طريقة زراعة المشروم: دليل شامل ومفصل لزراعة الفطر في المنزل والمزارع

يعتبر المشروم أو الفطر من أهم المحاصيل الزراعية التي تحظى بشعبية واسعة حول العالم، لما له من فوائد غذائية وصحية كبيرة، إلى جانب كونه سلعة مربحة تجارياً. زراعة المشروم ليست بالأمر المعقد كما يظن البعض، لكنها تحتاج إلى معرفة دقيقة بالخطوات، الظروف البيئية المناسبة، وكيفية التعامل مع مراحل نمو الفطر المختلفة للحصول على محصول جيد وكبير.

في هذا المقال سيتم تناول موضوع زراعة المشروم بشكل موسع جداً، بداية من التعريف بأنواع الفطر، مروراً بتحضير البيئة المناسبة، طرق الزراعة المختلفة، التحكم بالعوامل البيئية، إلى مراحل الحصاد والتخزين، مع التركيز على أهم النصائح التي تضمن إنتاجية عالية وجودة ممتازة للمحصول.

تعريف المشروم وأنواعه

المشروم هو نوع من الفطريات التي تنمو على المواد العضوية المتحللة. من أشهر الأنواع المزروعة:

• المشروم الأبيض (Agaricus bisporus): وهو الأكثر شيوعاً واستهلاكاً في الأسواق.

• المشروم البني (Portobello): نوع آخر من الفطر الأبيض لكن بحجم أكبر ونكهة أقوى.

• المشروم شيتاكي (Lentinula edodes): من الأنواع الآسيوية الشهيرة.

• المشروم المحاري (Pleurotus ostreatus): يتميز بسرعة نموه وقلة متطلباته البيئية.

هذا المقال سيركز بشكل أساسي على المشروم الأبيض بسبب انتشاره وسهولة زراعته.

متطلبات زراعة المشروم

1. البيئة المناسبة

المشروم يحتاج إلى بيئة خاصة لزيادة الإنتاجية وجودة الفطر، ومن أهم شروط البيئة:

• درجة الحرارة: تتراوح بين 18 إلى 24 درجة مئوية خلال فترة النمو، مع ضرورة تعديلها حسب مرحلة الزراعة.

• الرطوبة: يجب أن تكون نسبتها عالية جداً، بين 85% إلى 95%، لضمان عدم جفاف الوسط الزراعي.

• التهوية: وجود تهوية جيدة بدون تعريض المشروم لتيارات هوائية مباشرة.

• الظلام أو الإضاءة الخفيفة: معظم أنواع المشروم تنمو بشكل أفضل في الظلام أو الإضاءة الخفيفة.

• مستوى ثاني أكسيد الكربون: يجب أن يكون منخفضاً خاصة في مراحل التزهير.

2. وسط الزراعة (الركيزة)

الركيزة هي المادة التي ينمو عليها المشروم، وهي عبارة عن مواد عضوية غنية تساعد في تغذية الفطر، ومن أشهر الركائز:

• نشارة الخشب: خاصةً لمشروم شيتاكي والمحاري.

• القش: وهو الأكثر استخداماً في زراعة المشروم الأبيض.

• فضلات القهوة: تستخدم كمادة زراعية داعمة أحياناً.

• القمح أو الشعير: يمكن إضافته لتحسين قيمة الركيزة.

يتم تجهيز الركيزة بحيث تكون معقمة وخالية من الجراثيم التي قد تنافس الفطر المزروع.

3. الميكوليوم (الشتلة)

الميكوليوم هو ما يشبه الجذر الخاص بالفطر، وهو عبارة عن خلايا فطرية متماثلة تُستخدم كنواة للزراعة، يتم شراء الميكوليوم من مراكز متخصصة أو يمكن تحضيره داخل المزرعة باستخدام تقنيات معقمة.

خطوات زراعة المشروم بالتفصيل

المرحلة الأولى: تحضير الركيزة

• جمع المواد: اختيار نوع الركيزة المناسب (قش، نشارة خشب، إلخ).

• التقطيع والتبليل: تقطيع القش إلى قطع صغيرة، ثم تبليله بالماء حتى تصل الرطوبة إلى حوالي 65-70%.

• التعقيم: يتم تعقيم الركيزة باستخدام البخار أو الماء الساخن عند درجة حرارة 60-70 درجة مئوية لمدة 2-3 ساعات للقضاء على البكتيريا والفطريات المنافسة.

• التبريد: تترك الركيزة لتبرد إلى درجة حرارة الغرفة.

المرحلة الثانية: تلقيح الركيزة بالميكوليوم

• التوزيع: يتم خلط الميكوليوم بشكل متساوٍ داخل الركيزة المعقمة.

• التعبئة: تعبأ الركيزة الملقحة في أكياس بلاستيكية مخصصة تحتوي على فتحات للتهوية.

المرحلة الثالثة: فترة التكوين (فترة النمو)

• التخزين: توضع الأكياس في غرفة مظلمة ذات درجة حرارة تتراوح بين 22-24 درجة مئوية ورطوبة مرتفعة.

• النمو: يبدأ الميكوليوم في التفرع داخل الركيزة خلال 2-3 أسابيع، بحيث يملأ الأكياس بشكل كامل.

• مراقبة: يجب مراقبة الأكياس للتأكد من عدم وجود أي تلوث.

المرحلة الرابعة: التزهير (ظهور الفطر)

• تغيير الظروف: تُنقل الأكياس إلى غرفة ذات إضاءة خفيفة (غير مباشرة) ودرجة حرارة أقل (حوالي 16-18 درجة مئوية) مع رطوبة عالية (90-95%).

• التهوية: زيادة التهوية لتقليل ثاني أكسيد الكربون.

• الري: رش الماء بشكل خفيف للحفاظ على الرطوبة.

• ظهور الفطر: تبدأ رؤوس الفطر في الظهور خلال أيام قليلة.

المرحلة الخامسة: الحصاد

• التوقيت: يحصد المشروم عند اكتمال نموه قبل أن تبدأ القبعات بالانفتاح الكامل.

• الطريقة: القطع بلطف بيد نظيفة أو باستخدام سكين حاد.

• التخزين: يوضع المشروم في صناديق مهوية ويحفظ في درجة حرارة 2-4 درجات مئوية للحفاظ عليه لأطول فترة ممكنة.

التحكم بالعوامل البيئية

النجاح في زراعة المشروم يعتمد بدرجة كبيرة على التحكم الدقيق بالعوامل البيئية. حيث يجب التحكم في درجة الحرارة والرطوبة والتهوية بشكل يومي، لتجنب المشاكل التالية:

• التلوث الفطري والبكتيري: ناتج عن تعقيم غير جيد أو رطوبة زائدة.

• جفاف الركيزة: يؤدي إلى بطء نمو المشروم أو موت الميكوليوم.

• ارتفاع ثاني أكسيد الكربون: يقلل من جودة الفطر ويؤخر التزهير.

• الإضاءة الزائدة: قد تؤثر سلباً على النمو وتسبب ظهور فطريات ضارة.

استخدام أجهزة قياس الرطوبة ودرجة الحرارة داخل غرفة الزراعة ضروري للحفاظ على الظروف المثالية.

المشكلات الشائعة وكيفية تجنبها

• تعفن الركيزة: نتيجة عدم التعقيم الجيد، يمكن الوقاية منه من خلال تعقيم الركيزة بالطريقة الصحيحة.

• نمو الفطريات الأخرى: تظهر على شكل بقع ملونة غير طبيعية، ويجب التخلص من الأكياس المصابة فوراً.

• جفاف المشروم: بسبب نقص الرطوبة، يلزم رش الماء بانتظام وبطريقة مناسبة.

• ظهور رائحة كريهة: يدل على فساد الركيزة أو وجود بكتيريا، يتطلب التخلص منها وتنظيف المكان جيداً.

جدول توضيحي لمراحل زراعة المشروم والظروف البيئية المطلوبة

الفوائد الاقتصادية والصحية لزراعة المشروم

تعد زراعة المشروم من المشاريع الزراعية التي توفر دخلاً جيداً بسبب الطلب المستمر عليه في الأسواق والمطاعم. كما أن المشروم يحتوي على العديد من العناصر الغذائية المهمة مثل البروتين، الألياف، الفيتامينات (خاصة فيتامين د)، والمعادن مثل البوتاسيوم والحديد.

من الناحية الصحية، يساعد المشروم في تقوية جهاز المناعة، تقليل مستويات الكوليسترول، ودعم صحة القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى خصائصه المضادة للأكسدة والسرطان.

خلاصة

زراعة المشروم عملية زراعية متخصصة تتطلب معرفة علمية دقيقة وتحكمًا في الظروف البيئية لضمان نجاحها. تتميز هذه الزراعة بأنها يمكن أن تتم في مساحات صغيرة داخل المنازل أو بشكل واسع في مزارع متخصصة، مما يجعلها خياراً ممتازاً للزراعة المنزلية وللمشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة.

اتباع الخطوات السابقة مع مراقبة دقيقة للظروف البيئية والنظافة، إضافة إلى اختيار نوع الركيزة والميكوليوم الجيدين، سيؤدي إلى إنتاجية عالية وجودة ممتازة من المشروم.

المصادر والمراجع

1. Stamets, P. (2000). Growing Gourmet and Medicinal Mushrooms. Ten Speed Press.

2. Chang, S. T., & Miles, P. G. (2004). Mushrooms: Cultivation, Nutritional Value, Medicinal Effect, and Environmental Impact. CRC Press.