سلوكيات الشخص المتصنّع

6 سلوكيات ينفرد بها الشخص المُتصنّع

تعد الشخصيات المتصنّعة من أكثر الشخصيات التي يلاحظها الناس في المحيط الاجتماعي، حيث يتسم أصحاب هذه الشخصيات بأسلوب حياتي يختلف تماماً عن الأشخاص الطبيعيين. فالشخص المتصنّع يحاول جاهداً أن يظهر بشكل لا يعكس شخصيته الحقيقية، بل يسعى إلى إخفاء ذاته والتصرف بطريقة غير طبيعية للوصول إلى أهداف معينة، سواء كانت اجتماعية أو مهنية أو شخصية. في هذا المقال، سنتناول أبرز السلوكيات التي تميز الشخص المتصنّع، وكيفية التعرف عليها والتعامل معها.

1. التمثيل الزائد للأدوار

أحد أبرز السلوكيات التي ينفرد بها الشخص المتصنّع هو التمثيل الزائد للأدوار. فالشخص المتصنّع يحرص دائماً على إظهار نفسه في صورة مثالية سواء في المواقف الاجتماعية أو المهنية. هذا التمثيل قد يتجلى في محاولات مستمرة للتصنع في الحديث، والتصرفات المبالغ فيها، أو استخدام لغة جسد لا تعكس حقيقة مشاعره. فهو قد يظهر في بعض الأحيان كالشخص الذي يمتلك كل شيء، سواء كان ذلك من خلال اللباس، أو التفاخر بممتلكاته أو إنجازاته، في حين أن الحقيقة قد تكون عكس ذلك تماماً.

عادة ما يقوم هذا الشخص بتبني قيم وأفكار تراه مناسبة لمجتمعه أو بيئته ولكنه لا يؤمن بها بشكل حقيقي. هذا التمثيل قد يكون نتيجة للضغط الاجتماعي أو الشعور بعدم الأمان، إذ يحاول هذا الشخص إيجاد قبول اجتماعي في أوساط معينة من خلال تبني سلوكيات خارجة عن طبيعته.

2. المرونة المفرطة في المواقف الاجتماعية

المرونة المفرطة هي سمة أخرى يمكن ملاحظتها في الشخص المتصنّع. في العديد من المواقف الاجتماعية، يحاول الشخص المتصنّع أن يتبنى سلوكيات غير ثابتة، بل يعتمد على تكييف شخصيته بحسب الموقف أو الأشخاص الموجودين. فهو يغير وجهات نظره، آراءه، وأحياناً مواقفه الشخصية لمجرد التكيف مع محيطه. إذا كان في وجود أشخاص من الطبقة الرفيعة، قد يظهر بمظهر مغاير تماماً عما يظهر عليه في حالة وجود أصدقاء مقربين أو في محيط عائلي. هذه السمة تتسم بعدم الاستقرار الداخلي، مما يجعل الشخص المتصنّع في حالة من التناقض المستمر.

هذه المرونة المفرطة قد تُستخدم كأداة للوصول إلى أهداف معينة، مثل كسب إعجاب الآخرين أو الحصول على مكانة اجتماعية. الشخص المتصنّع يصبح خبيراً في قراءة ردود أفعال الآخرين وتكييف سلوكه بناءً عليها، لكنه يفقد في هذه العملية الاتصال الذاتي والعلاقة الحقيقية مع نفسه.

3. الحديث المبالغ فيه عن الذات

من أبرز السلوكيات التي يلاحظها الناس في الشخص المتصنّع هو الحديث المستمر عن الذات بشكل مبالغ فيه. هذا الشخص غالباً ما يتحدث عن إنجازاته وممتلكاته أو تجاربه بطريقة تجعل الآخرين يعتقدون أنه يمتلك حياة مثالية أو غير اعتيادية. قد يتفاخر بأسفاره، علاقاته الاجتماعية، أو حتى اختياراته الشخصية بشكل مبالغ فيه، مما يخلق انطباعاً عن نجاحه في كل جانب من جوانب حياته.

ومع مرور الوقت، يصبح هذا السلوك أكثر وضوحاً ويبدأ الناس في اكتشاف أنه مجرد تمثيل لا يعكس الواقع. في كثير من الأحيان، يكون هذا التفاخر وسيلة لتعويض مشاعر النقص الداخلية أو خوف من فقدان القبول الاجتماعي. لكن هذه المحاولات سرعان ما تؤدي إلى فقدان المصداقية.

4. إخفاء المشاعر الحقيقية

الشخص المتصنّع عادة ما يميل إلى إخفاء مشاعره الحقيقية والظهور بمظهر شخص قوي وغير متأثر. في المواقف العاطفية، قد يبتسم أو يظهر بمظهر مريح دون أن يكون لديه رغبة حقيقية في ذلك. قد يكون هذا الشخص غير قادر على التعبير عن مشاعره بصدق، خوفاً من أن يظهر ضعفاً أو مشاعر سلبية أمام الآخرين. لذا، قد يبالغ في إظهار الفرح والسرور أو يبتعد تماماً عن إظهار أي شكل من أشكال الضعف العاطفي.

إخفاء المشاعر الحقيقية قد يؤدي إلى تراكم الضغوط النفسية داخله، وقد ينتج عن هذا السلوك اضطرابات في الصحة النفسية مع مرور الوقت. الشخص المتصنّع لا يعبر عن نفسه بشكل طبيعي، بل يكتفي بالتصنع والتمثيل للآخرين، في الوقت الذي يعاني فيه من صراعات داخلية لم يجد لها مجالاً للتعبير.

5. التسرع في الحكم على الآخرين

الشخص المتصنّع يحرص دائماً على أن يظهر بمظهر الشخص الذي يمتلك الحلول للمشاكل، لذا يقوم أحياناً بالتسرع في الحكم على الآخرين بطريقة سطحية وغير منصفة. قد يعرض آراءه بشكل قاطع حول مواضيع اجتماعية أو شخصية دون أن يكون لديه خلفية كافية أو فهم عميق لما يدور حوله. هذا التسرع في الحكم يعود إلى رغبته في الظهور بمظهر الشخص العارف والمطلع، والذي لديه إجابات جاهزة لكل سؤال.

في بعض الأحيان، يعكس هذا السلوك خوفاً من أن يُنظر إليه كغير قادر على تقديم حلول أو كغير ملم بالأمور. لذلك، قد يسارع الشخص المتصنّع بإطلاق الأحكام حتى لو كانت سطحية، فقط ليحافظ على صورته الاجتماعية.

6. القلق المستمر من الآراء الخارجية

أخيراً، يتسم الشخص المتصنّع بقلق مستمر بشأن كيفية نظر الآخرين إليه. هذا القلق قد يؤدي به إلى اتخاذ قرارات بناءً على ما يعتقد أنه سيلقى استحساناً من المحيطين به، وليس بناءً على رغباته أو حاجاته الحقيقية. يتفادى هذا الشخص الدخول في مواقف قد تعرضه للنقد أو الرفض، ويضع نصب عينيه دائمًا ضرورة تلبية توقعات الآخرين.

القلق من الآراء الخارجية قد يعكس نقصاً في الثقة بالنفس وعدم القدرة على التحمل النفسي للرفض. في بعض الأحيان، قد يتحول هذا السلوك إلى توتر شديد، خاصة إذا شعر الشخص المتصنّع بأنه غير قادر على المحافظة على الصورة المثالية التي رسمها لنفسه أمام الآخرين.

خلاصة

إن الشخص المتصنّع هو الذي يتجاهل قدراته الحقيقية وهويته الداخلية لصالح سعيه نحو الصورة المثالية التي يظن أنها ستكسبه القبول الاجتماعي. وبينما قد ينجح هذا الشخص في بعض الأحيان في خداع الآخرين، فإنه في النهاية يفتقر إلى القدرة على بناء علاقات صادقة ومستدامة. التصنع لا يقتصر على المظاهر الخارجية فحسب، بل يؤثر بشكل عميق على الشخصية الداخلية لهذا الشخص، مما يعزله عن نفسه وعن العالم من حوله.