أسباب حساسية الأسنان

تُعد حساسية الأسنان من المشكلات الشائعة التي يعاني منها الكثير من الناس حول العالم، وتؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة اليومية، إذ تسبب ألماً حاداً ومزعجاً عند تناول أطعمة أو مشروبات باردة، ساخنة، حامضة، أو حتى عند التنفس في الهواء البارد. في هذا المقال سيتم تناول أسباب حساسية الأسنان بشكل موسع وعلمي، مع عرض مفصل للعوامل المؤدية إلى ظهور هذه الحالة، وكيفية حدوثها من الناحية البيولوجية والطبية، مما يوفر فهماً شاملاً لهذه الظاهرة التي تهم قطاعاً واسعاً من المرضى.

تعريف حساسية الأسنان

حساسية الأسنان هي شعور مؤلم ومفاجئ يحدث عند تعرّض الأسنان لمحفزات معينة مثل البرودة أو السخونة أو الأطعمة الحمضية أو حتى التلامس الميكانيكي. الألم غالبًا ما يكون حادًا وموجزًا، ويختفي بسرعة عند إزالة المحفز. ينجم هذا الألم عن انكشاف أنسجة حساسة داخل الأسنان تُعرف بالعاج، وهي الطبقة التي تقع تحت مينا الأسنان وتحت طبقة اللثة.

التركيب التشريحي للأسنان وعلاقته بالحساسية

يتكون السن من عدة طبقات، أهمها:

• المينا: الطبقة الخارجية الصلبة التي تغطي التاج، وهي أقسى نسيج في الجسم.

• العاج: الطبقة التي تقع تحت المينا وتحتوي على أنابيب دقيقة مملوءة بسائل، وهي حساسة للغاية.

• اللب: الجزء الداخلي للسن الذي يحتوي على الأعصاب والأوعية الدموية.

حين تتعرض المينا أو اللثة للتلف أو التراجع، ينكشف العاج ويصبح معرضًا للمحفزات الخارجية، مما يؤدي إلى تحفيز الأعصاب الموجودة داخل اللب مسببة الألم.

الأسباب الرئيسية لحساسية الأسنان

1. تراجع اللثة

تراجع اللثة هو السبب الأكثر شيوعًا لحساسية الأسنان، ويحدث عندما تنسحب اللثة عن عنق السن مكشوفة بذلك جذر السن، الذي لا يحتوي على مينا، بل طبقة رقيقة تسمى الأسمنت، وهي أقل حماية من المينا، ويحتوي الجذر على أنابيب عاجية مفتوحة تؤدي إلى لب السن، مما يجعل السن أكثر حساسية تجاه المحفزات الخارجية.

عوامل تؤدي إلى تراجع اللثة:

• التنظيف الشديد بالفرشاة وبقوة عالية.

• أمراض اللثة المزمنة مثل التهاب اللثة والتهاب دواعم السن.

• التقدم في العمر.

• عوامل وراثية تؤثر على سلامة اللثة.

• استخدام تركيبات أو تقويم غير مناسب قد يسبب تهيجًا في اللثة.

2. تآكل مينا الأسنان

تآكل المينا يؤدي إلى فقدان الطبقة الواقية الخارجية للأسنان، وهو ما يجعل طبقة العاج معرضة للمحفزات الخارجية. يحدث تآكل المينا بسبب:

• الإفراط في تناول الأطعمة والمشروبات الحمضية مثل العصائر الغازية والحمضيات.

• الارتجاع المعدي المريئي الذي يؤدي إلى تسرب الحمض من المعدة إلى الفم.

• الاستخدام المفرط لمعاجين الأسنان التي تحتوي على مكونات كاشطة.

• بعض العادات السيئة مثل فرك الأسنان بقوة أو استخدام أدوات تنظيف غير مناسبة.

3. تسوس الأسنان

تسبب التجاويف الناتجة عن تسوس الأسنان فتحات في المينا والعاج، مما يسمح للمواد المؤلمة بالوصول إلى الأعصاب داخل اللب. كلما زاد عمق التسوس اقترب من الأعصاب، زادت حساسية الأسنان.

4. تشقق الأسنان أو الكسر

تشقق السن أو وجود كسور فيه يعرض الأنسجة الداخلية للعوامل الخارجية، مسببة شعورًا بالألم عند تناول الطعام أو الشراب، خاصة البارد أو الساخن.

5. استخدام بعض العلاجات أو الإجراءات الطبية

بعض العلاجات مثل تبييض الأسنان، التنظيف العميق للأسنان عند طبيب الأسنان (التقليح)، أو تركيب التيجان والجسور قد تسبب حساسية مؤقتة للأسنان بسبب تهيج الأعصاب أو تعرض العاج.

6. طحن الأسنان أو الاحتكاك

عادة طحن الأسنان (بركسر) أو احتكاكها بقوة أثناء النوم أو تحت الضغط يسبب تآكل المينا وكشف العاج، ويؤدي إلى حساسية شديدة، خاصة مع مرور الوقت.

7. التهابات اللثة المزمنة

التهابات اللثة المزمنة تؤدي إلى تلف الأنسجة المحيطة بالأسنان، وتراجع اللثة، مما يؤدي إلى كشف الجذور، وبالتالي ظهور الحساسية.

8. ضعف صحة الفم العامة

عدم الاهتمام بنظافة الفم والأسنان يؤدي إلى تراكم البلاك والجير، مما يسبب أمراض اللثة والتهاب الأسنان، ويزيد من احتمالية الإصابة بحساسية الأسنان.

العوامل المساعدة التي تزيد من خطر الإصابة بحساسية الأسنان

• العمر: تتزايد حساسية الأسنان مع التقدم في العمر بسبب التغيرات التي تطرأ على اللثة والمينا.

• النظام الغذائي: الأطعمة الحمضية أو السكرية بشكل مفرط تسرّع من تلف المينا.

• العادات السيئة: مثل التدخين أو استخدام منتجات التبغ التي تضر باللثة والأسنان.

• الضغط النفسي: يؤدي إلى زيادة عادة طحن الأسنان والتي تسبب الحساسية.

• التغيرات الهرمونية: خاصة عند النساء في مراحل معينة مثل الحمل أو انقطاع الطمث قد تؤثر على صحة اللثة.

الآلية الفيزيولوجية لحدوث الألم في حساسية الأسنان

داخل العاج توجد أنابيب صغيرة جداً تحتوي على سائل يتصل بألياف عصبية في اللب، عند تعرض العاج لمحفزات معينة (حرارة، برودة، أحماض، أو تلامس ميكانيكي)، يتحرك السائل داخل هذه الأنابيب، وينتقل هذا التحرك إلى نهايات الألياف العصبية، مما يسبب الشعور بالألم الحاد والمفاجئ. هذه الظاهرة تعرف بنظرية السائل الهيدروديناميكي.

تشخيص حساسية الأسنان

يتم تشخيص حساسية الأسنان من خلال الفحص السريري وطرح تاريخ الحالة على المريض. يقوم الطبيب بمعرفة المحفزات التي تسبب الألم، ويستخدم أدوات خاصة لتحديد المناطق الحساسة. كما قد يلجأ إلى استخدام الأشعة السينية لاستبعاد وجود تسوس عميق أو مشاكل أخرى.

علاجات وتقنيات للحد من حساسية الأسنان

• استخدام معاجين أسنان خاصة: تحتوي على مكونات مثل نترات البوتاسيوم أو الفلوريد التي تساعد في تقليل تحفيز الأعصاب.

• معالجة تراجع اللثة: عن طريق إجراءات جراحية بسيطة لإعادة تغطية الجذور المكشوفة.

• معالجة تسوس الأسنان: بإزالة التسوس وحشو الأسنان.

• تجنب المحفزات: مثل تقليل تناول الأطعمة الحمضية، أو تعديل طريقة تنظيف الأسنان.

• استخدام الفلوريد الموضعي: لتعزيز المينا ومنع تآكلها.

• التقليل من عادة طحن الأسنان: باستخدام واقيات الفم أثناء النوم.

• العلاج بالليزر: لتقليل حساسية الأعصاب.

• الإجراءات التجميلية: مثل تركيب التيجان أو الفينير لتغطية الأسنان المتآكلة.

جدول يوضح أهم أسباب حساسية الأسنان والعلاجات المقترحة

الوقاية من حساسية الأسنان

الوقاية من حساسية الأسنان تتطلب عناية مستمرة بصحة الفم والأسنان، وتجنب العوامل التي تؤدي إلى تلف المينا أو اللثة. من الضروري استخدام تقنيات تنظيف مناسبة ولطيفة، والحفاظ على نظام غذائي متوازن يقلل من التعرض للمواد الحمضية، إضافة إلى زيارة طبيب الأسنان بشكل دوري للفحص والتنظيف.

خاتمة

تُعد حساسية الأسنان حالة معقدة ناتجة عن مجموعة من الأسباب التي تتداخل بين عوامل بيولوجية وسلوكية وبيئية، وهي مشكلة تؤثر على راحة الفرد وجودة حياته. يتطلب التعامل معها معرفة دقيقة بالأسباب والعوامل المؤثرة، واتباع استراتيجيات علاجية ووقائية شاملة تضمن الحفاظ على صحة الأسنان واللثة، وتوفير الراحة من الألم الناتج عنها. التوعية والعناية المستمرة هما المفتاح لتقليل خطر الإصابة بحساسية الأسنان ورفع مستوى الصحة الفموية بشكل عام.

المصادر

1. American Dental Association – Understanding Tooth Sensitivity.

2. Journal of Clinical Dentistry – Mechanisms and Treatment of Dentinal Hypersensitivity, 2020.