رواية “سول وباتسي” تأخذنا في رحلة عميقة داخل بلدة فايف أوكس في ولاية ميشيغان، حيث تتحول البلدة نفسها إلى شخصية رئيسية في القصة، معبرةً عن جوهر الحياة الريفية الأمريكية. تتجلى هويتها الوسطية الأمريكية في كثير من جوانب الرواية، من خلال تمثيلاتها للتضاريس النفسية والاجتماعية للمجتمع الأمريكي الوسطي.
في فايف أوكس، يتبوأ الأهالي دورًا فعّالًا في السرد، حيث يتجسدون كشخصيات ترتبط بأمور الحياة اليومية والتقاليد المحلية. هؤلاء الأشخاص، الذين وصفهم سول بأنهم “مهاجرون ريفيون، خبراء في البنادق والعنف والتقوى”، يلعبون دورًا حيويًا في تطور الحبكة، سواء كان ذلك من خلال علاقاتهم بسول وباتسي أو من خلال تأثيرهم على البيئة المحلية بشكل عام. من حلاق هارولد إلى مدرسي المدرسة الثانوية والطلاب، ومن السيدة أونيل الجارة الوحيدة الحزينة إلى سوزان موظفة البنك، وعمّة بريندا جوردي – كلهم يضفون على قصة الرواية عمقًا وواقعية.
سول وباتسي يظهران كغرباء في هذه البلدة الصغيرة، حيث يبرز سول بشكل خاص كشخصية متميزة بسبب تفرده واختلافه عن الآخرين، وربما تلعب هويته اليهودية دورًا في هذا الاختلاف، سواء كان هذا واقعيًا أم من وهم سول نفسه. وعندما نقترب من نهاية الرواية، نجد أن سول وباتسي يتطوعان ليكونا جزءًا من هذا المجتمع، وبالتالي يصبحان جزءًا من الثقافة الأمريكية الوسطى.
سول ينظر إلى نفسه كداعية، يسعى لنشر التعليم والثقافة العليا بين الشباب الريفي المظلوم. ولكن هل هو حقًا داعية؟ هل هو على مهمة حقيقية؟ ربما مهمته هي لإنقاذ نفسه وغيره من الشباب الذين يحتاجون إلى إرشاد وتوجيه. يظهر الغرض الحقيقي لمهمته في قصة الرواية، حيث يتعين عليه وباتسي التصدي للتحديات والتهديدات التي تواجه زواجهما وحياتهما المشتركة.
علاقة سول وباتسي تمثل نموذجًا ملهمًا للعلاقات الزوجية، حيث يتناول الكاتب الاختلافات بينهما وكيف يتمكنان من تجاوزها وبناء علاقة مثمرة. يجمع بين الحب والشغف، ورغم اختلاف وجهات نظرهما في الحب، فإنهما يظلان متمسكين ببعضهما البعض. ومع وجود طفل، تتغير حياتهما تمامًا، مما يعلمهما الكثير عن بعضهما البعض ويجعلهما ينموان كأسرة.
يُظهر تواجد شخصية غوردي هيملمان في الرواية الجانب الظلم الذي يعيشه الشباب في المجتمع الريفي، وكيف يمكن أن يكون لهؤلاء الشباب تأثير كبير على الأشخاص الذين يهتمون بهم. وعبر تجاربه مع غوردي ومع فايف أوكس بأكملها، يتعلم سول الكثير عن نفسه وعن علاقته بباتسي وعائلته.
تتفاعل المجتمعات بشكل مختلف بعد وفاة غوردي، وهذا يعكس ليس فقط واقع فايف أوك