“رسم القطة: رحلات مع جندي أفريقي” هو عمل يستحق الاهتمام بشكل لافت، يتحدث عن تجربة الكاتبة ألكسندرا فولر (الملقبة بـ “بو”) مع رجل أفريقي يُدعى “كاي”، الذي كان زميلاً لها في الحرب الروديسية. تبدأ القصة بمحادثة بو مع والدها حول مزارع الموز المحلي الشهير بصلابته، وتحذير والدها لها بأنها يجب أن تبتعد عنه. وهكذا يُطلق والدها عبارة “الفضول قتل القطة”. ومع ذلك، تقوم بو بالتعرف على كاي وتبدأ علاقة غريبة معه.
كاي هو شخصية متناقضة، فهو رجل ذو جلد ملون بالوشم وآثار الحروب، ولكنه في نفس الوقت مسيحي متجدد ومندفع للبكاء عندما يتذكر حياته العاطفية الفاشلة، وقبل كل شيء ينهمر بذكريات المعارك. يتنقل الكتاب بين الحاضر والماضي، مع بو وكاي يقرران الذهاب إلى قلب الظلام بطريقة حرفية؛ حيث يسافران من زامبيا إلى زيمبابوي وموزمبيق لزيارة مواقع الحرب ولمقابلة الجنود القدامى الآخرين.
تتخلل رحلتهما لحظات من التأمل والفكاهة الغريبة، وتظهر شخصيات مثل مابينغا، زميل حرب يعيش مع أسد أليف على جزيرة صغيرة في وسط بحيرة، ويتعامل مع شياطينه الشخصية بعدم التحدث لأيام عدة. تعكس القصة صورة غير متحيزة وغير محسّنة لرجال قاتلوا وتعذّبوا وناضلوا من أجل البقاء أثناء الحرب، والآن يجب عليهم أن يعيشوا مع ماضيهم ويتجاوزوا ذنوبهم.
ما يميز هذا الكتاب هو أسلوب الكتابة الجذاب والمؤثر الذي تتمتع به فولر، والذي فازت به جوائز عديدة عن كتاباتها السابقة. تتناول القصة قضايا الحرب وأفريقيا وحدود العقل بشكل مثير للاهتمام، وتقدم نظرة حقيقية وصادقة على حياة البشر في هذه المنطقة المعقدة والمضطربة.