تقوس الظهر: مرض شيرمان

تقوس الظهر عند المراهقين: مرض شيرمان (Scheuermann’s Disease)

يعد مرض شيرمان أو تقوس الظهر عند المراهقين أحد الاضطرابات الشائعة التي تؤثر على العمود الفقري وتسبب تحديات صحية تتفاوت بين درجاتها. يشتهر هذا المرض بتسبب انحناء غير طبيعي في العمود الفقري، مما قد يؤدي إلى حدوث تقوس واضح في الجزء العلوي من الظهر. يكثر هذا النوع من التقوس عند الفتيان في سن المراهقة، وتظهر أعراضه غالبًا بين سن 10 و 16 عامًا.

ما هو مرض شيرمان؟

مرض شيرمان، والذي يعرف أيضًا بتقوس الظهر الهيكلي أو التقوس الفقري الشوكي، هو حالة تتسبب في تشوه في شكل العمود الفقري لدى الأطفال والمراهقين. يحدث عندما تتراكم تغييرات هيكلية في الفقرات، ما يؤدي إلى انحناء غير طبيعي في العمود الفقري. يتميز المرض بحدوث انحناء شديد في العمود الفقري في المنطقة الصدرية، مما يسبب بروز الظهر بشكل ملحوظ.

عادةً ما يظهر المرض عند بداية سن المراهقة، حيث يتزامن مع مرحلة نمو العظام السريع. يُعتقد أن الأسباب الأساسية لهذا المرض قد تكون وراثية، ولكن هناك أيضًا عوامل أخرى قد تساهم في حدوثه مثل التشوهات في هيكل العظام أو ضعف الأنسجة الرابطة التي تدعم العمود الفقري.

الأسباب والعوامل المؤدية إلى مرض شيرمان

على الرغم من أن السبب الدقيق لمرض شيرمان غير معروف بشكل كامل، إلا أن العلماء يتفقون على أن هناك عدة عوامل تساهم في حدوث هذا المرض. من بين العوامل المحتملة:

1. العوامل الوراثية:
   تشير الدراسات إلى أن مرض شيرمان قد يكون له أساس وراثي في بعض الحالات، حيث يعاني العديد من المصابين من تاريخ عائلي للحالة نفسها.

2. مشاكل هيكلية في العظام:
   التغييرات الهيكلية في الفقرات قد تؤدي إلى انحناء العمود الفقري. في بعض الأحيان، تصبح الفقرات مضغوطة أو مشوهة أثناء النمو، مما يتسبب في انحناء مفرط في الجزء العلوي من الظهر.

3. نقص التوازن في العضلات:
   يمكن أن يؤدي ضعف أو خلل في العضلات التي تدعم العمود الفقري إلى زيادة الضغط على الفقرات، ما يجعلها أكثر عرضة للتشوه.

4. إصابات سابقة:
   بعض الحالات قد تكون ناتجة عن إصابات سابقة، حيث يمكن أن يتسبب التعرض لإصابة في العمود الفقري في حدوث تغييرات هيكلية قد تؤدي إلى مرض شيرمان.

5. الاضطرابات النمائية:
   توجد بعض الاضطرابات التي تؤثر على نمو الفقرات في مرحلة مبكرة، ما يزيد من خطر الإصابة بهذا المرض.

أعراض مرض شيرمان

يتميز مرض شيرمان بمجموعة من الأعراض التي قد تختلف في شدتها من شخص لآخر. تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

1. التقوس المفرط في الظهر:
   يعتبر هذا من أبرز الأعراض التي تشير إلى الإصابة بمرض شيرمان. يظهر التقوس على شكل انحناء غير طبيعي في الجزء العلوي من الظهر، مما قد يسبب بروزًا في الجهة الخلفية للجسم.

2. ألم الظهر:
   يعاني المصابون في كثير من الأحيان من ألم مزمن في منطقة الظهر، خاصة في الجزء العلوي منه. قد يتزايد الألم مع النشاطات التي تتطلب حمل الأوزان أو القيام بالتمارين.

3. إرهاق العضلات:
   بسبب الضغط المستمر على العضلات التي تدعم العمود الفقري، قد يشعر الشخص المصاب بمرض شيرمان بإرهاق أو تعب في هذه العضلات، مما يؤثر على حركته اليومية.

4. تقييد الحركة:
   قد يؤدي التقوس الشديد إلى تقييد حركة الجسم، مما يجعل الأنشطة اليومية مثل الانحناء للأمام أو الخلف صعبة أو مؤلمة.

5. الانحناء غير المنتظم للفقرات:
   يمكن أن تكون الفقرات في المنطقة المصابة مشوهة، وهو ما يظهر في الصور الشعاعية. تصبح الفقرات على شكل مثلثات، بدلًا من كونها مسطحة.

6. انحناء غير طبيعي في القفص الصدري:
   قد يتسبب المرض في حدوث انحناء غير طبيعي في القفص الصدري، مما يؤثر على المظهر الجسدي ويسبب مشكلات في التنفس في بعض الحالات.

تشخيص مرض شيرمان

يتم تشخيص مرض شيرمان من خلال سلسلة من الفحوصات السريرية والفحص الشعاعي. عند زيارة الطبيب، سيقوم الطبيب بفحص الظهر وتحليل انحناء العمود الفقري. من خلال الأشعة السينية (X-ray)، يمكن تحديد درجة الانحناء في العمود الفقري وأي تشوهات هيكلية في الفقرات.

في بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات إضافية لتحديد ما إذا كانت هناك أي مشكلات أخرى قد تساهم في الأعراض، مثل مشاكل العضلات أو الأنسجة الرابطة.

العلاجات المتاحة لمرض شيرمان

تعتمد خيارات العلاج لمرض شيرمان على شدة الحالة والعمر والمراحل المختلفة من النمو، ويمكن أن تشمل:

1. المتابعة والرصد الطبي:
   في بعض الحالات الخفيفة، قد يوصي الطبيب بمتابعة الحالة ومراقبة تطور المرض دون الحاجة إلى تدخل فوري. يتم ذلك من خلال الفحوصات المنتظمة للتأكد من عدم زيادة الانحناء.

2. العلاج الطبيعي:
   يُعتبر العلاج الطبيعي أحد العلاجات الفعالة لتحسين وضعية الجسم وتقوية العضلات الداعمة للعمود الفقري. يشمل العلاج تمارين لزيادة مرونة العمود الفقري وتحسين توازنه.

3. الأدوية المسكنة:
   في حال حدوث ألم شديد، قد يوصي الطبيب باستخدام أدوية مسكنة للألم أو مضادة للالتهابات لتخفيف الأعراض.

4. الجبائر:
   في الحالات المتوسطة من مرض شيرمان، قد يحتاج المراهقون إلى ارتداء جبائر لتقليل انحناء العمود الفقري. يساعد ذلك في تصحيح الوضعية وتقديم الدعم للظهر أثناء مرحلة النمو.

5. الجراحة:
   في الحالات الشديدة أو إذا لم تفد العلاجات الأخرى، قد تكون الجراحة خيارًا لعلاج المرض. يتم خلالها تصحيح الانحناء عن طريق تثبيت العمود الفقري باستخدام قضبان معدنية أو غيرها من الوسائل الجراحية.

الوقاية من مرض شيرمان

نظرًا لأن أسباب مرض شيرمان ليست دائمًا واضحة، فإن الوقاية قد تكون صعبة في بعض الحالات. ومع ذلك، هناك بعض التدابير التي قد تساهم في الحد من مخاطر الإصابة، مثل:

• ممارسة الرياضة والتمارين التي تقوي عضلات الظهر وتساعد في تحسين الوضعية.

• الحفاظ على وزن صحي والابتعاد عن العوامل التي قد تؤدي إلى الضغط على العمود الفقري.

• تجنب حمل الأوزان الثقيلة بشكل غير صحيح، حيث قد يؤدي ذلك إلى إرهاق العمود الفقري والمساهمة في تشوهاته.

الخاتمة

مرض شيرمان (Scheuermann’s Disease) هو حالة صحية تؤثر على العمود الفقري وتسبب انحناء غير طبيعي في الظهر، وهو مرض يصيب المراهقين بشكل خاص. رغم أنه قد يتسبب في ألم وإزعاج، إلا أن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساعد في تحسين الوضعية وتقليل تأثيرات المرض. من خلال المتابعة الطبية المنتظمة، يمكن تقليل الأعراض وتحسين نوعية الحياة للعديد من المصابين بهذا المرض.