6 عوامل تتسبّب في جفاف البشرة
تُعتبر البشرة جدار الحماية الأول للجسم من العوامل الخارجية، وهي عضو حي يتطلب عناية مستمرة للحفاظ على توازنها ورونقها الصحي. جفاف البشرة من المشكلات الجلدية الشائعة التي تؤثر على كثير من الناس، وتتميز هذه الحالة بفقدان الجلد للرطوبة الطبيعية، مما يسبب الشعور بالتشققات، الحكة، والاحمرار أحيانًا. جفاف البشرة ليس مجرد مشكلة تجميلية بل قد يتطور إلى مضاعفات أكثر خطورة إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. في هذا المقال، سنستعرض بشمولية وعمق 6 عوامل رئيسية تؤدي إلى جفاف البشرة، مع شرح علمي دقيق لكل منها، إضافة إلى توضيح آلية تأثيرها على الجلد.
1. نقص الترطيب وفقدان الماء عبر الجلد (TEWL)
يعد فقدان الماء عبر الجلد (Trans-Epidermal Water Loss – TEWL) من أبرز العوامل المسؤولة عن جفاف البشرة. الجلد الطبيعي يمتلك طبقة خارجية تسمى “الطبقة القرنية” تعمل كحاجز يحافظ على الرطوبة داخل الجلد ويمنع تبخرها. عندما يتعرض الجلد لعوامل تضر هذا الحاجز، ترتفع معدلات فقدان الماء، ويبدأ الجلد بفقدان الترطيب الطبيعي.
الطبقة القرنية تحتوي على خلايا ميتة مدمجة مع مواد دهنية (ليبيدات) تشكل حاجزًا يمنع تسرب الرطوبة. التعرض المستمر للمواد الكيميائية القاسية، غسل الجلد المفرط، أو حتى درجات الحرارة المتغيرة يضعف هذا الحاجز الدهني، ما يؤدي إلى زيادة TEWL وبالتالي جفاف البشرة.
دون الترطيب الكافي، تفقد الخلايا قدرتها على التجدد والإصلاح، وتبدأ ملامح الجفاف بالظهور مثل تقشير الجلد، الشعور بالشد، والخشونة.
2. العوامل المناخية وتأثيرها
الطقس والبيئة المحيطة من العوامل المؤثرة بشدة على حالة البشرة. المناخات الباردة والجافة تكون أكثر عرضة لتجفيف البشرة، لأن الهواء في هذه الظروف يحتوي على نسبة رطوبة منخفضة، مما يسرع من تبخر الماء من سطح الجلد.
في الشتاء، تنخفض الرطوبة الجوية بشكل كبير، مما يؤدي إلى فقدان البشرة للرطوبة بسهولة. أيضًا، التدفئة المركزية في المنازل والمكاتب تعمل على تقليل نسبة الرطوبة في الهواء، ما يزيد من جفاف الجلد. بالمقابل، التعرض المفرط لأشعة الشمس الحارقة يؤدي إلى تلف الطبقة القرنية وتدمير الليبيدات المسؤولة عن حماية الجلد، ما يسبب جفاف البشرة وظهور التجاعيد المبكرة.
الرياح القوية من العوامل التي تسحب الرطوبة من الجلد بسرعة، إضافة إلى التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة التي تؤثر سلبًا على توازن البشرة.
3. استخدام المنتجات الكيميائية القاسية
المنتجات التي تحتوي على مواد كيميائية قوية مثل الصابون القاسي، المنظفات التي تحتوي على الكبريتات، والكحوليات، تؤثر بشكل مباشر على الطبقة الواقية للبشرة. هذه المواد تعمل على إزالة الزيوت الطبيعية التي تفرزها البشرة للحفاظ على ترطيبها.
الاستخدام المستمر لمثل هذه المنتجات يؤدي إلى جفاف البشرة، الحساسية، والتهيج. في بعض الحالات، قد يحدث تهيج مزمن وتهيؤ للبشرة لاضطرابات جلدية مثل الأكزيما.
كذلك، منتجات التقشير الكيميائي المفرط تؤدي إلى إزالة الخلايا الميتة المفيدة، وتضعف حاجز الجلد، ما يفتح الباب أمام فقدان الماء وظهور الجفاف بشكل متكرر.
4. نقص الدهون والبروتينات في الجلد
البشرة تتكون من خلايا تحتوي على دهون طبيعية مهمة لتكوين الحاجز الواقي للبشرة، إضافة إلى بروتينات مثل الكيراتين التي تدعم بنية الجلد. نقص الدهون والبروتينات يؤدي إلى ضعف الطبقة الحامية، وبالتالي تزداد قابلية الجلد للجفاف.
التغذية الغير متوازنة والتي تفتقر إلى الأحماض الدهنية الأساسية (مثل أوميغا 3 وأوميغا 6) تسبب نقصًا في المواد الدهنية التي تحافظ على مرونة الجلد وترطيبه. كذلك، بعض الأمراض التي تؤثر على تصنيع البروتينات أو الدهون في الجسم قد تسبب جفافًا مزمنًا للبشرة.
الماء وحده لا يكفي لترطيب البشرة، فالتوازن بين مكونات الدهون والبروتينات أمر ضروري للحفاظ على صحة الجلد والوقاية من الجفاف.
5. التغيرات الهرمونية وتأثيرها على البشرة
التوازن الهرموني داخل الجسم يلعب دورًا حيويًا في تنظيم إفراز الزيوت الطبيعية في الجلد. خلال مراحل مختلفة من الحياة، مثل سن البلوغ، الحمل، أو انقطاع الطمث، تحدث تقلبات هرمونية تؤثر بشكل مباشر على نشاط الغدد الدهنية.
انخفاض إفراز الزيوت الطبيعية يؤدي إلى جفاف الجلد، خاصة عند النساء في مرحلة انقطاع الطمث حيث يقل هرمون الإستروجين المسؤول عن تحفيز إنتاج الزيوت. كذلك، بعض الاضطرابات الهرمونية مثل قصور الغدة الدرقية تسبب جفافًا واضحًا في البشرة نتيجة نقص نشاط الغدد الدهنية.
الهرمونات ليست العامل الوحيد المؤثر، لكنها تعد مكونًا داخليًا لا يمكن تجاهله عند الحديث عن جفاف البشرة.
6. العادات اليومية السيئة وتأثيرها
النمط الحياتي يلعب دورًا محوريًا في حالة الجلد، إذ تؤثر العادات اليومية بشكل كبير على ترطيب البشرة. من أبرز هذه العادات:
-
الإكثار من الاستحمام بالماء الساخن: الماء الساخن يزيل الزيوت الطبيعية ويجفف البشرة بسرعة.
-
قلة شرب الماء: الجفاف الداخلي يؤدي إلى جفاف الجلد، لأن الترطيب يبدأ من الداخل.
-
التدخين: التدخين يقلل من تدفق الدم إلى الجلد ويضر بالكولاجين، ما يسرع من جفاف البشرة وشيخوختها.
-
الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية: التعرض المستمر للضوء الأزرق قد يؤثر على وظيفة الخلايا الجلدية ويزيد من علامات الجفاف.
-
التوتر والإجهاد: يرفع من مستوى الكورتيزول، مما يؤثر على إفراز الزيوت والالتهابات الجلدية.
تغيير هذه العادات والاهتمام بنمط حياة صحي له أثر مباشر وفعال في الحفاظ على رطوبة البشرة وحمايتها من الجفاف.
جدول توضيحي للعوامل وتأثيرها على البشرة
| العامل | تأثيره على البشرة | الآلية العلمية |
|---|---|---|
| فقدان الماء عبر الجلد (TEWL) | زيادة تبخر الماء وجفاف الجلد | تدهور الطبقة القرنية وحاجز الليبيدات |
| العوامل المناخية | انخفاض الرطوبة وتسريع الجفاف | الجو البارد والجاف، الرياح، أشعة الشمس |
| المنتجات الكيميائية القاسية | إزالة الزيوت الطبيعية وتهيج الجلد | تدمير الحاجز الواقي وتهييج الطبقة القرنية |
| نقص الدهون والبروتينات | ضعف الحاجز وحساسية الجلد | نقص المواد الدهنية والكيراتين |
| التغيرات الهرمونية | تقليل إفراز الزيوت الطبيعية | تقلب الهرمونات مثل الإستروجين والكورتيزول |
| العادات اليومية السيئة | زيادة الجفاف وتدهور حالة الجلد | التعرض للماء الساخن، التدخين، قلة الماء |
في الختام، جفاف البشرة هو نتيجة تفاعل معقد بين عوامل داخلية وخارجية. الفهم العلمي الدقيق لهذه العوامل يساعد في تبني استراتيجيات وقائية وعلاجية فعالة للحفاظ على صحة الجلد وترطيبه الطبيعي. تجنب العوامل المسببة، واستخدام منتجات العناية المناسبة، واعتماد نمط حياة صحي، كلها مفاتيح رئيسية لمقاومة جفاف البشرة والحفاظ على نضارتها وحيويتها.
المصادر والمراجع
-
Elias, P.M. “Skin Barrier Function.” Current Allergy and Asthma Reports, 2008.
-
Draelos, Z.D. “The Effect of Environmental Factors on the Skin.” Clinics in Dermatology, 2010.
