فضل صلاة الشروق
صلاة الشروق من الصلوات النافلة التي حث عليها الشرع الشريف، وهي من السنن التي ترتبط بذكر الله بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس وارتفاعها، ثم صلاة ركعتين. وقد وردت في فضلها أحاديث صحيحة تبين ثوابها العظيم ومكانتها العالية عند الله تعالى، حتى أن بعض أهل العلم رأى أنها تعدل حجة وعمرة تامة. فهي صلاة تجمع بين عبادة الوقت، ودوام الذكر، ومجاهدة النفس، والحرص على الطاعة في وقت يغفل فيه كثير من الناس، مما يجعلها من أحب الأعمال إلى الله عز وجل.
تعريف صلاة الشروق
صلاة الشروق هي ركعتان تُصلى بعد شروق الشمس وارتفاعها بمقدار رمح، أي ما يعادل تقريبًا 15 إلى 20 دقيقة بعد شروق الشمس، وهي في حقيقتها من صلاة الضحى، ولكنها تختص بوقت مخصوص وبثواب مخصوص.
الفرق بين صلاة الشروق وصلاة الضحى
-
صلاة الشروق: تصلى بعد ارتفاع الشمس بمقدار رمح، أي بعد حوالي ربع ساعة من شروقها، وتُعتبر بداية وقت الضحى.
-
صلاة الضحى: يمكن أن تؤدى من بعد شروق الشمس بربع ساعة وحتى قبل أذان الظهر بربع ساعة، وتتنوع في عدد ركعاتها من ركعتين إلى ثمان أو أكثر.
صلاة الشروق إذا صليت في أول وقت الضحى، عقب الجلوس للذكر بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، نالت أجراً خاصاً، وهو ما ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ.
الأحاديث الواردة في فضل صلاة الشروق
ورد في حديث صحيح عن النبي ﷺ رواه الترمذي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:
«من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة».
وهذا الحديث يدل على عظيم فضل هذا العمل، وأن أجره يعادل أجر من أدى حجة وعمرة، بل أكد النبي ﷺ على تمام الأجر بتكرار لفظ “تامة” ثلاث مرات، ليدل على عظيم المنزلة وكمال الجزاء.
أوجه الفضل في صلاة الشروق
1. تحصيل أجر الحجة والعمرة
ليس هناك عبادة يعادل أجرها عبادة الحج والعمرة إلا ما دل عليه النص، وصلاة الشروق من هذه الأعمال القليلة. فبمجرد صلاة الفجر في جماعة، ثم المكوث لذكر الله حتى الشروق وصلاة ركعتين، يُكتب للعبد أجر حجة وعمرة تامة.
2. المحافظة على صلاة الفجر في وقتها
لأن من شروط إدراك هذا الفضل أن يصلي العبد صلاة الفجر في جماعة، وهذا يحث على التبكير والحرص على الجماعة، وهو في حد ذاته من أعظم الأعمال.
3. دوام الذكر وطهارة القلب
الجلوس بعد الفجر لذكر الله هو سبب لانشراح الصدر، وطهارة القلب، وسكينة النفس. وهو من أفضل الأوقات التي يتنزل فيها فضل الله ورحمته، وفيه تربية للنفس على الانضباط والمواظبة.
4. إحياء سنة نبوية مهجورة
صلاة الشروق ليست معروفة عند كثير من المسلمين، والمواظبة عليها تدخل في إحياء سنة مهجورة، ومن أحيا سنة نبوية فله أجرها وأجر من عمل بها.
5. سبب للثبات في الدين
المداومة على ذكر الله بعد الفجر، وصلاة ركعتين بعد الشروق، دليل على محبة العبد لربه، وإيثاره للعبادة على النوم والراحة، وهي علامة على قوة الإيمان، وفيها تعويد للنفس على الصبر والمرابطة.
شروط نيل أجر صلاة الشروق
لتحقيق هذا الفضل العظيم، لا بد من توفر عدة شروط، نذكرها في الجدول التالي:
| الشرط | التوضيح |
|---|---|
| صلاة الفجر في جماعة | لا يتحقق أجر الحجة والعمرة إلا بأداء صلاة الفجر جماعة في المسجد أو في جماعة شرعية |
| الجلوس في مكان الصلاة | يجب البقاء في مكان الصلاة أو الموضع الذي صُليت فيه الفجر حتى الشروق مع ذكر الله |
| الانشغال بالذكر والتلاوة | يكون الوقت بعد الفجر مشغولاً بذكر الله وقراءة القرآن، دون لهو أو انشغال بشيء آخر |
| أداء ركعتين بعد الشروق | تصلى ركعتان بعد ارتفاع الشمس قدر رمح (نحو 15 إلى 20 دقيقة من الشروق) |
فقه صلاة الشروق
-
حكمها: سنة مستحبة، وليست واجبة، لكنها من السنن العظيمة التي ورد فيها أجر كبير.
-
عدد ركعاتها: ركعتان، ويجوز الزيادة لأنها من صلاة الضحى.
-
وقتها: يبدأ وقتها بعد حوالي ربع ساعة من شروق الشمس، ويمتد وقتها كصلاة الضحى حتى قبيل الزوال.
أقوال العلماء في فضلها
أجمع العلماء على أن هذا العمل من الأعمال الفاضلة، ومنهم:
-
ابن القيم قال في مدارج السالكين: “هذا الجلوس بعد صلاة الفجر إلى الشروق فيه غذاء القلب والروح، وهو من أعظم أبواب الفلاح”.
-
النووي ذكر في شرح الحديث أن فيه ترغيبًا عظيمًا، وأن من واظب عليه نال أجرًا لا يناله كثير من الحجاج والمعتمرين.
-
ابن باز رحمه الله قال: “هذا الحديث يدل على فضل عظيم، ويُستحب للمؤمن أن يلازمه متى تيسر له ذلك”.
الآثار النفسية والروحية لصلاة الشروق
صلاة الشروق ليست فقط عبادة جسدية، بل لها آثار نفسية وروحية عميقة منها:
-
تهذيب النفس وترويضها على الانضباط والاستيقاظ المبكر.
-
الشعور بالطمأنينة والبُعد عن القلق.
-
تصفية الذهن وزيادة التركيز والنشاط في بداية اليوم.
-
غرس محبة الطاعات في القلب.
فوائد صحية لمواظبة صلاة الشروق
رغم أن الهدف الأساس هو العبادة، إلا أن هناك فوائد جسدية وصحية للالتزام بهذا الوقت المبارك:
-
الاستيقاظ المبكر يساعد على تنظيم الساعة البيولوجية.
-
التعرض لأشعة الشمس الصباحية يزيد من إفراز فيتامين (D).
-
الجلوس بهدوء مع النفس بعد الفجر يخفف من التوتر ويقلل من أعراض القلق.
-
ممارسة الذكر بعد الفجر يزيد من إفراز هرمونات السعادة مثل السيروتونين.
توصيات عملية للمواظبة على صلاة الشروق
-
ضبط المنبه على وقت الفجر وعدم التهاون في الاستيقاظ.
-
أداء صلاة الفجر في جماعة قدر المستطاع.
-
تخصيص ورد يومي من الذكر أو القرآن بعد الفجر.
-
البقاء في مكان الصلاة وعدم الانشغال بأي جهاز إلكتروني أو حديث دنيوي.
-
الحرص على دعاء الصباح وقراءة الأذكار.
-
تخصيص مكان مريح وهادئ للجلوس بعد الفجر.
نمط يومي يساعد على المواظبة على صلاة الشروق
| الوقت | النشاط |
|---|---|
| قبل الفجر | الاستيقاظ، الوضوء، تحضير النفس للصلاة |
| الفجر | أداء صلاة الفجر في جماعة |
| بعد الصلاة | قراءة الأذكار والأوراد اليومية |
| بعد الأذكار | تلاوة جزء من القرآن |
| بعد الشروق | أداء ركعتين بنية صلاة الشروق |
| بعد الصلاة | البدء في الأعمال اليومية بنشاط وبركة |
الخاتمة
صلاة الشروق باب عظيم من أبواب الخير، وسر من أسرار الفلاح في الدنيا والآخرة. هي لحظة صفاء بين العبد وربه، تبدأ اليوم بذكر الله وتختمها بركعتين كأنها تفتح للعبد باباً واسعاً من البركة والنجاح. من حافظ عليها ورزق الاستمرار فيها، نال فضلًا عظيمًا، وارتقى في منازل العابدين، وكتب له أجر الحجاج والمعتمرين، وهو في بيته وبين أهله، فهنيئًا لمن عرف قدرها، وداوم عليها.
المراجع:
-
صحيح الترمذي، حديث: “من صلى الغداة في جماعة…”
-
كتاب “مدارج السالكين” لابن القيم
