نصائح لمن أراد تعلُّم مهارة القراءة السريعة
تعتبر مهارة القراءة السريعة من المهارات الحيوية التي يمكن أن تحدث فارقاً كبيراً في الطريقة التي يتعامل بها الفرد مع المعلومات، خاصة في ظل تزايد حجم المحتوى الذي نواجهه يومياً. فمن خلال إتقان هذه المهارة، يمكن للمرء أن يقرأ بشكل أسرع، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من الفهم والاستيعاب. ولكن كما هو الحال مع أي مهارة أخرى، يتطلب تعلّم القراءة السريعة وقتاً وجهداً ومثابرة. في هذا المقال، سنستعرض مجموعة من النصائح الفعالة التي تساعد على تطوير مهارة القراءة السريعة.
1. فهم مفهوم القراءة السريعة
القراءة السريعة ليست مجرد قراءة الكلمات بسرعة، بل هي عبارة عن قراءة هادفة وفعالة حيث يتم التركيز على المعلومات الأكثر أهمية في النص مع تقليل التوقفات غير الضرورية. الهدف ليس القراءة السريعة فحسب، بل فهم المحتوى واستيعابه بشكل جيد، بل وحتى استرجاعه عند الحاجة. عملية القراءة السريعة تتطلب تقليل الفترات الزمنية التي تقضيها العين في التوقفات، كما أنها تعتمد بشكل كبير على تقليل تكرار العين لقراءة نفس الجملة أو الكلمة عدة مرات.
2. التحضير الذهني
من الضروري أن تكون مستعداً ذهنياً قبل أن تبدأ في قراءة النص. التشتت الذهني يعد من أكبر العوامل التي تعيق القراءة السريعة. تأكد من أنك في بيئة هادئة بعيداً عن المشتتات، مثل الهاتف أو التلفاز أو الضوضاء المحيطة. قبل أن تبدأ القراءة، حاول أن تضع هدفاً واضحاً لما ترغب في اكتسابه من النص. إذا كنت تعرف ما الذي تبحث عنه، فإنك ستقرأ بشكل أكثر كفاءة وسرعة.
3. استخدم التقنية الصحيحة لتحريك العينين
من أهم الأسس التي يعتمد عليها فن القراءة السريعة هو تعويد العين على التحرك بسرعة وسلاسة عبر النص. في القراءة التقليدية، قد تتوقف العين عند كل كلمة أو جملة مما يبطئ عملية القراءة. في القراءة السريعة، يتم تدريب العين على التحرك بسرعة عبر النص مع تقليل التوقفات غير الضرورية.
هناك تقنية معروفة تُسمى “التحديد البصري” حيث تركز عينيك على جزء من النص ولا تعود إلى الكلمات السابقة التي قرأتها. تتضمن هذه التقنية أيضًا تقليل الحركة العرضية للعين. حاول تدريب عينيك على التركيز على مجموعات من الكلمات بدلاً من كل كلمة على حدة. ستجد أن هذه الطريقة تجعل القراءة أسرع وأكثر سلاسة.
4. زيادة حجم الحقل البصري
من الأمور التي تساهم في القراءة السريعة زيادة مجال الرؤية البصرية لديك. في القراءة التقليدية، يقتصر مجال الرؤية عادة على كلمة أو كلمتين في نفس الوقت. لكن في القراءة السريعة، يتم تدريب العين على رؤية عدة كلمات في نفس اللحظة. لكي تتمكن من زيادة حجم الحقل البصري، يجب أن تمرن نفسك على قراءة النص في مجموعات من الكلمات بدلاً من التركيز على كلمة واحدة فقط. يمكن ذلك من خلال التركيز على مجموعة كلمات تمتد في السطر.
5. القراءة بدون التكرار
من أخطاء القراءة التقليدية التي تبطئ السرعة بشكل كبير هي عادة العودة إلى الكلمات السابقة (المعروفة بظاهرة “الرجوع”) ومراجعة الجمل التي تم قراءتها سابقًا. هذه العادة يمكن أن تبطئ من عملية القراءة بشكل كبير. لكي تتجنب ذلك، يجب أن تتدرب على الثقة في المعلومات التي قرأتها في المرة الأولى، مع تحديد الهدف من القراءة بشكل واضح وعدم العودة إلى الخلف إلا في الحالات الضرورية.
6. الاستفادة من التمرين المنتظم
مثل أي مهارة أخرى، يتطلب تحسين القدرة على القراءة السريعة التمرين المنتظم. من الأفضل أن تبدأ بتمرينات قصيرة وبسيطة، ثم تزيد تدريجيًا من مستوى التحدي. يمكنك على سبيل المثال البدء بقراءة نصوص سهلة، وبعد أن تحسن سرعتك في هذه النصوص، انتقل إلى نصوص أكثر تعقيدًا. التمرين المنتظم سيساعدك على زيادة سرعتك في القراءة بشكل تدريجي. يمكنك أيضًا استخدام تطبيقات وبرامج تدريب القراءة السريعة التي توفر تمارين مرنة تتناسب مع مستواك الحالي.
7. تحسين المفردات اللغوية
إذا كنت تمتلك مفردات لغوية قوية ومعرفة جيدة بالكلمات والمفاهيم، سيكون لديك قدرة أكبر على قراءة النصوص بسرعة. هذا لأنك ستتمكن من فهم المحتوى بسرعة دون الحاجة للتركيز على البحث عن معاني الكلمات. إذا كانت مفرداتك ضعيفة، يمكنك تدريب نفسك على زيادة حصيلتك اللغوية، وهذا بدوره سيساعدك في تحسين قدرتك على القراءة السريعة.
8. استخدم تقنيات التحديد
من النصائح المفيدة الأخرى التي تساعد في القراءة السريعة هي استخدام الأدوات أو الإشارات التي تساعدك على تحديد النص أثناء القراءة. يمكن أن تكون هذه الأدوات عبارة عن قلم أو أصبع يدك حيث تستخدمها لتوجيه العين عبر النص بشكل أسرع. من خلال هذه التقنية، تقلل من التشتت الذهني وتساعد على تسريع الحركة البصرية، مما يسمح لك بقراءة النص بأسرع وقت ممكن.
9. القراءة الاستباقية
القراءة الاستباقية هي القدرة على التنبؤ بما سيأتي في النص بناءً على الفهم المبدئي له. من خلال إلقاء نظرة سريعة على العناوين الفرعية والمقدمة والخاتمة، يمكنك استشراف الموضوعات التي ستتم مناقشتها في النص. هذا النوع من القراءة يساعد في تسريع الفهم واستيعاب الأفكار بسرعة أكبر.
10. تجنب الترجمة الذهنية
من الأخطاء الشائعة التي تقف في طريق القراءة السريعة هو الترجمة الذهنية. في حال كنت تقرأ نصًا بلغة غير لغتك الأم، قد تجد نفسك تترجم كل كلمة أو جملة في عقلك قبل أن تتمكن من فهم النص. وهذا يشكل عبئًا إضافيًا يبطئ عملية القراءة. لتفادي هذه المشكلة، حاول أن تطور القدرة على فهم النصوص مباشرة بلغتك الأصلية دون الترجمة.
11. التوسع في القراءة
كلما قرأت أكثر، تحسن أسلوبك في القراءة. لا تقتصر على نوع واحد من النصوص، بل حاول أن تقرأ مجموعة متنوعة من المواضيع، سواء كانت علمية، أدبية، أو تاريخية. هذا سيساعدك على بناء قدرة قوية على معالجة المعلومات بشكل أسرع. كلما تنوعت نصوص القراءة، كلما اكتسبت مزيدًا من القدرة على التعامل مع أي نص بغض النظر عن طبيعته.
12. الاستمرار في الممارسة وتحديد الأهداف
بجانب التمرين المنتظم، من الضروري أن تضع أهدافاً واضحة وقابلة للقياس. حدد الوقت الذي ترغب في تقليصه للقراءة أو عدد الكلمات التي تود قراءتها في الدقيقة. التتبع المنتظم لسرعتك يساعدك على ملاحظة التحسن ويمنحك الحافز للاستمرار.
13. الاستفادة من التقنيات الرقمية
توفر التكنولوجيا العديد من الأدوات التي يمكن أن تعزز من سرعة القراءة. على سبيل المثال، هناك تطبيقات وبرامج متخصصة في تدريب القراءة السريعة مثل “Spreeder” و”ReadSpeeder”، التي تستخدم تقنيات مثل عرض الكلمات بسرعة أكبر أو تسليط الضوء على أجزاء معينة من النص لزيادة سرعة المعالجة. يمكن أن تساعدك هذه الأدوات على تطبيق المبادئ التي تعلمتها وتوسيع نطاق سرعتك.
14. التعلم من الخبراء
هناك العديد من الخبراء في مجال القراءة السريعة الذين يقدمون نصائح وتقنيات متقدمة لتحسين مهارة القراءة. قراءة الكتب المتخصصة في هذا المجال أو حضور الدورات التدريبية التي يقدمها هؤلاء الخبراء يمكن أن توفر لك مجموعة متنوعة من الأدوات التي ستسهل عليك العملية.
15. الاستمرار في التقييم والتعديل
من خلال القراءة المستمرة، يجب أن تقيم بشكل دوري مدى تقدمك وتعدل تقنياتك بناءً على النتائج التي تحققها. لا تتوقع أن تصبح قارئاً سريعاً بين عشية وضحاها. يتطلب الأمر وقتاً وجهداً مستمرين. يجب أن تكون مستعداً لإجراء تعديلات على استراتيجياتك والبحث عن طرق جديدة لتحسين سرعتك.
الخاتمة
تعلّم مهارة القراءة السريعة هو عملية مستمرة تستند إلى التمرين والمثابرة. باستخدام التقنيات الصحيحة والتدريب المنتظم، يمكن لأي شخص أن يصبح قارئاً سريعاً وأكثر كفاءة. في عالم مليء بالمعلومات، تعتبر القراءة السريعة أداة لا غنى عنها لتحسين القدرة على استيعاب المعرفة بسرعة وفعالية.
