خلع الضرس الملتهب: المضاعفات، الإجراءات، الرعاية اللاحقة، والتوصيات الطبية

في عالم طب الأسنان، يُعد خلع الضرس من الإجراءات الشائعة، إلا أن الأمور تأخذ منحى أكثر تعقيداً عندما يكون الضرس المراد خلعه في حالة التهاب. خلع الضرس الملتهب يطرح تحديات كبيرة على مستوى التخدير، وإمكانية انتشار العدوى، والتعافي بعد الجراحة. ويشكل هذا الإجراء موضوعاً بالغ الأهمية يتطلب وعياً طبياً دقيقاً ورعاية صحية متخصصة، نظراً لما قد ينجم عنه من مضاعفات إذا لم يُنفذ بشكل سليم.

مفهوم التهاب الضرس

يشير مصطلح “التهاب الضرس” إلى استجابة مناعية للجسم تجاه عدوى بكتيرية تصيب إما لب السن (العصب الداخلي) أو الأنسجة المحيطة بجذر الضرس مثل اللثة أو العظم السنخي. وتتراوح أسباب الالتهاب ما بين تسوس متقدم، كسور في السن، التهاب اللثة المزمن، وصولاً إلى حالات عدوى حادة في جذور الأسنان.

من الناحية الإكلينيكية، يمكن تصنيف الالتهاب إلى نوعين:

• الالتهاب الحاد: يتميز بألم شديد، وتورم في المنطقة المحيطة، وصعوبة في المضغ أو الفتح الكامل للفم، وقد يصاحبه ارتفاع في درجة الحرارة.

• الالتهاب المزمن: قد يكون بلا أعراض واضحة، لكنه يتسبب في تدمير تدريجي للأنسجة الداعمة للسن.

هل من الآمن خلع الضرس أثناء الالتهاب؟

الإجابة تعتمد على طبيعة الالتهاب وحدته. في الماضي، كان يُعتقد أنه من غير الآمن خلع الضرس أثناء وجود التهاب نشط، إلا أن الأدلة الطبية الحديثة تؤكد أنه يمكن خلع الضرس الملتهب شرط اتخاذ الاحتياطات المناسبة. في حالات الالتهاب الشديد المصحوب بتورم قيحي، يُفضل أولاً السيطرة على العدوى باستخدام مضادات حيوية مناسبة قبل المضي في الخلع.

السبب الرئيسي لتأجيل الخلع في بعض الحالات يعود إلى ضعف فعالية التخدير الموضعي في المناطق الملتهبة بسبب انخفاض درجة الحموضة في الأنسجة المصابة، مما يعيق وصول المخدر العصبي إلى هدفه.

دواعي خلع الضرس الملتهب

تُتخذ قرار خلع الضرس الملتهب بناءً على تقييم دقيق للحالة السنية، وعادةً ما يشمل المؤشرات التالية:

• تسوس عميق أدى إلى تدمير جذري للضرس.

• فشل في علاج العصب أو إعادة علاج الجذور.

• وجود خراجات سنية مزمنة أو حادة.

• التهابات متكررة حول الضرس.

• حركة شديدة في الضرس نتيجة فقدان العظم الداعم في حالات أمراض اللثة المتقدمة.

• عدم قابلية الترميم أو الزراعة في الموقع المصاب.

التحضيرات قبل خلع الضرس الملتهب

قبل الشروع في خلع الضرس الملتهب، يُجري الطبيب تقييماً سريرياً وشعاعياً يشمل:

• فحص الأشعة السينية (X-ray) لتحديد مدى انتشار الالتهاب وحالة العظم المحيط.

• التحقق من التاريخ الطبي للمريض، خصوصاً في حال وجود أمراض مزمنة مثل السكري، أمراض القلب، أو تناول مميعات الدم.

• وصف مضادات حيوية استباقية في حالات الالتهاب الحاد أو وجود تورم.

• إبلاغ المريض بإجراءات ما قبل الجراحة مثل الصيام (إذا تطلب التخدير العام)، وتوضيح خطة العناية بعد الخلع.

إجراءات خلع الضرس الملتهب

يُنفذ خلع الضرس الملتهب تحت شروط معقمة صارمة، باستخدام التخدير الموضعي أو في بعض الحالات التخدير الوريدي. وتشمل الخطوات ما يلي:

1. تخدير المنطقة: رغم أن الالتهاب قد يعيق فعالية المخدر، إلا أنه يمكن تعزيز التخدير بحقن في مناطق بعيدة عن مركز الالتهاب.

2. شق الأنسجة المحيطة (إذا لزم الأمر): في حالات التورم أو وجود خراج، قد يقوم الطبيب بشق اللثة لتصريف القيح.

3. تفكيك الضرس: باستخدام أدوات دقيقة، يتم تحرير الضرس من العظم المحيط.

4. الخلع: يتم سحب الضرس تدريجياً بطريقة آمنة لتجنب كسر الجذر أو إصابة الأنسجة.

5. التنظيف والتعقيم: تُزال بقايا الأنسجة المصابة أو الخراج، ويُغسل الجيب السني بمحلول مطهر.

6. إغلاق الجرح: في بعض الحالات، تُوضع غرز جراحية للمساعدة في التئام الجرح بشكل أسرع.

المضاعفات المحتملة لخلع الضرس الملتهب

رغم كفاءة الإجراء الجراحي، إلا أن خلع الضرس الملتهب قد يُفضي إلى مضاعفات تستوجب المتابعة الطبية الدقيقة، ومنها:

• النزيف المطول: خاصة عند المرضى الذين يتناولون مضادات تخثر.

• العدوى الثانوية: يمكن أن تتطور عدوى جديدة في موقع الخلع إذا لم تُتبع قواعد النظافة بدقة.

• التهاب السنخ الجاف (Dry Socket): وهي حالة مؤلمة تنتج عن عدم تكون جلطة دموية مكان الخلع.

• تورم الوجه وارتفاع الحرارة: وقد يستدعي الأمر تدخلاً مضاداً حيوياً.

• تضرر العصب الوجهي السفلي: قد يشعر المريض بتنميل مؤقت أو دائم إذا تأثر العصب أثناء الخلع.

• كسر العظم السنخي أو الفك في حالات العظم الضعيف.

العناية بعد خلع الضرس الملتهب

تلعب العناية اللاحقة دوراً حيوياً في الوقاية من المضاعفات وتسريع عملية الشفاء، وتشمل:

• الضغط على الشاش الطبي: يُنصح بالضغط على قطعة الشاش الموضوعة فوق مكان الخلع لمدة 30-45 دقيقة.

• تجنب المضمضة القوية أو البصق لمدة 24 ساعة: وذلك للحفاظ على تجلط الدم.

• تجنب التدخين أو استخدام الشفاطات: لأنها تعيق التئام الجرح وتزيد من احتمالية الإصابة بـ “السنخ الجاف”.

• استخدام كمادات باردة: للحد من التورم خلال أول 24 ساعة.

• تناول الأدوية الموصوفة: بانتظام وتشمل المضادات الحيوية ومسكنات الألم.

• النظام الغذائي: يُفضل تناول أطعمة لينة وباردة، وتجنب الأطعمة الحارة أو القاسية.

• النظافة الفموية: يمكن استخدام غسولات مطهرة للفم بعد مرور 24 ساعة، مع تجنب الفرشاة قرب موقع الخلع لمدة يومين.

الجدول التالي يوضح الفروق بين خلع الضرس السليم والضرس الملتهب:

التوصيات الطبية في خلع الضرس الملتهب

• يُنصح دوماً بعلاج الالتهاب أولاً باستخدام المضادات الحيوية قبل الشروع في الخلع إلا في الحالات الطارئة.

• على المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مراجعة الطبيب المختص قبل الجراحة.

• المتابعة الدورية بعد الخلع ضرورية لرصد أي علامات على حدوث مضاعفات.

• يوصى بتجنب الاعتماد على المسكنات فقط لتخفيف الألم دون تدخل علاجي، لأن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الحالة.

• استخدام الأشعة ثلاثية الأبعاد (CBCT) في الحالات المعقدة لتقييم موقع الجذور وعلاقتها بالأعصاب المجاورة.

• توخي الحذر في حالات النساء الحوامل أو المرضعات، والتنسيق مع الطبيب لتأجيل الخلع إذا أمكن أو استخدام الأدوية المناسبة لتلك الفئة.

المراجع

1. Scully C, Wilson NHF. Dentistry and the medically compromised patient. British Dental Journal.

2. Malamed SF. Handbook of Local Anesthesia. 6th Edition. Elsevier Health Sciences.