7 نصائح تعوّدين بها ولدك على تجنّب الشتائم

يُعدّ التلفّظ بالكلمات النابية أو الشتائم من السلوكيات غير المرغوبة التي قد تظهر لدى الأطفال في مرحلة مبكرة من الطفولة، وقد تتسبب في قلق شديد لدى الأهل، خاصة عندما يعبّر الطفل عن غضبه أو انفعاله بطريقة فظة وغير مهذبة. وفي ظلّ التغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع من حيث التأثيرات الإعلامية والرقمية والبيئة المدرسية والاجتماعية، أصبح من الضروري أن يتحلى الوالدان بوعي تربوي عميق يمكّنهم من توجيه أبنائهم نحو السلوك السليم ومساعدتهم على تنمية قدرتهم على التعبير بطرق مهذبة بعيدًا عن العنف اللفظي.

يهدف هذا المقال إلى تقديم استراتيجيات فعّالة تساعد الأمهات والآباء في تعويد أطفالهم على تجنّب الشتائم، وتثبيت قيم الاحترام والتواصل الحضاري في شخصياتهم منذ الصغر. وتكمن أهمية هذا الطرح في أنه لا يقتصر على معالجة السلوك فقط، بل يتعامل مع الجذور النفسية والتربوية التي تدفع الطفل نحو استخدام الألفاظ النابية، ويسعى لتقديم بدائل عملية قابلة للتطبيق في بيئة الأسرة والمدرسة والمجتمع.

أولًا: كوني قدوة لغوية وسلوكية لطفلك

الطفل بطبيعته يقلّد أكثر مما يتلقّى من تعليم مباشر. فإذا نشأ في بيئة يسود فيها الهدوء والاحترام المتبادل، وكانت الألفاظ المستخدمة بين أفراد الأسرة خالية من العنف اللفظي، فإنه يعتاد على هذا النموذج ويتشرّبه لا شعوريًا. أما إذا لاحظ تناقضًا بين ما يسمعه من نصائح وما يشهده من أفعال، فإنه يضطرب سلوكه ويختار النموذج العملي على الكلام النظري.

تجنّبي تمامًا استخدام الشتائم أو الألفاظ المحقّرة في المنزل، سواء كانت موجهة إليه أو إلى غيره، حتى في لحظات الغضب. وتذكّري أن الطفل يسجّل كل كلمة ويسعى لاختبار حدود ما يسمعه. ومن الضروري أن يرى فيكِ نموذجًا للهدوء وضبط النفس واحترام الآخرين، حتى في الخلافات والنقاشات اليومية.

ثانيًا: فَهمُ أسباب الشتائم بدلًا من قمعها

غالبًا ما تكون الشتائم وسيلة يعبر بها الطفل عن مشاعره الغاضبة أو محاولاته لاكتساب قوة أو هيمنة بين أقرانه. في بعض الحالات، قد يلجأ الطفل إلى الشتائم كأداة للفت الانتباه أو كاستجابة لما يسمعه من البيئة المحيطة أو حتى مما يشاهده عبر الشاشات.

من المهم أن تتعاملي مع الشتائم على أنها عرض لسلوك يحتاج إلى فهم وليس إلى قمع فوري. اسألي نفسك: هل يشعر الطفل بالإحباط أو الإهمال؟ هل يتعرّض للتنمر أو الضغوط في المدرسة؟ هل يقلد شخصية في لعبة إلكترونية أو مسلسل كرتوني؟ الفهم العميق للدوافع يساعد في توجيه التدخل بشكل صحيح ومستدام.

ثالثًا: عزّزي ثقافة الحوار والتعبير المهذب

من الوسائل الفعالة في تهذيب سلوك الطفل اللفظي، هي تعليمه كيفية التعبير عن مشاعره بطرق مهذبة. وفّري له مساحة آمنة يتحدث فيها عن انزعاجه أو غضبه أو قلقه، وعلّميه جملًا بديلة يمكنه استخدامها عند الغضب، مثل: “أنا مستاء”، أو “هذا الأمر أغضبني”، بدلًا من الشتائم التي قد يستخدمها بشكل تلقائي.

يمكن تنظيم أنشطة حوارية عائلية يتعلّم فيها الطفل استخدام العبارات اللطيفة والاستماع الجيد والرد باحترام، خاصة عند الخلاف أو النزاع. ساعديه على إدراك الفرق بين الجرأة والوقاحة، وبين التعبير الصادق والإهانة.

رابعًا: استخدمي التعزيز الإيجابي لتثبيت السلوك الحسن

يحتاج الطفل إلى أن يشعر بأن سلوكه المهذّب يُلاحظ ويُقدّر. لا تنتظري فقط لحظات الخطأ لتوبيخه، بل احرصي على مدحه وتشجيعه حين يتحدث بلغة راقية ويبتعد عن الشتائم، حتى ولو في مواقف صغيرة. التعزيز الإيجابي يُسهم في بناء عادة لغوية جديدة مبنية على الاحترام.

يمكنكِ استخدام وسائل متنوعة للتشجيع، مثل كلمات الثناء، أو احتساب نقاط للمكافأة، أو تخصيص وقت ممتع كمكافأة على السلوك الجيد. الهدف هو ربط احترام اللغة بالشعور بالرضا والنجاح الداخلي، لا بالخوف من العقاب فقط.

خامسًا: حدّي من التعرض للمؤثرات السلبية

تلعب وسائل الإعلام، ومنصات التواصل، والألعاب الإلكترونية دورًا كبيرًا في تشكيل لغة الطفل ومفاهيمه حول ما هو مقبول وما هو غير ذلك. فالكثير من المحتويات الموجّهة للأطفال قد تتضمن لغة سوقية أو شتائم مبطّنة تُقدّم في إطار الفكاهة أو البطولة.

راقبي نوعية المحتوى الذي يتعرّض له طفلك، واعملي على ترشيح البرامج الهادفة والكتب التربوية والألعاب التعليمية. يمكنك مشاركته المشاهدة والنقاش لتوضيح الفرق بين المحتوى الجيد والسلوك غير اللائق الذي قد يظهر فيه. وتأكّدي أن البيئة الرقمية التي ينخرط فيها الطفل يجب أن تكون امتدادًا لقيم الأسرة وليس تناقضًا معها.

سادسًا: ضعي حدودًا واضحة وهادئة

من المهم أن يكون الطفل على دراية بأن هناك حدودًا لما هو مسموح به في الحديث والسلوك داخل الأسرة وخارجها. احرصي على شرح قواعد استخدام اللغة بأسلوب هادئ وواضح، وبيّني له أن الشتائم ليست فقط كلمات غير مهذبة، بل تؤذي الآخرين وتنعكس على احترامه لنفسه.

عندما يتلفّظ الطفل بشتيمة، لا تصرخي أو تستخدمي شتائم مضادة، بل اتخذي موقفًا ثابتًا من خلال تذكيره بالقواعد المتفق عليها، وحرمانه من امتياز معيّن (مثل وقت الشاشة) إذا تكرر السلوك. الثبات في الموقف مهم جدًا، لأن التهاون المتكرر يربك الطفل ويفقده الإحساس بجدّية المسألة.

سابعًا: ساعديه على بناء قاموس لغوي إيجابي

كلما زادت حصيلة الطفل اللغوية، وتوسّعت قدرته على التعبير بمفردات متنوعة، قلّ اعتماده على الشتائم للتعبير عن مشاعره. لذلك من المفيد أن تركّزي على تنمية لغته من خلال القراءة اليومية، وسرد القصص، والمحادثات الهادفة، والألعاب اللغوية.

ادعميه لحفظ المفردات الجميلة، والجمل ذات الدلالة العاطفية الإيجابية، وشاركيه تأليف قصص قصيرة أو حوارات تمثيلية تساعده على استيعاب أهمية اللغة النظيفة والمؤثرة. إن بناء رصيد لغوي بديل للشتائم يُعد خطوة جوهرية في عملية التهذيب.

جدول ملخّص للاستراتيجيات

خلاصة

تجنّب الشتائم ليس هدفًا بحد ذاته فحسب، بل هو انعكاس لمجموعة من القيم التي تنمو مع الطفل وتؤثر على سلوكه الاجتماعي وشخصيته المستقبلية. ومن خلال تبني نهج تربوي شامل يعتمد على القدوة، والفهم، والتوجيه، والبدائل، يمكن للوالدين أن ينجحوا في غرس سلوك لغوي محترم ومتّزن. إن هذه العملية تحتاج إلى صبر وتكرار وثبات، لكنها تثمر أطفالًا أكثر احترامًا لذواتهم وللآخرين، وأكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم بذكاء وانضباط.

المراجع:

1. محمد مصطفى أبو صالح، أسس التربية السليمة للأطفال، دار الفكر العربي، 2019.

2. Adele Faber and Elaine Mazlish, How to Talk So Kids Will Listen & Listen So Kids Will Talk, HarperCollins, 2012.