أسباب اصفرار الوجه وعلاجه

سبب اصفرار الوجه: الأسباب، التشخيص والعلاج

يُعتبر اصفرار الوجه من الأعراض المقلقة التي قد تشير إلى عدة حالات صحية متنوعة. يعكس لون الجلد حالة الجسم الداخلية، ويمكن أن يكون اصفرار الوجه نتيجة لعدة أسباب تتعلق بالجهاز الهضمي، أو الكبد، أو حتى التغيرات الهرمونية. في هذا المقال، سوف نتناول أسباب اصفرار الوجه بتفصيل دقيق، مع التركيز على كيفية التشخيص والعلاج المتبع في مثل هذه الحالات.

1. ما هو اصفرار الوجه؟

اصفرار الوجه هو تغير لون الجلد إلى الأصفر، وعادة ما يكون مرتبطًا بزيادة مستويات البيليروبين في الدم. البيليروبين هو مادة تنتج عن تكسير خلايا الدم الحمراء القديمة، ويتعامل معها الكبد عادة ليتم التخلص منها عبر الجهاز الهضمي. لكن في حالات معينة، قد يزداد مستوى البيليروبين في الدم، مما يؤدي إلى ظهور الاصفرار على الجلد والعينين، وهو ما يعرف باليرقان.

2. أسباب اصفرار الوجه

هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى اصفرار الوجه، منها الأسباب المتعلقة بالكبد، وبعض الأمراض الهرمونية، والعديد من الحالات الصحية الأخرى. في ما يلي أبرز الأسباب:

2.1. اضطرابات الكبد

يُعد الكبد من أهم الأعضاء التي تؤثر على صحة الجلد، وأي خلل في وظائفه يمكن أن يؤدي إلى اصفرار الوجه. تشمل بعض اضطرابات الكبد التي تؤدي إلى زيادة البيليروبين في الدم ما يلي:

• التهاب الكبد الحاد والمزمن: التهاب الكبد هو مرض يصيب الكبد ويؤدي إلى تدمير خلاياه. قد يكون التهاب الكبد نتيجة لفيروسات (مثل فيروس التهاب الكبد A وB وC)، أو بسبب تعاطي الكحول أو الأدوية السامة.

• التليف الكبدي: هو حالة مرضية تحدث عندما يحدث تلف دائم في أنسجة الكبد، مما يؤدي إلى تدهور وظائفه. مع تقدم التليف الكبدي، قد يحدث تراكم للبيليروبين في الدم، مما يؤدي إلى الاصفرار.

• السرطان الكبدي: يمكن أن يتسبب السرطان الذي يصيب الكبد في تدهور وظائفه، مما يؤدي إلى تجمع البيليروبين في الجسم.

• التشمع الصفراوي الأولي: هو مرض ناتج عن التهاب مزمن في القنوات الصفراوية للكبد، مما يعيق تدفق العصارة الصفراوية ويؤدي إلى تراكم البيليروبين في الدم.

2.2. حصوات المرارة

تُعتبر حصوات المرارة من الأسباب الشائعة لحدوث اليرقان. إذا كانت حصوات المرارة تسد القنوات الصفراوية التي تنقل العصارة الصفراوية من الكبد إلى الأمعاء، فقد يؤدي ذلك إلى تراكم البيليروبين في الدم. في هذه الحالة، قد يظهر اصفرار الوجه والعيون نتيجة لزيادة مستويات البيليروبين.

2.3. فقر الدم

فقر الدم هو حالة تتسبب في قلة عدد خلايا الدم الحمراء في الجسم. وعندما تنكسر هذه الخلايا بمعدل أسرع من المعتاد، قد يزيد من إنتاج البيليروبين، مما يؤدي إلى اصفرار الوجه. من الأسباب المحتملة لفقر الدم الذي يمكن أن يؤدي إلى اصفرار الوجه:

• فقر الدم الانحلالي: تحدث هذه الحالة عندما تتكسر خلايا الدم الحمراء بسرعة كبيرة، مما يؤدي إلى زيادة البيليروبين.

• فقر الدم بسبب نقص الحديد أو الفيتامينات: يمكن أن يؤدي نقص العناصر الغذائية اللازمة لإنتاج خلايا الدم الحمراء إلى فقر الدم، مما يزيد من احتمالية تكسر هذه الخلايا وبالتالي زيادة البيليروبين في الدم.

2.4. الأمراض الوراثية

بعض الأمراض الوراثية يمكن أن تؤدي إلى اصفرار الوجه نتيجة لاضطرابات في إنتاج أو معالجة البيليروبين. أبرز هذه الأمراض:

• متلازمة غيلبرت: هي حالة وراثية غير خطيرة تؤثر على قدرة الكبد على معالجة البيليروبين. في معظم الحالات، قد لا تظهر أعراض أخرى، لكن في حالات معينة قد يظهر الاصفرار.

• متلازمة كرايغلر-نارجار: هي حالة نادرة تؤدي إلى عدم قدرة الجسم على معالجة البيليروبين بشكل صحيح، مما يؤدي إلى تراكمه في الدم.

2.5. التسمم الدوائي أو التسمم الكيماوي

التسمم نتيجة لتعاطي بعض الأدوية أو المواد السامة قد يؤدي إلى تدهور وظائف الكبد، مما يساهم في تراكم البيليروبين في الدم. قد يتسبب تناول بعض الأدوية مثل مضادات الفطريات أو الأدوية المضادة للبكتيريا أو أدوية معالجة السرطان في تدمير خلايا الكبد وزيادة مستوى البيليروبين.

2.6. السرطان في الأعضاء المجاورة

في بعض الحالات، قد يكون السرطان في الأعضاء المجاورة للكبد مثل البنكرياس أو الأمعاء قد يؤثر على وظائف الكبد. يمكن أن يؤدي الضغط الناتج عن الأورام إلى انسداد القنوات الصفراوية، مما يتسبب في تراكم البيليروبين واصفرار الوجه.

3. تشخيص اصفرار الوجه

إذا لاحظ الشخص ظهور اصفرار على وجهه أو عينيه، فإنه يجب استشارة الطبيب لتحديد السبب الدقيق. قد يتطلب التشخيص إجراء مجموعة من الفحوصات الطبية التي تشمل:

3.1. الفحص السريري

سيقوم الطبيب أولاً بالفحص البدني للتحقق من وجود علامات أخرى قد تشير إلى مرض معين، مثل تورم البطن، أو ألم في الكبد، أو تغيرات في لون البول والبراز. قد يشير وجود هذه العلامات إلى السبب وراء الاصفرار.

3.2. الفحوصات المخبرية

تشمل الفحوصات المخبرية التي قد يطلبها الطبيب:

• تحليل الدم: لقياس مستويات البيليروبين والإنزيمات الكبدية مثل ALT وAST التي قد تشير إلى تلف الكبد.

• فحص وظائف الكبد: يتضمن هذا مجموعة من الاختبارات التي تساعد في تقييم صحة الكبد وتشخيص أي مشاكل محتملة.

• اختبارات فقر الدم: تشمل تحليل عدد خلايا الدم الحمراء، والهيموجلوبين، وبعض المعايير الأخرى لتشخيص فقر الدم.

3.3. الفحوصات التصويرية

قد يطلب الطبيب فحوصات تصويرية مثل:

• الأشعة فوق الصوتية (السونار): لفحص الكبد والمرارة والكشف عن أي تكتلات أو حصوات قد تكون السبب في انسداد القنوات الصفراوية.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): قد يُستخدم للحصول على صور دقيقة لأعضاء الجسم الداخلية.

4. علاج اصفرار الوجه

يعتمد علاج اصفرار الوجه على السبب الكامن وراءه. لذا، يختلف العلاج من حالة إلى أخرى:

4.1. علاج الأمراض الكبدية

إذا كان السبب وراء الاصفرار هو مرض كبدي، مثل التهاب الكبد أو التليف الكبدي، فيعتمد العلاج على نوع المرض:

• التهاب الكبد الفيروسي: قد يحتاج إلى علاج مضاد للفيروسات، مع الراحة والتغذية الجيدة.

• التليف الكبدي: في حالات التليف المتقدمة، قد يكون العلاج الوحيد هو زرع الكبد.

4.2. علاج حصوات المرارة

إذا كان اصفرار الوجه ناتجًا عن حصوات في المرارة، قد يكون العلاج عبر إزالة الحصوات جراحيًا من خلال عملية استئصال المرارة.

4.3. علاج فقر الدم

إذا كان فقر الدم هو السبب، يتم علاج المرض من خلال مكملات الحديد أو الفيتامينات أو حتى نقل الدم في الحالات الشديدة.

4.4. معالجة التسمم الدوائي

في حال كان السبب هو التسمم الدوائي أو الكيماوي، يقوم الطبيب بإيقاف الأدوية المسببة للتسمم وتقديم العلاج المناسب لإعادة وظائف الكبد إلى طبيعتها.

5. الوقاية من اصفرار الوجه

الوقاية من اصفرار الوجه تبدأ من العناية بصحة الكبد والجسم بشكل عام. من النصائح الهامة:

• تجنب تعاطي الكحول: تناول الكحول بكميات كبيرة يضر بالكبد ويسهم في تطور الأمراض الكبدية.

• التغذية السليمة: تناول الأطعمة المتوازنة يساعد في الحفاظ على صحة الكبد.

• ممارسة الرياضة: تساعد الرياضة في تحسين الدورة الدموية والحفاظ على صحة الأعضاء الحيوية.

6. الخلاصة

اصفرار الوجه هو عرض يمكن أن يكون ناتجًا عن مجموعة متنوعة من الأسباب، بداية من مشاكل في الكبد والمرارة إلى اضطرابات في الدم أو التسمم. لذا، من المهم تشخيص السبب الكامن وراءه بدقة لتحديد العلاج المناسب.