رسالة أم لأبنها لو خطت بماء الذهب ما وفتها من الجمال والروعة
في حياة كل أم، هناك مشاعر وأحاسيس لا يمكن التعبير عنها بالكلمات مهما كانت لغتها غنية ومزدانة بأبهى العبارات. فالارتباط بين الأم وابنها علاقة فريدة من نوعها، تتجاوز حدود المفهوم المادي لتصل إلى أعمق طبقات الروح والقلب. وفي هذه الرسالة التي لو خطّت بماء الذهب لما وفتها من الجمال والروعة، نستطيع أن نرصد شذرات من تلك المشاعر النبيلة التي تعكس أسمى معاني الحب، العطاء، التضحية، والأمل في حياة ابنها.
الأم هي أول حضن دافئ، وأول صوت يُسمع في حياة الطفل، هي الحضن الذي يمنحه الأمان والسكينة، واليد التي تمسح دموعه وتزرع في قلبه بذور الأمل والثقة. هذه الرسالة لا تمثل مجرد كلمات تكتب على ورق، بل هي إشراقة شعور متوهج ينبعث من أعماق النفس، ليخاطب أعظم هدية منحها الله للإنسان: الابن.
في قلب كل أم، هناك حلم لا ينضب، وطموح لا يعرف حدودًا، فهي ترى في ابنها مستقبلاً ينبض بالحياة، صورة تكتمل فيها كل أمانيه التي طالما رسمتها له في صمت الليالي الطويلة. إنها رسالة حب من نوع خاص، فالحب الذي تحمله الأم لابنها لا يشوبه أي شرط، ولا يتوقف على زمان أو مكان، إنه حب خالد ينبع من الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.
عندما تفكر الأم في ابنها، تملؤها مشاعر الفخر والاعتزاز، فهو ثمرة حياتها، وجهها المشرق في الدنيا، وسبب ابتسامتها رغم كل الصعوبات التي مرت بها. في كلماتها تنسج أهداب الحنان لتغطيه من كل شر، وتخط له مسيرة الحياة بأحرف من نور، تعانقه في الخيال قبل أن يلمس الواقع. تود لو تمنحه الدنيا كلها، لكنها تعلم أن أعظم هدية يمكن أن تقدمها له هي الحب الصادق، والقيم الراسخة التي تجعله إنسانًا شامخًا في وجه الحياة.
الرسالة تحمل بين طياتها أيضًا حكمة الأم وتجاربها التي اختبرتها في الحياة، فهي تسعى لأن يكون ابنها قويًا لكنه طيب القلب، ذكيًا لكنه متواضع، شجاعًا لكنه رحيم. كل كلمة فيها تحمل رغبة صادقة بأن يسير في دروب النجاح بنزاهة، وأن يتعامل مع الآخرين بصدق وأخلاق عالية. الأم لا تريد لابنها أن يكون فقط ناجحًا في حياته العملية، بل تريد له أن يكون رجلًا بمعنى الكلمة، رجلًا يحترم نفسه ويجعل العالم من حوله أفضل بوجوده.
التضحيات التي تقدمها الأم كثيرة، والليالي التي تسهرها من أجل راحة ابنها لا تعد ولا تحصى، وهي تكتب هذه الرسالة وكأنها تلخص كل لحظة ألم، كل دمعة خفية، وكل ابتسامة تحملها من أجله. لأنها تعلم أن الحب الحقيقي هو الذي لا يعرف الملل، والذي يتحدى كل الظروف ليبقى ثابتًا كجذور شجرة عتيقة.
لا يمكن أن تفي الكلمات حق هذه العلاقة، فكل حرف في الرسالة هو نبضة قلب، وكل سطر فيها يحمل وعدًا بالحب الأبدي والوفاء الدائم. هذه الرسالة تعبر عن حضور الأم الدائم في حياة ابنها، فهي رغم بعد المسافات أو ضيق الظروف، تبقى شمعة لا تنطفئ، تضيء له الطريق، وتغمره بدفء لا ينضب.
لو خطّت هذه الكلمات بماء الذهب، لما وصلت إلى جمال ما في القلب من حب له، ولا لما بلغت روعة ما تختزنه النفس من أمل في مستقبله. فالذهب يمكن أن يلمع، لكنه لا يحمل دفء الروح ولا عمق المشاعر كما تفعل كلمات الأم الصادقة.
في النهاية، هذه الرسالة هي إرث روحي يتركه كل أم في قلب ابنها، ليكون مرآة لأفضل ما فيها، وشاهدًا على أسمى معاني العطاء والحنان. هي رسالة تنطق بصوت القلب، وتشد أواصر المحبة التي لا تنكسر مهما مر الزمن أو تبدلت الأحوال. هي قصيدة حب مكتوبة بأحرف الحياة، لا ينساها الزمان، ولا تغيب عن ذاكرة القلب.
