6 سلوكات خاطئة يقوم بها الأطفال احذر أن تتجاهلها

تربية الأطفال عملية معقدة تتطلب وعيًا كبيرًا من الوالدين والمربين، إذ أن السنوات الأولى من حياة الطفل تُعدّ مرحلة تأسيسية حاسمة تُشكّل جزءًا كبيرًا من شخصيته المستقبلية. في هذه المرحلة، يبدأ الطفل باستكشاف العالم من حوله، ويبدأ في تبني سلوكيات معينة نتيجة لما يشاهده أو يتعرض له من محفزات داخل المنزل وخارجه. وبينما يُظهر بعض الأطفال سلوكيات طبيعية تتماشى مع مراحلهم العمرية، إلا أن هناك سلوكيات أخرى تُعد مؤشرات حمراء لا يجب التغاضي عنها أو التعامل معها بالتجاهل أو الاستخفاف. هذه السلوكيات الخاطئة، إن لم يتم التعامل معها بالحزم والحكمة، قد تترسخ في الشخصية وتؤدي إلى اضطرابات سلوكية أو اجتماعية طويلة الأمد.

في هذا المقال، سيتم تناول ستة من أبرز السلوكيات الخاطئة التي قد يقوم بها الأطفال، مع التركيز على مدى خطورتها وضرورة التعامل المبكر معها، حتى لا تتحول إلى عادات راسخة أو تُسبب آثارًا نفسية وسلوكية يصعب علاجها في المستقبل.

1. الكذب المتكرر

الكذب سلوك شائع نسبيًا بين الأطفال، خاصة في المراحل العمرية الأولى التي تتراوح بين 3 إلى 7 سنوات، وغالبًا ما يكون بدافع الخيال أو تقليد الكبار. ولكن عندما يتحول الكذب إلى عادة يومية يُستخدمها الطفل للتهرب من المسؤولية أو لتبرير الأخطاء أو حتى لتحقيق مكاسب شخصية، فإن الأمر يتحول إلى مؤشر سلوكي خطر يجب التدخل حياله.

تشير الدراسات السلوكية إلى أن الأطفال الذين يكذبون باستمرار قد يكونون ضحايا لبيئة تُعاقب بصرامة، مما يجعلهم يخافون من قول الحقيقة. كما أن الكذب قد يرتبط بنقص الثقة بالنفس أو محاولة لفت الانتباه. تجاهل هذا السلوك يفتح المجال لتكوين شخصية غير صادقة، وقد يتطور الأمر في المستقبل ليشمل التزوير، الغش أو حتى الاحتيال في سن المراهقة.

كيفية التعامل:

• ترسيخ ثقافة الصدق في المنزل.

• تجنب العقوبات القاسية التي تدفع الطفل للكذب.

• مكافأة الصدق ولو كان مصحوبًا بخطأ.

• تقديم القدوة الحسنة من خلال سلوك الوالدين.

2. العدوانية تجاه الآخرين

من أكثر السلوكيات التي تُقلق الأهل والمربين هي مظاهر العدوانية، والتي تتجلى في الضرب، العض، الصراخ، أو حتى إتلاف ممتلكات الآخرين. في بعض الحالات، تكون هذه السلوكيات رد فعل لمشاعر داخلية مكبوتة مثل الغضب، الإحباط، أو الغيرة.

عندما يُظهر الطفل عدوانية مفرطة تجاه أقرانه أو الكبار بشكل متكرر، فإن ذلك قد يكون مؤشرًا على مشكلات عميقة في بيئته الاجتماعية أو العاطفية. بعض الأطفال يتعلمون العدوان من خلال مشاهدة مشاهد عنف في التلفاز أو عبر الألعاب الإلكترونية، بينما يكتسب آخرون هذا السلوك نتيجة التعرض المستمر للإهمال أو القسوة.

آثار العدوانية طويلة الأمد:

• صعوبة في تكوين علاقات اجتماعية صحية.

• مشاكل في التحصيل الدراسي.

• ميل نحو العزلة أو التطرف في المراهقة.

أساليب التصحيح:

• تعليم الطفل التعبير عن مشاعره بالكلمات.

• تحديد عواقب واضحة للسلوك العدواني.

• إشراك الطفل في أنشطة جماعية تُعزز التعاون.

• مراقبة المحتوى الإعلامي الذي يتعرض له.

3. السرقة أو أخذ أشياء دون إذن

رغم أن بعض الأطفال قد يأخذون أشياء لا تخصهم بدافع الفضول أو بدافع التملك الطفولي، إلا أن تكرار هذا الفعل دون الشعور بالذنب يُعد مؤشرًا سلوكيًا يحتاج إلى التدخل. قد يسرق الطفل أشياء صغيرة من زملائه أو من المنزل، وعادة ما يرتبط هذا السلوك بشعور بالنقص أو غياب التوجيه الأخلاقي.

من المهم أن يتم التمييز بين “السرقة” كنزعة سلوكية متكررة وبين أخذ الأشياء بدافع الجهل في عمر صغير، حيث لا يُدرك الطفل تمامًا مفهوم الملكية.

الأسباب المحتملة:

• تقليد أحد أفراد الأسرة أو شخصيات إعلامية.

• الإحساس بالحرمان العاطفي أو المادي.

• ضعف في الشعور بالانتماء أو في قيم العدل والحق.

كيفية العلاج:

• التحدث مع الطفل عن مفهوم “الملكية” و”الحق”.

• توعية الطفل بضرورة الاستئذان.

• عدم فضح الطفل أو إهانته أمام الآخرين.

• استشارة أخصائي نفسي إذا تكرّر السلوك رغم التوجيه.

4. التمرد المستمر ورفض الأوامر

كل طفل يمر بفترات يتمرد فيها على السلطة الأبوية، خاصة في مراحل النمو التي يحاول فيها اختبار حدود الاستقلالية. لكن عندما يتحول هذا التمرد إلى رفض دائم للأوامر، ومقاومة لأي شكل من أشكال التوجيه أو القواعد، فإننا نكون أمام سلوك خطر.

الطفل المتمرد غالبًا ما يكون في صراع داخلي مع السلطة الأبوية، وقد يكون هذا نتيجة شعور مستمر بالتهميش أو عدم حصوله على الاهتمام الكافي. في حالات أخرى، يكون السبب في أسلوب التربية نفسه، مثل الإفراط في التسلط أو التناقض في القرارات.

العواقب:

• صعوبة في التكيف مع الأنظمة المدرسية والاجتماعية.

• صراع دائم مع الشخصيات السلطوية كالمعلمين والمديرين.

• تطوير شخصية عنيدة وغير مرنة.

استراتيجيات تربوية فعالة:

• وضع قواعد واضحة وثابتة دون تعسف.

• إشراك الطفل في اتخاذ القرارات.

• تقديم الخيارات بدلاً من الأوامر المباشرة.

• الثناء على التزام الطفل بالقواعد.

5. العزلة والانطواء الشديد

الطفل الطبيعي يسعى للتفاعل مع الآخرين، ويُظهر فضولًا اجتماعيًا تجاه من حوله. لكن بعض الأطفال يُظهرون ميلاً مفرطًا للعزلة، ويفضلون البقاء بمفردهم، ويتجنبون التفاعل الاجتماعي حتى مع الأقارب أو الزملاء في المدرسة.

هذا السلوك، إذا استمر لفترة طويلة، قد يكون مؤشرًا على اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب الطفولي، القلق الاجتماعي، أو حتى اضطرابات الطيف التوحدي. من الضروري عدم تجاهل مثل هذه العلامات، لأنها تُنبئ بخلل في التفاعل الاجتماعي أو في الصحة النفسية العامة للطفل.

علامات مرافقة:

• تجنب التواصل البصري.

• رفض المشاركة في الألعاب الجماعية.

• انسحاب من الأنشطة الاجتماعية.

• نوبات من الحزن أو البكاء غير المبرر.

خطوات المعالجة:

• تعزيز ثقة الطفل بنفسه.

• تقديم الدعم العاطفي المستمر.

• تشجيع العلاقات الاجتماعية من خلال مجموعات اللعب.

• الاستعانة بأخصائي نفسي في حال استمرار الانطواء.

6. استخدام الألفاظ البذيئة أو المهينة

يتفاجأ كثير من الأهل عندما يبدأ الطفل باستخدام كلمات غير لائقة أو بذيئة في حديثه. وقد يكون مصدر هذه الكلمات التلفاز، الإنترنت، الشارع، أو حتى بعض أفراد الأسرة. استخدام هذه الألفاظ يدل على نقص في الرقابة وعلى عدم وجود توجيه سلوكي كافٍ.

الكلمة البذيئة في الطفولة قد تتحول إلى عادة كلامية في المراهقة، وتُعيق اندماج الطفل في المجتمع المدرسي أو الأسري، وتؤثر سلبًا على صورته الاجتماعية. كما أن بعض الأطفال يستخدمون الألفاظ المهينة كسلاح ضد الآخرين للتعبير عن الغضب أو الانتقام.

خطوات التصحيح:

• عدم الضحك أو التشجيع على استخدام هذه الكلمات.

• شرح معنى الكلمات وتأثيرها على الآخرين.

• توضيح العواقب السلوكية لاستخدام هذه الألفاظ.

• تقديم البدائل اللغوية المناسبة للتعبير عن المشاعر.

جدول يلخص أبرز السلوكيات الخاطئة وأسبابها وطرق معالجتها:

الخلاصة

السلوكيات الخاطئة التي قد يُظهرها الأطفال ليست مجرد عوارض عابرة، بل هي رسائل سلوكية تعكس ما يشعر به الطفل أو يعانيه داخليًا. تجاهل هذه السلوكيات، تحت ذريعة أنها “مرحلة وستمر”، يُعد خطأً فادحًا في التربية. التوجيه السليم، الرقابة الواعية، والدعم العاطفي هي ثلاثية لا غنى عنها لتصحيح السلوك قبل أن يستفحل ويترسخ في شخصية الطفل.

معالجة هذه السلوكيات تتطلب تفهمًا، وليس فقط عقوبة. فالهدف من التربية ليس فقط تشكيل أطفال مطيعين، بل تنشئة أفراد أسوياء نفسيًا، قادرين على اتخاذ قراراتهم بعقلانية، والتفاعل مع المجتمع بإيجابية.

المراجع:

1. American Academy of Pediatrics – HealthyChildren.org

2. Child Mind Institute – Child Behavior Problems and Solutions