تطور الجنين في الشهر السابع: مرحلة جديدة من النمو والتطور
يعتبر الشهر السابع من الحمل أحد الفصول الحاسمة التي تتسم بتطورات كبيرة في نمو الجنين وتغيرات في جسم الأم. في هذا الشهر، يواصل الجنين نموه بشكل ملحوظ ويبدأ في الاستعداد للحياة خارج الرحم. في هذه المقالة، سنعرض تطور الجنين خلال الشهر السابع، بداية من الجوانب البيولوجية التي تحدث في هذا الشهر وصولاً إلى التغيرات الواضحة التي تشهدها الأم.
الأسبوع 25: بداية الشهر السابع
في الأسبوع الخامس والعشرين من الحمل، يبدأ الجنين في إظهار مزيد من الاستقرار من حيث الحجم والوزن. في هذا الوقت، يمكن للجنين أن يفتح ويغلق عينيه، كما يبدأ في التفاعل مع الضوء، إذ يمكنه تمييز الضوء القادم من البيئة الخارجية. تكون عينيه الآن أكثر تطورًا، حيث تكون الشبكية قد بدأت في النمو بشكل أفضل، ما يسهم في قدرته على الاستجابة للأضواء.
أما عن الجنين نفسه، فقد بلغ طوله في هذا الأسبوع حوالي 35 سم ويزن نحو 600 جرام تقريبًا. الجلد في هذا الشهر لا يزال رقيقًا ومتجعدًا، ولكن مع مرور الوقت سيصبح أكثر امتلاءً بفضل تراكم الدهون تحت الجلد.
الأسبوع 26: النمو السريع
في الأسبوع السادس والعشرين من الحمل، يزداد وزن الجنين بشكل ملحوظ، حيث يمكن أن يصل إلى 700 جرام أو أكثر. كما يبدأ حجم الجسم بشكل عام في الزيادة، مما يساهم في تقليل المساحة المتاحة للجنين داخل الرحم. في هذا الأسبوع، تكون الرئتين قد بدأت في التكوين بشكل أكثر وضوحًا، لكنهما لا تزالان بحاجة إلى مزيد من النمو والتطور لكي تكون قادرة على العمل بشكل مستقل في حال الولادة المبكرة.
الدماغ أيضًا يشهد تطورًا ملحوظًا في هذه المرحلة. يصبح الجنين أكثر قدرة على التنسيق بين الحركات والأنشطة العصبية، ويبدأ في إظهار ردود فعل أفضل تجاه المحفزات الخارجية. على سبيل المثال، إذا وضعت الأم يدها على بطنها، قد يلاحظ الجنين ذلك ويقوم بالتحرك استجابة لذلك.
الأسبوع 27: بدء الاستعداد للولادة
يعتبر الأسبوع السابع والعشرون من الحمل مرحلة مهمة للجنين، حيث يواصل النمو بوتيرة سريعة. في هذه المرحلة، يبلغ وزن الجنين حوالي 800 جرام أو أكثر، ويبدأ في اكتساب المزيد من الدهون تحت الجلد، مما يعزز من قدرته على البقاء في البيئة الخارجية بعد الولادة. في هذا الوقت، تبدأ ملامح وجه الجنين في الظهور بشكل أكثر وضوحًا. يمكن للأم أن تلاحظ أن الجنين لديه عيون مكتملة، وأنه يمكنه تحريك جفونه بطريقة أكثر وضوحًا.
رغم أن الجنين ما زال في مرحلة التطور، إلا أن بعض أعضاءه قد بدأت في القيام بوظائف شبه مستقلة. على سبيل المثال، بدأت الكلى في إنتاج البول بشكل كامل، والدماغ أيضًا يعمل بشكل أفضل بحيث يمكنه التحكم في بعض الحركات والتنسيق بين الأعضاء.
الأسابيع الأخيرة من الشهر السابع: التغيرات الجسدية
بحلول الأسبوع الثامن والعشرين من الحمل، يبدأ الجنين في الوصول إلى مرحلة متقدمة من التطور. يكون وزنه قد ارتفع ليصل إلى حوالي 1 كيلوغرام أو أكثر. في هذه المرحلة، تبدأ رئتا الجنين في التكوين بشكل كامل، وإن كانت غير مكتملة بما فيه الكفاية ليتمكن من التنفس بشكل طبيعي خارج الرحم. لكنهم يبدأون في إفراز مادة تُعرف باسم “السورفاكتانت” التي تساعد في تسهيل التنفس بعد الولادة.
الجلد يصبح أقل تجعدًا وأقل شفافية بفضل تراكم الدهون الذي يساعد في حماية الجنين وتنظيم درجة حرارته بعد الولادة. كما يظهر الشعر على رأس الجنين بشكل أكثر وضوحًا، ويصبح ملمسه ناعمًا، بينما تستمر الأظافر في النمو لتغطي أطراف الأصابع.
من جهة أخرى، يبدأ الجنين في ممارسة حركات التنفس داخل الرحم. هذا يعتبر تمرينًا مهمًا للرئتين لأنه يساعد في تحسين قدرتهما على العمل بشكل سليم بعد الولادة.
تطور الدماغ والقدرات العصبية
تعد تطورات الدماغ واحدة من أكثر التغيرات إثارة في الشهر السابع. في هذا الوقت، يتواصل الدماغ مع الجهاز العصبي بشكل متقن، مما يؤدي إلى تحسن التنسيق بين عضلات الجنين وأعضائه الداخلية. يمكن للجنين أن يتفاعل بشكل أفضل مع المحفزات الخارجية ويظهر استجابة أفضل للأصوات والضوء.
فيما يتعلق بالقدرات الحركية، يستطيع الجنين الآن تحريك أطرافه بشكل أكثر دقة، ويقوم بعدد من الحركات العشوائية مثل تحريك يديه أو قدميه، أو حتى مص إصبعه. هذه الحركات، رغم أنها قد لا تكون متناغمة تمامًا، إلا أنها تمثل محاكاة للحركات التي سيقوم بها بعد ولادته.
تطور أعضاء الجسم الداخلية
تستمر الأعضاء الداخلية للجنين في النمو خلال الشهر السابع. يكون جهازه الهضمي قد اكتمل تقريبا، ويمكنه هضم بعض السوائل التي يتناولها من خلال السائل الأمينوسي. كما يستمر الكبد والبنكرياس في النمو وتطوير وظائفهما.
فيما يتعلق بالنظام المناعي، يكون الجنين قد بدأ في تكوين الأجسام المضادة التي ستحميه من الأمراض في الأشهر الأولى بعد ولادته. يتم تمرير بعض الأجسام المضادة من الأم إلى الجنين عبر المشيمة في الشهر السابع، مما يعزز من قدرته على مقاومة العدوى بعد الولادة.
تأثير الحمل على الأم
خلال الشهر السابع، تتغير العديد من الأمور في جسم الأم. مع زيادة حجم الجنين، قد تعاني الأم من زيادة في الوزن، وضغط على الأعضاء الداخلية مثل المثانة، مما قد يؤدي إلى الشعور بالحاجة المتكررة للتبول. بالإضافة إلى ذلك، قد تبدأ بعض الأمهات في الشعور بتورم في الساقين والقدمين بسبب الضغط المتزايد على الأوعية الدموية.
من جهة أخرى، قد تعاني بعض الأمهات من زيادة في آلام الظهر أو تشنجات الساق بسبب التغيرات في الوزن وتوزيع الجسم. بعض النساء قد يعانين أيضًا من صعوبة في التنفس نتيجة لزيادة حجم الرحم وضغطه على الحجاب الحاجز.
على الرغم من هذه التغيرات، يبقى الشهر السابع مرحلة مثيرة جدًا من الحمل، حيث يبدأ الجنين في التحضير للحياة في العالم الخارجي، بينما تكون الأم في انتظار اللحظة التي تلتقي فيها بابنها أو ابنتها.
الخاتمة
في الشهر السابع من الحمل، يتطور الجنين بسرعة ويبدأ في إظهار العديد من العلامات التي تشير إلى استعداده للحياة خارج الرحم. يشهد نموه العديد من التغيرات البيولوجية والفيزيولوجية المهمة التي تساهم في استعداده لمرحلة الولادة. بالنسبة للأم، هو شهر مليء بالتحديات والمشاعر المتناقضة، لكنه أيضًا شهر يعبق بالأمل والترقب للحظة المرتقبة التي ستلتقي فيها بحب حياتها.
