سرطان المثانة: الأسباب والعلاج

سرطان المثانة: تعريفه وأسبابه وعوامل خطره وطرق تشخيصه وعلاجه

مقدمة

يُعتبر سرطان المثانة من أكثر أنواع السرطان انتشارًا في العالم، وهو ينشأ في الخلايا التي تبطن المثانة، وهي العضو المسؤول عن تخزين البول. قد يتطور هذا السرطان ببطء على مدار سنوات، وأحيانًا يظل غير ملحوظ حتى مراحل متقدمة من المرض. في هذا المقال، سنستعرض سرطان المثانة من جميع جوانبه، بدءًا من التعريف به، مرورًا بالعوامل التي تؤدي إلى الإصابة به، وصولًا إلى طرق تشخيصه وعلاجه.

ما هو سرطان المثانة؟

سرطان المثانة هو نمو غير طبيعي للخلايا في المثانة البولية، التي تشكل جدرانها الداخلية. تتكون المثانة من عدة طبقات من الأنسجة، وأغلب أنواع سرطان المثانة تبدأ في الخلايا المبطنة للمثانة، والتي تعرف باسم الخلايا الانتقالية. لهذا السبب، يُطلق على معظم سرطانات المثانة اسم “سرطان الخلايا الانتقالية”. هذا النوع من السرطان يمكن أن يمتد إلى طبقات أعمق في جدار المثانة وقد ينتشر إلى الأعضاء المجاورة مثل الكلى أو العقد الليمفاوية.

أنواع سرطان المثانة

يوجد عدة أنواع من سرطان المثانة، ويتم تصنيفها بناءً على نوع الخلايا التي تبدأ فيها:

• سرطان الخلايا الانتقالية: هذا هو النوع الأكثر شيوعًا ويشمل حوالي 90% من حالات سرطان المثانة. يبدأ هذا السرطان في الخلايا المبطنة للمثانة والتي تُعرف بالخلايا الانتقالية.

• سرطان الخلايا الحرشفية: يصيب هذا النوع من السرطان الخلايا المسطحة في جدار المثانة. وهو أقل شيوعًا وقد يرتبط في بعض الأحيان بحالات التهاب المثانة المزمن أو العدوى المستمرة.

• سرطان الغدية: نوع نادر يبدأ في الخلايا الغدية التي تفرز المخاط.

أسباب وعوامل خطر سرطان المثانة

كما هو الحال مع العديد من أنواع السرطان الأخرى، هناك مجموعة من العوامل التي قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان المثانة. هذه العوامل يمكن أن تكون وراثية، بيئية، أو ناتجة عن سلوكيات حياتية.

1. التدخين: يُعتبر التدخين أحد أكبر عوامل الخطر للإصابة بسرطان المثانة. فالمواد الكيميائية السامة الموجودة في السجائر تتراكم في البول، ما يزيد من احتمالية تعرض خلايا المثانة للتلف.

2. التعرض للمواد الكيميائية: الأشخاص الذين يعملون في الصناعات الكيميائية، مثل صناعة الصبغات أو المواد البلاستيكية، معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بسرطان المثانة بسبب تعرضهم المستمر لبعض المواد الكيميائية السامة مثل “الأنيلين” و”البنزين”.

3. العدوى المزمنة: التهابات المسالك البولية المتكررة، أو التهاب المثانة الناتج عن استخدام القسطرة لفترات طويلة قد يرفع من خطر الإصابة بسرطان المثانة.

4. العمر والجنس: يعتبر سرطان المثانة أكثر شيوعًا في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا، وهو أكثر شيوعًا لدى الرجال من النساء.

5. العوامل الوراثية: يمكن أن تؤدي بعض الطفرات الجينية إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان المثانة. في بعض الحالات، قد يكون المرض أكثر شيوعًا في العائلات التي لديها تاريخ وراثي للإصابة بسرطان المثانة.

6. العلاج الكيميائي والإشعاعي: الأشخاص الذين خضعوا للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي في منطقة الحوض قد يكون لديهم خطر متزايد للإصابة بسرطان المثانة.

أعراض سرطان المثانة

قد تظهر أعراض سرطان المثانة تدريجيًا أو تكون غير واضحة في المراحل الأولى، مما يجعل التشخيص المبكر أمرًا صعبًا في بعض الأحيان. تتضمن الأعراض الشائعة ما يلي:

• دم في البول (الهيماتوريا): من أبرز الأعراض وأكثرها شيوعًا. قد يظهر الدم في البول بشكل مرئي أو قد يُكتشف خلال الفحوصات الطبية.

• ألم أو حرقان أثناء التبول: قد يشعر المصاب بألم أو حرقة عند التبول بسبب التهابات أو تهيج المثانة.

• تكرار التبول: قد يضطر المريض للتبول بشكل متكرر أو في ساعات الليل، حتى إذا كانت كمية البول صغيرة.

• الشعور بأن المثانة غير فارغة: قد يشعر المريض بأن مثانته لم تفرغ بالكامل بعد التبول.

• آلام أسفل البطن أو الحوض: قد يصاحب السرطان ألم مستمر أو تشنجات في منطقة الحوض.

تشخيص سرطان المثانة

نظرًا لأن العديد من الأعراض تتشابه مع حالات طبية أخرى مثل التهابات المسالك البولية، فإن تشخيص سرطان المثانة يتطلب سلسلة من الفحوصات الدقيقة:

1. اختبارات البول: تُستخدم لاكتشاف وجود دم في البول أو خلايا غير طبيعية قد تشير إلى وجود السرطان.

2. المنظار (Cystoscopy): يتم إدخال أنبوب رفيع مزود بكاميرا عبر الإحليل لفحص داخل المثانة. إذا تم العثور على أي نمو غير طبيعي، يمكن أخذ عينة من الأنسجة لفحصها (خزعة).

3. الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): تُستخدم هذه الفحوصات لتحديد مدى انتشار السرطان إلى الأنسجة المحيطة أو الأعضاء الأخرى.

4. التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan): يساعد في تقييم حجم الورم وانتشاره.

علاج سرطان المثانة

يعتمد علاج سرطان المثانة على عدة عوامل، مثل نوع السرطان، المرحلة التي وصل إليها، وحالة المريض الصحية العامة. تشمل الخيارات العلاجية الرئيسية:

1. الجراحة:

   • استئصال الورم عبر الإحليل (TURBT): إجراء جراحي يتم من خلاله إزالة الورم من المثانة باستخدام جهاز خاص يتم إدخاله عبر الإحليل.

   • استئصال المثانة الجزئي: قد يتم استئصال جزء من المثانة في الحالات التي لا يكون فيها السرطان قد انتشر بشكل واسع.

   • استئصال المثانة الكلي: في حالات السرطان المتقدم، قد يتطلب الأمر استئصال كامل للمثانة، ويتم إنشاء مثانة جديدة باستخدام جزء من الأمعاء.

2. العلاج الكيميائي: يُستخدم عادة بعد الجراحة لمنع عودة السرطان. يمكن أن يُعطى عن طريق الحقن أو مباشرة داخل المثانة.

3. العلاج المناعي: يتضمن استخدام أدوية لتحفيز جهاز المناعة لمهاجمة خلايا السرطان. وهو علاج مفيد في بعض الحالات التي لا تنجح معها العلاجات الأخرى.

4. العلاج الإشعاعي: يُستخدم بشكل رئيسي في حالة عدم إمكانية إجراء جراحة، أو إذا كان السرطان قد انتشر إلى الأنسجة المحيطة.

5. العلاج الكيميائي المتسلسل (Chemotherapy): يتم استخدامه في حالات السرطان المنتشر.

التوقعات والوقاية

تختلف التوقعات المستقبلية لمرضى سرطان المثانة اعتمادًا على مراحل السرطان عند التشخيص وطريقة العلاج المتبعة. إذا تم اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة، فإن نسبة الشفاء تكون عالية، ولكن في الحالات المتقدمة التي يصعب علاجها، فإن العلاج يهدف إلى تحسين نوعية الحياة وتخفيف الأعراض.

لا توجد طريقة مضمونة للوقاية من سرطان المثانة، ولكن هناك بعض الخطوات التي قد تقلل من خطر الإصابة:

• الإقلاع عن التدخين.

• الحد من التعرض للمواد الكيميائية الضارة.

• إجراء فحوصات دورية للأشخاص المعرضين للخطر، خاصة لأولئك الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان.

خاتمة

على الرغم من أن سرطان المثانة يمكن أن يكون مرضًا مخيفًا، إلا أن العلاج المبكر والمناسب يمكن أن يُحسن بشكل كبير من فرص الشفاء والنجاة. الفهم الجيد لأعراض المرض وأسبابه وأساليب الوقاية منه، بالإضافة إلى التشخيص والعلاج الفعّال، يساهم في تقليل مخاطر تطور المرض.