة الحوض: مع تقدم الحمل، يزداد حجم الدم في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة تدفق الدم إلى المهبل والأعضاء التناسلية، ما يعزز من إفراز السوائل.

• الدور الوقائي: تعمل الإفرازات المهبلية كآلية دفاع طبيعية للجسم ضد العدوى، من خلال الحفاظ على التوازن البكتيري والـ pH داخل المهبل ومنع دخول الميكروبات الضارة.

ثانياً: أنواع الإفرازات المهبلية خلال الحمل

1. الإفرازات البيضاء أو الشفافة (Leukorrhea)

وهي الإفرازات الأكثر شيوعًا خلال الحمل، وتبدأ في الظهور مبكرًا، حتى قبل أن تعلم المرأة بأنها حامل.

• اللون: أبيض حليبي أو شفاف.

• الملمس: مائي أو لزج قليلاً، وغير متكتل.

• الرائحة: خفيفة أو عديمة الرائحة.

• السبب: تغيرات هرمونية تؤدي إلى زيادة إنتاج المخاط الطبيعي.

تُعد هذه الإفرازات طبيعية تمامًا ولا تشير إلى وجود أي عدوى إذا لم تكن مصحوبة بحكة أو رائحة كريهة أو تغير في اللون.

2. الإفرازات السميكة البيضاء (الإفرازات المخاطية)

غالبًا ما تظهر في المراحل الأخيرة من الحمل، وهي مؤشر على اقتراب موعد الولادة، حيث يشير البعض منها إلى انفصال السدادة المخاطية التي تغلق عنق الرحم.

• اللون: أبيض أو مائل للبياض.

• الملمس: كثيف ومخاطي.

• التوقيت: في الثلث الثالث من الحمل، خاصةً قبل الولادة بأيام.

عادةً ما تكون هذه الإفرازات طبيعية، لكن في حال احتوائها على كميات كبيرة من الدم أو كانت مصحوبة بتقلصات شديدة، فقد تكون علامة على بدء المخاض.

3. الإفرازات الوردية أو البنية

تشير هذه الإفرازات غالبًا إلى وجود كميات صغيرة من الدم، وتظهر عادةً في مراحل مختلفة من الحمل، ولها دلالات متعددة تعتمد على التوقيت والسياق.

• الإفرازات الوردية: قد تظهر في بداية الحمل نتيجة انغراس البويضة في الرحم، أو قرب موعد الولادة.

• الإفرازات البنية: ناتجة عن خروج دم قديم من الرحم أو عنق الرحم.

ينبغي تقييم هذه الإفرازات بعناية، خاصةً إذا كانت مصحوبة بألم أو تقلصات أو نزيف شديد.

4. الإفرازات الصفراء أو الخضراء

غالبًا ما تدل هذه الإفرازات على وجود عدوى بكتيرية أو فطرية.

• اللون: أصفر، أخضر، أو مائل للرمادي.

• الرائحة: كريهة وغير معتادة.

• الملمس: رغوي أو متكتل.

• الأعراض المصاحبة: حكة، حرقة عند التبول، رائحة نفاذة، تهيج في المهبل.

أمثلة على العدوى التي تسبب هذه الإفرازات:

• داء المشعرات (Trichomoniasis): عدوى منقولة جنسيًا تسبب إفرازات رغوية خضراء ورائحة كريهة.

• العدوى البكتيرية المهبلية: مثل التهاب المهبل البكتيري الذي يؤدي إلى إفرازات رمادية ذات رائحة قوية.

• عدوى فطرية (الكانديدا): تؤدي إلى إفرازات بيضاء متكتلة شبيهة بالجبن، مصحوبة بحكة شديدة.

5. الإفرازات الدموية أو النزيف

يُعد النزيف من المهبل خلال الحمل أمرًا مقلقًا ويجب تقييمه فورًا، إذ قد يكون ناتجًا عن:

• انغراس البويضة (نزيف الانغراس): في بداية الحمل ويكون خفيفًا.

• الإجهاض: خاصة في الثلث الأول، يكون مصحوبًا بآلام شديدة ونزيف غزير.

• المشيمة المنزاحة أو انفصال المشيمة: في مراحل متقدمة وقد يكون خطيرًا على حياة الجنين والأم.

6. الإفرازات المائية أو الشفافة جدًا بكمية كبيرة

في بعض الحالات، قد تكون هذه الإفرازات مؤشرًا على تمزق كيس الحمل، خاصة إذا كانت بكميات كبيرة ولا يمكن السيطرة عليها.

• السبب: تمزق الأغشية الأمينوتية المحيطة بالجنين.

• الوقت: غالبًا في أواخر الحمل، لكن في بعض الأحيان قد يحدث تمزق مبكر.

ينبغي مراجعة الطبيب فورًا في حال الشك بتسرب السائل الأمنيوسي، لأنه يستلزم عناية طبية عاجلة.

ثالثاً: الفروقات بين الإفرازات الطبيعية وغير الطبيعية خلال الحمل

رابعاً: الإفرازات في كل مرحلة من مراحل الحمل

الثلث الأول (من الأسبوع 1 إلى 12)

• يلاحظ