تفسير سورة الحشر للأطفال

تفسير سورة الحشر للأطفال

مقدمة عامة حول سورة الحشر

سورة الحشر هي السورة التاسعة والخمسون في ترتيب المصحف الشريف، وهي من السور المدنية، أي نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة. يبلغ عدد آياتها 24 آية، وتُعد من السور التي تحمل معاني عظيمة في توضيح صفات المؤمنين والمنافقين، وتُبيّن بعض الأحداث التاريخية التي جرت بين المسلمين وبعض القبائل اليهودية التي كانت تعيش في المدينة، كما تعرض لأسماء الله الحسنى، وتدعونا للتأمل في عظمة الله سبحانه وتعالى.

اسم السورة “الحشر” مأخوذ من الآية الثانية، حيث يشير إلى “حشر” بني النضير من ديارهم، وهو نوع من التجميع والإجلاء الذي وقع بهم بسبب مخالفتهم للعهود.

في هذا المقال المطوّل سنقوم بشرح آيات سورة الحشر بأسلوب مبسط يناسب الأطفال مع شرح المعاني بأسلوب واضح وسلس يساعد على الفهم والاستيعاب.

الآيات من (1) إلى (2): تسبيح الله وقدرته في إجلاء بني النضير

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)

شرح مبسط للأطفال:

في بداية السورة، يخبرنا الله أن كل شيء في السماوات والأرض يُسبّح له، أي يذكره ويعظّمه، لأنه العزيز الذي لا يُغلب، الحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها المناسبة.

ثم يذكر الله قصة قوم من اليهود يسمّون بني النضير، وكانوا يعيشون في المدينة، لكنهم خالفوا العهود مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فحصل بينهم وبين المسلمين صراع. الله جعلهم يخرجون من بيوتهم رغم أنهم كانوا يظنون أن حصونهم ستحميهم. لكن الله أقوى منهم، فأخافهم حتى صاروا يهدمون بيوتهم بأيديهم. وهذا درس لكل من يرى ويتأمل: أن من يعصي الله لا ينتصر.

الآيات من (3) إلى (5): العبرة من مصير الظالمين

وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3)

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۖ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)

مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)

شرح مبسط للأطفال:

الله أخبرنا أنه لو لم يقدّر عليهم الخروج من ديارهم، لكان عذّبهم بعذاب شديد، لأنهم عاندوا الله ورسوله. ومن يحارب الله، فإن الله شديد العقاب.

وفي هذه الآيات أيضًا يبيّن الله أنه عندما قطع المسلمون بعض النخيل أو تركوه، فعلوا ذلك بإذن الله، لإظهار الذل لهؤلاء الخارجين عن طاعته.

الآيات من (6) إلى (10): بيان حكم الفيء وتوزيعه

وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ… (6)

إلى

رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)

شرح مبسط للأطفال:

عندما خرج بنو النضير من المدينة، تركوا وراءهم بيوتًا وأراضي ونخيلًا، فهذه أصبحت ملكًا للمسلمين، ويسمى هذا “الفيء”. هذا المال أعطاه الله لنبيه، ليوزعه على الفقراء والمحتاجين والمهاجرين الذين تركوا ديارهم من أجل الإسلام.

ثم يخبرنا الله أن الذين كانوا في المدينة (الأنصار) أحبّوا إخوانهم المهاجرين وساعدوهم، ولم يشعروا بالغيرة، بل قدّموا المهاجرين على أنفسهم. وهكذا يجب أن نكون نحن أيضًا، نحب الخير للناس ونتمنى لهم الفائدة.

الآيات من (11) إلى (17): وصف المنافقين ومكرهم

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا… (11)

إلى

فَكَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (17)

شرح مبسط للأطفال:

في هذه الآيات يشرح الله لنا حال المنافقين، وهم أشخاص يُظهرون الإسلام ولكن في قلوبهم كفر. هؤلاء المنافقون وعدوا اليهود بأنهم سينصروهم إذا قاتلوا المسلمين، لكنهم لم يفعلوا، فالله بيّن كذبهم ونفاقهم، وأنهم في النهاية لا ينجحون.

وشبّه الله حال الشيطان الذي يخدع الإنسان، ثم يتبرأ منه، بمثل حال المنافقين، فهم يغرون الناس بمعصية الله، ثم يتركونهم وحدهم يواجهون العذاب. هذا درس مهم للأطفال أن لا يثقوا بمن يُزيّن لهم الخطأ.

الآيات من (18) إلى (20): دعوة للتقوى والتأمل

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)

إلى

وَلَا هُمْ يُبْصِرُونَ (20)

شرح مبسط للأطفال:

الله يعلّمنا أن نتقِ الله ونفكّر في أعمالنا، ماذا نفعل اليوم لنلقى الله غدًا؟ فالله يرى كل شيء ويدري ما نفعله، سواء كان خيرًا أو شرًّا.

ويُحذّرنا الله من أن نكون مثل الذين نسوا الله، فأنساهم أنفسهم، أي ضلوا الطريق، وصاروا لا يفهمون ولا يرون الحق.

الآيات من (21) إلى (24): عظمة القرآن وأسماء الله الحسنى

لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ… (21)

إلى

هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ… (24)

شرح مبسط للأطفال:

الله يقول لنا: لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ ضخم، لرأيته خاشعًا من خشية الله. فكيف بالقلوب؟ إذا كانت قلوبنا مليئة بالإيمان ستتأثر وتخاف الله وتخشاه.

ثم تُختتم السورة بأسماء الله الحسنى، وهي أوصاف لله مثل: الرحيم، الملك، السلام، المؤمن، العزيز، الجبار، الخالق… وكل اسم يعلّمنا شيئًا عن الله. يجب أن نتعلّم هذه الأسماء وندعو الله بها.

جدول توضيحي لأسماء الله الحسنى الواردة في سورة الحشر

خاتمة السورة وتطبيقها للأطفال

سورة الحشر تعلمنا دروسًا عظيمة يجب أن نعيش بها يوميًا:

• أن الله يراقب كل شيء.

• أن المنافقين والظالمين نهايتهم سيئة.

• أن التعاون بين المسلمين ومحبة الخير للغير من صفات الصالحين.

• أن أسماء الله الحسنى تحمل معاني عظيمة يجب أن نحفظها ونفهمها وندعو الله بها.

تربية الأطفال على فهم هذه المعاني من سورة الحشر يساعدهم في بناء شخصيات قوية مؤمنة، تدرك أن الحياة لا تُقاس فقط بالمظاهر، بل بما في القلوب من إيمان وتقوى.

المصادر:

1. تفسير ابن كثير – دار طيبة.

2. تفسير السعدي – تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.