الحادثة المعروفة باسم “حادثة موكدن”، التي وقعت في الثامن عشر من سبتمبر عام 1931، واستمرت حتى التاسع عشر من الشهر ذاته، هي حدث تاريخي محوري ومعقد، شكل نقطة تحول في تاريخ شرق آسيا والعالم بأسره. تحمل هذه الحادثة العديد من الجوانب والتداعيات التي لا تزال لها تأثيرات حتى اليوم.
تعتبر حادثة موكدن بمثابة البداية الرسمية للاحتلال الياباني لمنطقة من الصين، وتحديدًا لمنطقة منتقلة تحت سيطرة الإمبراطورية اليابانية في شمال شرق الصين، والتي كانت تعرف آنذاك بمانتشوريا. ففي هذا اليوم المشؤوم، قامت القوات اليابانية بتفجير سكة حديدية تابعة للسكك الحديدية اليابانية بالقرب من مدينة موكدن (الآن شنيانغ)، وذلك تحت ذريعة تعرضها لهجمات من قبل القوات الصينية.
ومع أن الأدلة تشير إلى أن الحادثة قد تم تدبيرها من قبل الجيش الياباني نفسه لتبرير احتلاله للمنطقة، إلا أن اليابان أدانت بشدة الهجوم وزعمت أنها ردت فعل على هجمات صينية خيالية. تبع هذا الحدث الأسود غزو ياباني لمانشوريا، ومن ثم انفصالها عن الصين لتأسيس دولة منفصلة بدعم من اليابان، والتي أطلقت عليها اسم “مانشوكو”، ما أثار غضب العالم وعزلة اليابان دولياً.
تتجلى أهمية حادثة موكدن في كونها فتحًا رسميًا لمسار ياباني جديد في شرق آسيا، مما أشعل فتيلًا للتوترات السياسية والعسكرية في المنطقة، وأسفر في النهاية عن تصاعد الصراع العسكري في الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من مرور أكثر من ثمانين عامًا على وقوع الحادثة، إلا أن آثارها لا تزال قائمة، وتظل تشكل نقطة توجيه مهمة في دراسة التاريخ العسكري والسياسي للمنطقة والعالم بأسره.