الزوجة: لماذا ومتى تسرق زوجها؟

في المجتمعات البشرية، يُعتبر الزواج مؤسسة اجتماعية هامة تقوم على مجموعة من المبادئ والقيم التي تهدف إلى بناء حياة مشتركة بين الزوجين، قائمة على الحب والاحترام والثقة. ومع ذلك، وفي ظل هذا الإطار المثالي، تظهر ظاهرة «سرقة الزوج» من قبل الزوجة، وهو سلوك لا يُفهم بسهولة، ويتطلب تحليلاً دقيقاً لمعرفة الأسباب والدوافع التي قد تدفع الزوجة إلى التصرف بهذه الطريقة.

هذا المقال يستعرض بشكل موسع الأسباب النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى قيام الزوجة بسرقة زوجها، ويحلل الظروف التي قد ترافق هذا السلوك، مع التمييز بين السرقة بمعناها الشائع والسرقة بمعنى الاستحواذ أو السيطرة العاطفية أو المالية، وهو السياق الذي سيُبنى عليه هذا المقال. وسنحاول من خلاله تقديم رؤية علمية وموضوعية حول هذا الموضوع المعقد.

تعريف ظاهرة سرقة الزوج من قبل الزوجة

لا تعني «سرقة الزوج» هنا بالضرورة أخذ أشياء مادية أو مالية بطريقة غير مشروعة، بل تشمل الاستحواذ على أموال الزوج، والتصرف بها من دون علمه، أو السيطرة العاطفية عليه، أو حتى الانفراد باتخاذ قرارات مهمة تخص الحياة المشتركة من دون مشاركة أو توافق مع الزوج. وهي ظاهرة قد تظهر في أشكال متعددة، منها:

• استغلال الزوجة لموارد الزوج المالية لمصالحها الشخصية دون رضاه.

• استحواذها على وقت الزوج واهتماماته، وقطع علاقاته الاجتماعية أو المهنية.

• السيطرة على قرارات الحياة اليومية والمالية والقانونية، بما يجعل الزوج مجرد تابع.

• أحياناً، استخدام وسائل نفسية أو عاطفية لإجبار الزوج على تلبية رغبات الزوجة حتى لو على حساب حقوقه.

العوامل النفسية التي تدفع الزوجة إلى سرقة زوجها

1. نقص الأمان العاطفي

يعد الشعور بعدم الأمان العاطفي من أبرز الأسباب التي تدفع الزوجة إلى محاولات السيطرة على الزوج، بما في ذلك سرقة جزء من حياته الخاصة أو ماله. حين تشعر الزوجة بأن هناك تهديداً لمكانتها في قلب الزوج، أو شعوراً بالغيرة أو الخوف من فقدانه، تلجأ إلى أساليب دفاعية تُمكّنها من الحفاظ على علاقتها معه.

2. رغبة في السيطرة والسيادة

بعض الزوجات تنمو لديهن رغبة في التحكم الكامل بالحياة الزوجية، ويظهر ذلك من خلال سلوك السيطرة على المال، والقرارات، وحتى التوجهات الاجتماعية للزوج. هذا السلوك قد يكون نتيجة خبرات سابقة أو بيئة تربوية تجعل السيطرة مصدراً للأمان والقوة، أو حتى نتيجة شخصية تملك نزعة نحو الهيمنة.

3. نقص الثقة بالنفس

الزوجة التي تعاني من ضعف الثقة بالنفس قد تحاول أن تعوض هذا النقص عبر التمسك بالزوج بطريقة استحواذية، أو من خلال سرقة جزء من ممتلكاته المالية لتعزيز شعورها بالاستقلالية والأمان. قد يتحول هذا السلوك إلى اعتماد مفرط على موارد الزوج.

4. مشاكل نفسية واضطرابات سلوكية

قد تؤدي اضطرابات نفسية مثل اضطراب الشخصية الاعتمادية، أو اضطراب السيطرة، إلى ظهور سلوكيات غير صحية تشمل استغلال الزوج أو سرقته عاطفياً ومالياً. هذه الحالات تتطلب تدخلاً علاجياً نفسياً.

العوامل الاجتماعية والثقافية المؤثرة

1. دور البيئة الأسرية والتنشئة الاجتماعية

المرأة التي تربت في بيئة تعتمد على التحكم والسيطرة كوسيلة للحفاظ على العلاقات قد تنتقل هذه السلوكيات إلى حياتها الزوجية. كما أن ثقافة المجتمع التي تكرم دور المرأة كمتحكمة في البيت أو المال قد تشجع بعض الزوجات على فرض سيطرتهن.

2. الظروف الاقتصادية

في المجتمعات التي تعاني من ضغوط اقتصادية، قد تلجأ الزوجة إلى الاستيلاء على جزء من موارد الزوج من أجل تغطية احتياجات الأسرة، خاصة إذا كان الزوج غير ملتزم مالياً أو غير متعاون. في بعض الحالات، تكون «سرقة المال» مجرد تعبير عن استغلال وضع اقتصادي صعب.

3. الضغط المجتمعي والتوقعات الاجتماعية

تفرض بعض المجتمعات على الزوجة دوراً نموذجياً كامرأة قوية ومستقلة، ما قد يخلق حالة من التوتر بين دورها التقليدي واحتياجاتها المعاصرة، فتبدأ في فرض سيطرة على حياة الزوج كطريقة لإثبات الذات.

مواقف وظروف شائعة تؤدي إلى سرقة الزوج من قبل الزوجة

1. حالات الطلاق العاطفي

حين يحدث تباعد عاطفي بين الزوجين، تلجأ بعض الزوجات إلى محاولة استعادة السيطرة على الزوج عبر التسلط على الموارد المادية أو التلاعب بالعواطف، وذلك في محاولة لإعادة اللحمة أو لتحقيق مكاسب شخصية.

2. غياب التواصل

غياب التواصل الصريح والصادق بين الزوجين يؤدي إلى سوء فهم واحتقان نفسي، ويُشعر الزوجة بأن عليها أن تتحكم في الأمور من أجل الحفاظ على الأسرة، فتبدأ بالتصرف باستحواذية.

3. الفتور الجنسي أو العاطفي

عندما تشعر الزوجة بأن العلاقة الحميمية ضعيفة، قد تتحول إلى سلوكيات استحواذية ومحاولة فرض سيطرة على قرارات الزوج أو على ماله، كطريقة للتعويض عن الفتور أو محاولة استعادة الانتباه.

4. ضغوط خارجية

التدخلات العائلية، والأزمات المالية، والضغوط المهنية قد تدفع الزوجة إلى التصرف بأنانية أو الاستحواذ على أموال الزوج أو قراراته كوسيلة للدفاع عن نفسها أو لتحسين وضعها.

الأبعاد القانونية والاقتصادية لسرقة الزوج

تظهر سرقة الزوج في المجال المالي بوضوح من خلال تصرف الزوجة بأموال الزوج من دون علمه، أو بيع ممتلكاته، أو التوقيع على عقود باسمه بدون إذنه. هذا السلوك يضع الزوج في موقف ضعف قانوني، خاصة في المجتمعات التي تعترف بالحقوق المالية للزوجين بشكل مشترك.

يجب التمييز بين التصرف القانوني المشروع وبين السرقة الحقيقية التي قد تندرج تحت الطعون القانونية في بعض الأنظمة القضائية. كذلك قد يلجأ الزوج إلى طلب الحماية القانونية أو فتح دعاوى قضائية إذا كان هناك استغلال مادي واضح.

الأثر النفسي والاجتماعي على الزوج

تؤثر سرقة الزوج على الحالة النفسية له بشكل كبير، حيث يشعر بالخيانة، وفقدان الثقة، والضعف أمام زوجته، ما قد يؤدي إلى تداعيات نفسية مثل الاكتئاب، والعزلة، وفقدان الحافز على العمل. كما يؤثر على علاقته الاجتماعية وأدائه المهني، إضافة إلى تأثيره على الأسرة والأبناء.

استراتيجيات الوقاية والعلاج

1. تعزيز التواصل الزوجي

إن بناء حوار مفتوح وصادق بين الزوجين يقلل من حالات سوء الفهم ويعزز الثقة، مما يحد من رغبة الزوجة في السيطرة أو السرقة.

2. الدعم النفسي

علاج الأسباب النفسية التي تدفع الزوجة إلى السلوك الاستحواذي، سواء عبر استشارات نفسية أو علاج سلوكي، يعتبر خطوة هامة.

3. الإدارة المالية المشتركة

وضع نظام مالي شفاف يتفق عليه الزوجان يمنع الاستغلال أو التصرف الأحادي في المال، ويضمن مشاركة عادلة.

4. الوعي والتثقيف

نشر الوعي الاجتماعي حول حقوق وواجبات الزوجين وأهمية الاحترام المتبادل يحد من السلوكيات السلبية.

جدول توضيحي لأبرز الأسباب والدوافع لسرقة الزوج من قبل الزوجة

الخلاصة

ظاهرة سرقة الزوج من قبل الزوجة ليست مجرد تصرف سطحي أو ظرفي، بل هي تعبير عن مجموعة من المشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي قد تتشابك لتنتج سلوكاً استحواذياً يضر بالعلاقة الزوجية. فهم هذه الأسباب وتقديم الحلول المناسبة عبر التواصل والدعم النفسي والوعي المجتمعي يحد من ظهور هذه الظاهرة ويعزز من استقرار الحياة الزوجية.

المؤسسة الزوجية تحتاج إلى بناء مستمر على أساس من الشراكة الحقيقية، التي تمنع أي شكل من أشكال الاستغلال أو السيطرة غير المتوازنة، مما يضمن حقوق كل طرف ويحفظ الكرامة والاحترام المتبادل.

المصادر والمراجع:

• عادل زكريا، “العلاقات الزوجية والتوازن النفسي”، دار الفكر، 2018.

• مجلة “علم النفس التطبيقي”، العدد 32، مقال بعنوان “دور التواصل والاحترام في استقرار الزواج”، 2021.