رعب وغموض في What Lies Below

فيلم “What Lies Below”: بين الرعب النفسي والغموض المثير

يعد فيلم “What Lies Below” من بين الأعمال السينمائية التي تجمع بين الإثارة النفسية والرعب الغامض، ليأخذ الجمهور في رحلة من التشويق والغموض تبدأ بمجموعة من الأحداث التي تُترك لخيال المشاهد ليحاول فك رموزها. تم إخراج هذا الفيلم من قبل المخرج برادن آر. ديميلر، وقد صدر في عام 2020، لكن تم عرضه في منصة “Netflix” في 4 أبريل 2021. ويعتبر هذا الفيلم من بين أفلام الرعب التي تثير التساؤلات حول طبيعة الأبطال والأشرار في سياق درامي يخلط بين المشاعر الإنسانية والأمور الخارقة.

القصة: حبكة معقدة تشد الأنفاس

تدور أحداث فيلم “What Lies Below” حول قصة فتاة مراهقة تُدعى “فيونا” (التي قامت بدورها إيما هورفاث)، التي تعود إلى منزل عائلتها الصيفي بجانب البحيرة. في البداية، يبدو أن هذه الزيارة ستكون غير مميزة، لكنها تأخذ منحى غريبًا عندما تكتشف فيونا أن والدتها (التي قامت بدورها مينا سواري) قد ارتبطت مؤخرًا برجل جديد يُدعى جون (الذي قام بدوره تري تكر).

بينما يبدو جون وكأنه الشخص المثالي في البداية، يشعر المشاهدون تدريجياً بوجود شيء غير طبيعي فيه. يزداد الشك لدى فيونا بشأن النوايا الحقيقية لهذا الرجل، خاصة مع تصاعد المشاعر الغريبة التي تنتابها، مما يجعلها تضع في اعتبارها أن هذا الرجل قد يحمل سرًا مظلمًا يخفيه عن الجميع. من هنا تبدأ الأسئلة تتزايد: هل هذا الرجل مجرد شخص غريب الأطوار؟ أم أن هناك شيء مرعب يدور خلف الأبواب المغلقة؟ في حين أن الحقيقة تظل بعيدة المنال، نجد فيونا تواجه تحديًا يتجاوز حدود العقل والمنطق.

الشخصيات والأداء التمثيلي: تجسيد مبدع للتوتر والقلق

إن الأداء التمثيلي من قبل طاقم العمل كان أحد أبرز النقاط التي أعطت الفيلم عمقًا. إيما هورفاث قدمت دورًا ممتازًا في تجسيد شخصية المراهقة التي تشعر بالتوتر والغموض، مما جعلها تبدو وكأنها في حالة شبحية غير متوازنة بين العقل والواقع. أما تري تكر في دور “جون”، فقد استطاع إبراز شخصية الرجل الذي يبدو ظاهريًا مثاليًا لكنه يحمل هالة من الغموض والشكوك التي تثير رعب المشاهدين. مينا سواري التي لعبت دور والدة فيونا، أظهرت شخصية الأم المثالية التي تُعطي انطباعًا عن الحب والرعاية، ولكن مع تطور القصة، يظهر الغموض في تصرفاتها أيضًا.

التحولات النفسية للمراهقة فيونا في علاقتها مع والدتها ومع “جون” كانت محورية في استمرارية التوتر داخل الفيلم، حيث نلاحظ الصراع الداخلي الذي تعيشه في محاولة لفهم العالم المحيط بها. كما أن وجود هاسكيري فيلازكيز وداني كوربو في أدوار داعمة قد أسهم في رفع مستوى الأحداث وزيادة التوتر في القصة.

العوامل النفسية والرعب الخفي

يعتمد فيلم “What Lies Below” بشكل أساسي على التوتر النفسي أكثر من الاعتماد على مشاهد الرعب التقليدية التي تتضمن وحوشًا أو مخلوقات خارقة. يُظهر الفيلم أن الرعب يمكن أن يأتي من داخل الشخصيات نفسها، وليس فقط من الكائنات التي تهاجم. من خلال شخصية “جون” الغامضة، يتم طرح سؤال مهم: هل هو مجرد شخص غريب الأطوار، أم أن هناك شيئًا مظلمًا يكمن في أعماقه؟

الاستعانة بعنصر الغموض بدلاً من الرعب الصريح يعزز من تأثير الفيلم على المشاهد. لا تُعرض الحقائق بوضوح؛ بل تُترك الكثير من التساؤلات التي تدفع المشاهد إلى محاولة تفسير الأحداث بنفسه. هذه التقنية تجعل التوتر النفسي يتصاعد بشكل مستمر، مما يبقي المشاهد مشدودًا إلى أحداث الفيلم.

الأجواء السينمائية والإخراج

تم تصوير الفيلم بأسلوب مميز، حيث تمت الاستفادة من المناظر الطبيعية في مكان البحيرة لتعزيز الإحساس بالعزلة والقلق. يعزز هذا الإحساس التوتر لدى المشاهدين، إذ يُظهر المكان كأحد الشخصيات في الفيلم، حيث يكون هادئًا ومغريًا في البداية، ولكن يكتسب طابعًا مظلمًا مع تقدم الأحداث.

الإخراج الذي تولاه برادن آر. ديميلر كان ممتازًا في استخدام المساحات المغلقة والمعتمة لخلق بيئة نفسية مؤلمة. كما أن الألوان المستخدمة في التصوير كانت جزءًا لا يتجزأ من بناء هذا العالم الغامض، حيث تبرز الفروق بين اللحظات الهادئة والمشاهد التي تعكس الصراع النفسي والشخصي داخل القصة.

الخلاصة: فيلم يعكس الصراع الداخلي والقلق النفسي

يعتبر فيلم “What Lies Below” من الأفلام التي تستحق المشاهدة لمحبي أفلام الرعب النفسية والغامضة. هو ليس فيلم رعب تقليدي، بل هو سرد مؤثر يصور كيف يمكن أن يصبح التوتر النفسي والخوف من المجهول أحد أسس خلق الرعب في الحياة اليومية. ومن خلال أداء تمثيلي ممتاز وأجواء مشحونة بالمشاعر المتناقضة، يترك الفيلم تأثيرًا كبيرًا في الجمهور، مما يجعله يتساءل عن حقيقة ما يراه وعن ما يكمن وراء الواجهة المثالية التي قد يخفيها الناس.

مع نهاية مليئة بالتساؤلات والمفاجآت، يقدم “What Lies Below” تحفة من الفن السينمائي التي تدمج الرعب والغموض النفسي بطريقة ذكية، مما يجعله يستحق المشاهدة أكثر من مرة لمحاولة فك ألغاز القصة الكامنة فيه.