تعريف النبي: المعنى والرسالة

تعريف النبي لغًة وشرعًا

النبي هو شخص يُرسل من الله تعالى ليحمل رسالة إلى الناس، ويُعتبر النبي من أبرز الشخصيات في التاريخ الإنساني من حيث مكانته الدينية والعلمية والاجتماعية. وقد حظي النبي، عبر العصور، بقدرٍ عظيم من الاحترام والتقدير في مختلف الثقافات والمجتمعات. كما أن فهم مفهوم “النبي” يتطلب النظر في معناه اللغوي والشرعي، والبحث في التفاصيل التي تحدد دوره ووظيفته في حياة الإنسان.

أولًا: النبي في اللغة

لفظة “النبي” في اللغة العربية مأخوذة من الجذر “نَبَأَ”، الذي يعني الخبر أو الخبر الصادق. وبالتالي، فإن “النبي” هو “الذي يأتي بالخبر” أو “المُخبِر”. وهذا يشير إلى أن النبي هو شخص يحمل رسالة أو إعلانًا من الله سبحانه وتعالى إلى الناس، ويعني ذلك أن نبوته تقوم على نقل أمر إلهي يتضمن تعليمات أو توجيهًا أو تحذيرًا.

كما أن كلمة “نبي” مشتقة من الفعل “نبأ” الذي يعنى “أخبر”. في سياق اللغة العربية، عندما يقال أن شخصًا “أتى بنبأ”، فإنه يُقصد به أنه جاء بخبر أو بشارة، وبهذا المعنى، فإن النبي في اللغة هو الشخص الذي يأتي بخبر إلهي أو رسالة من عند الله.

ثانيًا: النبي في الشرع

أما في الشرع، فإن “النبي” هو شخص اصطفاه الله تعالى من البشر ليكون رسولًا من خلاله إلى الأمة أو الجماعة التي يعيش فيها. وقد ربطت الشريعة الإسلامية وظيفة النبي بإنزال الوحي عليه عن طريق جبريل عليه السلام، ليقوم بنقل رسالة إلهية تتضمن الدعوة إلى التوحيد، والعبادة الصحيحة، والهداية إلى طريق الحق والصواب. والنبي هو الذي يُكلف بتبليغ الوحي للناس، ويقوم بتوجيههم نحو الإيمان بالله ورسالاته، وكذلك تعليمهم كيفية العيش وفقًا لمبادئ الدين.

في الإسلام، يُعتبر النبي شخصية محورية في بناء الأمة الدينية. والنبي ليس مجرد معلم أو مرشد، بل هو أيضا قدوة للمؤمنين في سلوكه وأفعاله. لا يمكن فصل الوظيفة النبوية عن الرسالة الإلهية التي يحملها، فلا يكفي أن يكون الشخص نبيًا بدون أن يُرسل إليه الوحي من الله، وهذه الميزة تميز النبي عن غيره من البشر.

الفرق بين النبي والرسول

يجب أن نفرق بين النبي والرسول في الشرع. فقد ورد في القرآن الكريم أن الله تعالى أرسل العديد من الأنبياء، وبعضهم أرسلوا رسلاً. النبي هو الشخص الذي يُوحى إليه من الله ولكنه لا يحمل شريعة جديدة، وإنما يلتزم بالشريعة التي كان قد سبقته بها نبي آخر. بينما الرسول هو النبي الذي يُرسل إلى قوم معينين برسالة جديدة أو شريعة جديدة.

كما ورد في الحديث النبوي الشريف: “إنما أنا قسمٌ بين الله ورسوله”، أي أن النبي يقوم بتبليغ الوحي الذي أنزل على غيره من الأنبياء. فكل رسول هو نبي، ولكن ليس كل نبي هو رسول. بعض الأنبياء كانوا يُرسلون إلى قومهم لتجديد الدعوة التي سبقتهم، بينما كان الرسل يُبعثون برسائل جديدة.

ثالثًا: صفات النبي في الإسلام

من خلال النصوص الدينية، يمكن استنباط العديد من الصفات التي يجب أن يتحلى بها النبي لكي يتمكن من القيام بوظيفته التي كُلف بها. وفيما يلي بعض الصفات التي يتمتع بها النبي:

1. الصدق: يُعتبر الصدق من أبرز صفات النبي. فهو يُبَين الحقيقة التي جاء بها الوحي دون تحريف أو تغييب. وقد وصف القرآن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق، كما وصفه أهل مكة قبل بعثته بأنه “الأمين”.

2. الأمانة: الأمانة من الصفات الأساسية للنبي. فالنبي ليس فقط صادقًا، بل يُؤتمن على أمانات الوحي، ويحمل رسالة الله إلى البشر بحرص كامل دون التلاعب أو الفساد.

3. العدل: إن العدل من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها النبي. فالنبي لا يفرق بين الناس في معاملاته، ولا يُميز بينهم في الحقوق أو الواجبات.

4. الحلم والصبر: إن النبي يتمتع بقدر عظيم من الحلم والصبر على الأذى، وهذا يظهر في تعامله مع قومه وأعدائه، كما تجلى في صبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء الدعوة في مكة.

5. التواضع: النبي في الإسلام هو شخص متواضع لا يتفاخر على الناس بل هو في خدمة الإنسانية، وقد جَاء في الحديث النبوي الشريف “إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله”.

6. الرحمة: كان النبي يُظهر رحمة كبيرة بأمته، سواء في تبليغ الرسالة أو في معالجة المشكلات التي واجهها أثناء حياته. ومن أشهر الصفات التي وصف بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي “رحمة للعالمين” في القرآن الكريم.

7. البطولة والشجاعة: كان الأنبياء يتمتعون بالبطولة والشجاعة في تبليغ رسالتهم، وقد تحملوا أذى كبيرًا من قومهم وأعدائهم دون أن يتراجعوا عن أداء مهمتهم.

رابعًا: أنواع النبوة

يوجد نوعان رئيسيان للنبوة في الإسلام:

1. النبوة العامة: وهي النبوة التي تشمل جميع الأنبياء الذين بعثهم الله ليبلغوا الرسالة، مثل: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم.

2. النبوة الخاصة: وهي النبوة التي لا تشمل سائر الناس، بل تخص قومًا معينين أو أمة معينة. على سبيل المثال، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، بينما أرسل أنبياء آخرون إلى أقوام مختلفة.

خامسًا: خاتم الأنبياء

النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء الذي أرسل إلى البشر، وهو الذي ختم الله به سلسلة النبوات والرسالات. وهذا ما أكدته آية القرآن الكريم: “مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ” (الأحزاب: 40). وبذلك، فإن دور النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو إتمام ما بدأه الأنبياء السابقون في تبليغ الرسالة ورفع راية التوحيد، وقد جاء برسالة الإسلام التي هي آخر الرسالات.

سادسًا: النبي ورسالته

الرسالة التي يحملها النبي ليست مجرد تعليمات دينية بحتة، بل هي إطار شامل للحياة الإنسانية بكل أبعادها: الدينية، الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية. فقد جاءت الرسالة لتكون مرشدًا للإنسان في كيفية العيش بطريقة تحقق له النجاح في الدنيا والآخرة.

كان النبي في مختلف مراحل حياته يُقدم نموذجًا متكاملًا للإنسان الكامل الذي يجب أن يُحتذى به في سلوكه وأخلاقه، وما زالت سيرته العطرة مصدر إلهام للمؤمنين في جميع أنحاء العالم.