التهاب ضرس العقل: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

يُعد التهاب ضرس العقل من المشكلات الشائعة التي تواجه فئة كبيرة من البالغين، خاصة في الفترة ما بين أواخر سن المراهقة وحتى منتصف العشرينات. يمثل ضرس العقل آخر الأضراس التي تنمو في الفم، وغالباً ما يكون نموه غير طبيعي أو غير مكتمل، مما يجعله عرضة للالتهابات المتكررة والمضاعفات الصحية التي قد تمتد لتؤثر على الفم والفك وصحة الجسم العامة. في هذا المقال، سيتم تناول كل ما يتعلق بالتهاب ضرس العقل بشكل شامل، بدءاً من التعريف الطبي، مروراً بالأسباب والأنواع والأعراض، وانتهاءً بالتشخيص وخيارات العلاج والوقاية.

أولاً: ما هو ضرس العقل؟

ضرس العقل هو الضرس الثالث الدائم الذي يظهر في الجزء الخلفي من الفم، ويُطلق عليه “ضرس العقل” لأنه غالباً ما يظهر في سن الرشد، بين سن 17 إلى 25 سنة، وهو السن الذي يُفترض فيه أن يكون الإنسان قد اكتسب قدراً من النضج العقلي. عادةً ما يوجد أربعة أضراس عقل، اثنان في الفك العلوي واثنان في الفك السفلي.

في كثير من الأحيان، لا تتوفر المساحة الكافية في الفك لنمو ضروس العقل بشكل سليم، مما يؤدي إلى انطمارها كلياً أو جزئياً، أي أنها تبقى مدفونة في العظم أو اللثة، أو تنمو بزاوية خاطئة، مما يسبب مشاكل متعددة تبدأ بالانزعاج الخفيف وقد تنتهي بالتهاب حاد أو عدوى.

ثانياً: مفهوم التهاب ضرس العقل

التهاب ضرس العقل هو حالة مرضية تنشأ عندما تصاب الأنسجة المحيطة بضرس العقل بالعدوى أو الالتهاب. وتُعرف هذه الحالة طبياً باسم Pericoronitis، وهي أكثر شيوعاً في حالات ضرس العقل المنطمر أو غير المكتمل البزوغ. عند عدم قدرة الضرس على الظهور بالكامل من اللثة، يبقى جزء منه مغطى بطبقة من النسيج اللثوي، مما يخلق بيئة مثالية لتراكم البكتيريا والفضلات الغذائية، وبالتالي حدوث الالتهاب.

ثالثاً: أسباب التهاب ضرس العقل

ترتبط أسباب التهاب ضرس العقل بعدة عوامل متداخلة تؤدي في النهاية إلى نشوء الحالة الالتهابية. من أبرز هذه الأسباب:

1. الانطمار الجزئي لضرس العقل

عندما يبزغ الضرس جزئياً ويبقى مغطى بجزء من اللثة، تتكون جيوب لثوية يصعب تنظيفها، مما يتيح للبكتيريا أن تنمو وتتسبب في التهاب.

2. نقص المساحة في الفك

ضيق الفك يمنع الضرس من النمو بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى ميلانه أو انغراسه جزئياً في اللثة أو العظم.

3. ضعف نظافة الفم

تراكم بقايا الطعام والجراثيم في المناطق المحيطة بضرس العقل يزيد من احتمال حدوث الالتهاب.

4. نمو الضرس بزوايا غير طبيعية

قد ينمو الضرس بشكل مائل أو أفقي، مما يضغط على الأسنان المجاورة ويتسبب في تلف أو التهاب.

5. العدوى البكتيرية

الوجود المزمن للبكتيريا في الجيب اللثوي المحيط بضرس العقل يسبب الالتهاب، وقد تنتقل العدوى إلى مناطق أخرى في الفم والفك.

رابعاً: أنواع التهاب ضرس العقل

1. التهاب حاد

يتميز بأعراض شديدة وفجائية مثل الألم الحاد، التورم، والحمى. وغالباً ما يتطلب علاجاً سريعاً.

2. التهاب مزمن

يحدث بشكل تدريجي وتتكرر نوباته على فترات، وقد يكون أقل ألماً من الالتهاب الحاد، لكنه قد يسبب ضرراً طويل الأمد إذا لم يُعالج.

خامساً: أعراض التهاب ضرس العقل

تتفاوت الأعراض حسب شدة الحالة ومرحلتها، إلا أن هناك علامات شائعة تشمل:

• ألم مستمر أو نابض في المنطقة الخلفية من الفم.

• تورم اللثة المحيطة بضرس العقل.

• احمرار والتهاب في اللثة.

• صعوبة في فتح الفم أو المضغ.

• رائحة فم كريهة.

• طعم غير طبيعي أو مر في الفم.

• ارتفاع درجة حرارة الجسم في حالات العدوى الشديدة.

• صداع أو ألم في الأذن أو الفك.

• تضخم العقد اللمفاوية في الرقبة.

سادساً: مضاعفات التهاب ضرس العقل

إهمال التهاب ضرس العقل أو تأخير العلاج يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• انتشار العدوى إلى العظام أو الأنسجة المحيطة.

• تشكل خراج صديدي يتطلب تدخلاً جراحياً.

• إصابة الأسنان المجاورة بالتسوس أو التلف نتيجة الضغط أو العدوى.

• صعوبة في البلع أو التنفس في الحالات الشديدة جداً.

• تلف العظم الفكي في حال استمرار الالتهاب أو الخراج دون علاج.

سابعاً: التشخيص الطبي

يُشخّص التهاب ضرس العقل من خلال الجمع بين الفحص السريري والأشعة السينية. يشمل التشخيص ما يلي:

• فحص الفم واللثة للكشف عن علامات التورم والاحمرار والصديد.

• تصوير الأشعة السينية البانورامية (Panoramic X-ray) لتحديد وضعية ضرس العقل وتقدير درجة الانطمار.

• اختبارات الدم في بعض الحالات لتقييم مدى انتشار العدوى.

ثامناً: العلاج

يعتمد علاج التهاب ضرس العقل على شدة الحالة، ودرجة انطمار الضرس، ومدى تكرار الالتهاب. ويمكن تصنيف العلاج إلى:

1. العلاج الدوائي

• المضادات الحيوية: مثل الأموكسيسيلين أو الميترونيدازول للقضاء على العدوى البكتيرية.

• مضادات الالتهاب: مثل الإيبوبروفين لتقليل التورم والألم.

• غسولات الفم المطهرة: مثل الكلورهيكسيدين لتقليل البكتيريا في الفم.

2. الإجراءات الموضعية

• تنظيف الجيب اللثوي المحيط بضرس العقل للتخلص من الفضلات والصديد.

• تصريف الخراج في حال تشكله.

3. الجراحة

• خلع ضرس العقل يُعد الحل النهائي والوقائي، خاصة في حالات التكرار أو الانطمار الكامل. قد يكون الخلع بسيطاً أو جراحياً إذا كان الضرس منطمراً في العظم.

تاسعاً: الوقاية من التهاب ضرس العقل

رغم أن بعض حالات ضرس العقل لا يمكن الوقاية منها بسبب طبيعة نمو الضرس، إلا أن بعض الإجراءات تقلل من خطر الالتهاب:

• زيارة طبيب الأسنان دورياً لمتابعة تطور ضروس العقل قبل ظهور الأعراض.

• الحفاظ على نظافة الفم من خلال تنظيف الأسنان بانتظام واستخدام خيط الأسنان وغسول الفم.

• عدم تجاهل الأعراض المبكرة مثل الألم الطفيف أو التورم البسيط.

• إجراء تصوير بالأشعة في سن مبكرة لتحديد وضعية ضروس العقل واتخاذ قرار مبكر بشأن خلعها.

عاشراً: مقارنة بين ضرس العقل السليم والمُلتهب

المصادر والمراجع

1. American Dental Association (ADA). Wisdom Teeth. https://www.ada.org.

2. Mayo Clinic. Pericoronitis. https://www.mayoclinic.org.

هذا المقال يُمثل مرجعاً علمياً متكاملاً حول التهاب ضرس العقل ويغطي جميع الجوانب الطبية والتشخيصية والعلاجية والوقائية، بما يضمن فهماً شاملاً للحالة وأفضل طرق التعامل معها.