الفئات الممنوعة من لحم الخروف

الفئات الممنوعة من تناول لحم الخروف

يُعدّ لحم الخروف من الأطعمة المحببة والمنتشرة في العديد من الثقافات، ويُستهلك على نطاق واسع في المواسم والمناسبات المختلفة، نظرًا لطعمه الغني وقيمته الغذائية العالية. غير أن هذه اللحوم، رغم فوائدها، لا تناسب جميع الفئات، بل قد تتسبب في أضرار صحية جسيمة لبعض الأفراد. يعود ذلك إلى محتواها العالي من الدهون المشبعة والكولسترول، إلى جانب تأثيرها على بعض الحالات الصحية المزمنة. في هذا المقال نعرض تحليلاً مفصلاً للفئات الممنوعة أو التي يجب أن تحد من استهلاك لحم الخروف، مع التركيز على الأسباب الطبية والبيولوجية التي تستوجب ذلك.

أولاً: مرضى القلب والشرايين

لحم الخروف يحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة، التي ترفع مستويات الكولسترول الضار (LDL) في الدم، مما يزيد من خطر تراكم الدهون في جدران الشرايين. هذا التراكم يضيق الأوعية الدموية، ويؤدي مع الوقت إلى أمراض القلب التاجية، النوبات القلبية، والسكتات الدماغية.

التفسير البيوكيميائي

عند استهلاك كميات كبيرة من الدهون المشبعة، يحفز الكبد على إنتاج المزيد من الكولسترول. مع ارتفاع نسبة الكولسترول الضار مقارنة بالكولسترول الجيد (HDL)، تتكون اللويحات الدهنية في الشرايين، وهي ما تُعرف بالتصلب العصيدي. لحم الخروف، وخصوصًا الأجزاء الدهنية مثل “اللية”، تعتبر من المصادر البارزة لهذه الدهون.

ثانياً: مرضى ارتفاع ضغط الدم

الأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم يجب أن يكونوا حذرين للغاية في تناول لحم الخروف، لا سيما عند طهيه باستخدام الملح الزائد أو مع البهارات الثقيلة والدهون. الدهون المشبعة في هذا اللحم تعيق توسع الأوعية الدموية، مما يرفع الضغط داخل الشرايين. كما أن ارتفاع نسبة الصوديوم في بعض طرق إعداد اللحوم مثل الشوي أو اللحوم المجففة يزيد العبء على الأوعية الدموية.

تأثيره الفسيولوجي

عندما تزداد مقاومة الأوعية الدموية نتيجة تضيقها بسبب تراكم الدهون أو تصلبها، يضطر القلب لضخ الدم بقوة أكبر، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم المزمن.

ثالثاً: مرضى النقرس

النقرس هو شكل من أشكال التهاب المفاصل يحدث نتيجة تراكم حمض اليوريك في المفاصل. لحم الخروف يحتوي على نسبة عالية من “البيورينات”، وهي مركبات تتحلل في الجسم لتتحول إلى حمض اليوريك. هذه المادة، عندما تتراكم بكميات كبيرة، تشكل بلورات حادة في المفاصل، مسببة ألماً شديداً وتورماً.

الفئة المعرضة للخطر

الرجال في منتصف العمر وكبار السن، وخاصة من لديهم تاريخ عائلي للنقرس أو يتناولون أدوية مدرة للبول، يجب أن يمتنعوا أو يقللوا بشدة من تناول لحم الخروف، خصوصًا الأجزاء العضلية الحمراء مثل الكتف والفخذ.

رابعاً: مرضى الكلى

الكلى تلعب دوراً مركزياً في تصفية الفضلات من الجسم، ومنها الفضلات الناتجة عن هضم البروتينات. لحم الخروف غني بالبروتين الحيواني، ما يؤدي إلى زيادة الأحمال الأيضية على الكلى. الأشخاص المصابون بأمراض الكلى المزمنة أو الذين خضعوا لغسيل كلوي يجب أن يتجنبوا استهلاك كميات كبيرة من هذا اللحم.

التأثير الكلوي

زيادة البروتين تؤدي إلى تحفيز ترشيح الكلى بشكل مفرط، مما يسرّع تدهور وظائف الكلى، خاصة إذا كانت تعاني بالفعل من ضعف الأداء أو من وجود خلايا نخرية داخل النيفرونات.

خامساً: مرضى الكبد

الكبد هو العضو الرئيسي الذي يعالج الدهون في الجسم. وعندما يكون الكبد مصابًا بتليف أو دهون زائدة أو فيروسات مزمنة، فإن استهلاك الدهون المشبعة، كما هو الحال في لحم الخروف، قد يزيد من الضغط عليه. يساهم ذلك في تطور مرض الكبد الدهني غير الكحولي، وتدهور حالات الكبد المزمنة.

سادساً: مرضى السمنة

الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو يسعون لتقليل وزنهم يجب أن يحذروا من لحم الخروف، لأنه يحتوي على سعرات حرارية مرتفعة نتيجة محتواه العالي من الدهون. قطعة صغيرة من لحم الضأن قد تحتوي على أكثر من 300 سعر حراري، معظمها يأتي من الدهون.

تأثيره في خطة إنقاص الوزن

تناول هذا النوع من اللحوم يعطل الجهود المبذولة لإنقاص الوزن، حيث يعزز من تخزين الدهون في الجسم ويزيد من مستوى مقاومة الأنسولين، ما يؤدي إلى تفاقم متلازمة التمثيل الغذائي.

سابعاً: المصابون بارتفاع الكولسترول

أولئك الذين يعانون من فرط كولسترول الدم العائلي أو المكتسب يجب عليهم تجنب اللحوم الدهنية مثل لحم الخروف. تأثيره السلبي مزدوج: من ناحية يحتوي على كولسترول غذائي، ومن ناحية أخرى يحفز الجسم على إنتاج المزيد منه.

ثامناً: الأطفال دون السنة الأولى

لا يُنصح بإعطاء الأطفال الرضع لحم الخروف لعدة أسباب، منها صعوبة هضمه بسبب احتوائه على دهون معقدة، وإمكانية تحفيز ردود فعل تحسسية. كما أن الكلى والكبد لديهم ليست ناضجة بشكل كافٍ للتعامل مع بروتينات هذا النوع من اللحوم.

تاسعاً: كبار السن

مع تقدم العمر، تقل كفاءة الكبد والكلى والجهاز الهضمي، ويصبح الجسم أكثر حساسية للدهون المشبعة. تناول لحم الخروف بكميات كبيرة قد يؤدي إلى عسر الهضم، الغازات، وارتفاع ضغط الدم والكولسترول، لذا يُفضل استبداله بأنواع لحم أقل دهونًا مثل الدجاج أو الأسماك.

عاشراً: النساء الحوامل في حالات معينة

رغم أن لحم الخروف مصدر غني بالحديد والبروتين، إلا أن بعض النساء الحوامل، خاصة المصابات بسكري الحمل أو ارتفاع ضغط الدم الحملي أو التسمم الحملي، يجب أن يبتعدن عن لحم الخروف. كما أن هناك احتمالية تلوث بعض لحوم الضأن ببكتيريا “الليستيريا”، ما يشكل خطراً على صحة الجنين.

الجدول التالي يوضح مقارنة سريعة بين الفئات الممنوعة وتأثير لحم الخروف عليها:

الخلاصة الطبية

رغم أن لحم الخروف يحمل فوائد غذائية لا يمكن إنكارها كونه غني بالبروتين والحديد والزنك، إلا أن استهلاكه يجب أن يكون محكومًا بوعي طبي وغذائي، خصوصًا لدى الفئات المعرضة للخطر. الفهم العميق لمكونات اللحم وتأثيراته على وظائف الأعضاء الحيوية يفرض ضرورة توخي الحذر لدى المصابين بالأمراض المزمنة، مع إمكانية اللجوء إلى بدائل غذائية صحية تؤدي نفس الغرض دون تعريض الجسم للعبء الأيضي.

المراجع:

1. Harvard T.H. Chan School of Public Health – The Nutrition Source: Red Meat and Health

2. World Health Organization – Diet, nutrition and the prevention of chronic diseases (WHO Technical Report Series 916)