موقع الكلى ووظائفها الحيوية

الكلى: الموقع والتكوين والوظائف

تعتبر الكلى أحد الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، وهي ضرورية للحفاظ على توازن الجسم الداخلي وإزالة السموم من الدم. يتكون الجسم البشري من العديد من الأعضاء التي تعمل بتناغم مع بعضها البعض لضمان الحياة والصحة. واحدة من هذه الأعضاء هي الكلى التي تقوم بدور بالغ الأهمية في تنظيم عدة وظائف بيولوجية أساسية، أبرزها تصفية الدم، الحفاظ على توازن السوائل والأملاح، وتنظيم ضغط الدم. لكن ما هي الكلى؟ أين تقع؟ وكيف تؤدي وظائفها المعقدة؟

1. موقع الكلى في الجسم

توجد الكلى في الجزء الخلفي من البطن، على جانبي العمود الفقري. يتموضع كل من الكليتين بشكل مائل، حيث تقع الكلية اليمنى في موقع أدنى قليلاً من الكلية اليسرى، بسبب وجود الكبد الذي يشغل حيزًا كبيرًا في الجهة اليمنى من الجسم. يتموضع الجزء العلوي من كل كلية تقريبًا على مستوى الضلوع السفلى، بينما يتوضع الجزء السفلي منها فوق عضلات البطن.

يتموقع مكان الكليتين خلف تجويف البطن، في منطقة تعرف بالـ “المنطقة القطنية”، وهي منطقة أسفل الظهر. يتراوح حجم الكلية من 10 إلى 12 سم في الطول، 5 إلى 7 سم في العرض، و 3 سم في السمك. على الرغم من أن الكليتين تكونان متماثلتين في الشكل والوظيفة، إلا أن الكلية اليمنى غالباً ما تكون أقل في الموقع من الكلية اليسرى بسبب وجود الكبد في الجهة اليمنى من الجسم.

2. تركيب الكلى

تتكون الكلية من العديد من الأجزاء المترابطة التي تعمل معًا لأداء وظائفها المتعددة. تتضمن بنية الكلى بشكل رئيسي:

أ. القشرة الكلوية:

هي الطبقة الخارجية للكلية، وتحتوي على مجموعة من الأنسجة التي تساعد في تصفية الدم. تتوزع فيها الأنابيب التي تعمل على تصفية البول، إلى جانب الأوعية الدموية التي تنقل الدم إليها.

ب. النخاع الكلوي:

هو الجزء الداخلي للكلية، ويحتوي على مجموعة من الهياكل المسؤولة عن نقل البول المتشكل من القشرة نحو الحوض الكلوي. يُسمى هذا الجزء أيضًا بـ “لب الكلية”.

ج. الأنسجة الكلوية:

تتكون الأنسجة الكلوية من الأنسجة الكثيفة التي تحتوي على وحدات تصفية تسمى “النيفرون”. يتكون النيفرون من الأنسجة المسؤولة عن تصفية الدم وإنتاج البول.

د. الحوض الكلوي:

يعد الحوض الكلوي هو المنطقة المتواجدة في الجزء الداخلي للكلية، حيث يجمع البول المتكون ليتم بعد ذلك نقله عبر الحالب إلى المثانة.

3. وظائف الكلى

تعتبر الكلى من الأعضاء التي تتحكم بشكل مباشر في تنظيم التوازن البيولوجي للإنسان. فهي تعمل بشكل دائم في تصفية الدم، وتنقية الجسم من السموم والفضلات. يمكن تلخيص أبرز وظائف الكلى في النقاط التالية:

أ. تصفية الدم:

تعمل الكلى على تصفية الدم من الفضلات والسموم. يتم ذلك من خلال النيفرون، الذي يعمل على ترشيح الدم واستخراج المواد غير المفيدة من الجسم مثل الأمونيا والكرياتينين والماء الزائد.

ب. تنظيم مستوى الماء والأملاح:

من خلال القدرة على التحكم في تركيز المياه والأملاح في الجسم، تساعد الكلى في الحفاظ على توازن السوائل، مما يؤثر على العديد من الأنظمة الحيوية، مثل ضغط الدم وحجم الدم. كما تقوم الكلى بإعادة امتصاص الصوديوم والكلوريد، وتفرز أي فائض منها.

ج. تنظيم مستوى الحموضة:

تلعب الكلى دورًا في تنظيم مستويات الأس الهيدروجيني (pH) للدم. من خلال إفراز أو إعادة امتصاص الأيونات الهيدروجينية (H+) و البيكربونات (HCO3-) تقوم الكلى بتنظيم درجة الحموضة في الدم والحفاظ عليها ضمن مستوياتها الطبيعية.

د. إفراز الهرمونات:

تنتج الكلى هرمونات تلعب دورًا هامًا في الجسم. من أبرز هذه الهرمونات هرمون الإريثروبويتين، الذي يحفز إنتاج خلايا الدم الحمراء في نخاع العظام. كما تقوم الكلى أيضًا بتنشيط فيتامين D، الذي يعزز امتصاص الكالسيوم في الأمعاء.

هـ. تنظيم ضغط الدم:

الكلى تلعب دورًا حيويًا في تنظيم ضغط الدم من خلال نظام الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون. هذا النظام يتحكم في كمية الصوديوم والماء التي يتم احتجازها في الجسم، وبالتالي يؤثر على مستوى ضغط الدم.

و. التخلص من الفضلات:

الفضلات مثل اليوريا، الأمونيا، والكرياتينين هي ناتج طبيعي لعمليات الأيض في الجسم. تقوم الكلى بإفراز هذه الفضلات عبر البول، مما يساعد في الحفاظ على نظافة الجسم الداخلية.

4. كيف تعمل الكلى؟

تعمل الكلى على تصفية حوالي 180 لترًا من الدم يوميًا، وهذا من خلال عملية معقدة تتضمن عدة خطوات:

أ. الترشيح:

في البداية، يدخل الدم إلى الكلية عبر الأوعية الدموية الصغيرة التي تتفرع من الشريان الكلوي. ثم يتم ترشيح الدم في وحدة النيفرون. يحتوي النيفرون على بنية تشبه مصفاة تقوم بترشيح الدم وفصل الفضلات منه.

ب. الامتصاص:

بعد الترشيح، يقوم النيفرون بإعادة امتصاص الماء والأملاح وبعض الجزيئات الضرورية التي يحتاجها الجسم. هذه العملية تحدث بشكل رئيسي في الأنابيب القريبة من الكلية.

ج. الإفراز:

بعد الامتصاص، يتم إفراز المواد غير المطلوبة مثل الأيونات والهيدروجين والمركبات السامة إلى الكلى ليتم التخلص منها مع البول.

د. تجميع البول:

أخيرًا، يتم تجميع البول المتكون في الحوض الكلوي ليتم نقله عبر الحالب إلى المثانة، حيث يُحتفظ به حتى يتم التخلص منه عبر التبول.

5. التفاعل بين الكلى وأعضاء الجسم الأخرى

تتفاعل الكلى بشكل مستمر مع العديد من الأعضاء الأخرى في الجسم لضمان التوازن الداخلي. على سبيل المثال:

أ. الكبد:

يعمل الكبد على معالجة السموم والفضلات الناتجة عن عمليات الأيض، ثم يتم إرسال هذه السموم إلى الكلى لتصفية الدم منها.

ب. القلب:

يعمل القلب على ضخ الدم المحمل بالفضلات إلى الكلى، التي تقوم بتصفية الدم ثم إعادته إلى الدورة الدموية.

ج. الرئتين:

بينما تقوم الرئتين بإزالة ثاني أكسيد الكربون من الجسم، تقوم الكلى بإزالة الفضلات الأخرى عبر البول.

6. أمراض الكلى الشائعة

من الممكن أن تتعرض الكلى لبعض المشاكل الصحية، مما يؤثر على قدرتها على أداء وظائفها بشكل صحيح. بعض الأمراض الشائعة تشمل:

• الفشل الكلوي: يحدث عندما تفشل الكلى في أداء وظائفها بشكل كافٍ.

• حصى الكلى: هي تجمعات صلبة تتشكل من المعادن والأملاح في الكلى.

• التهاب الكلى: قد يحدث نتيجة إصابة أو عدوى بكتيرية.

• ارتفاع ضغط الدم: في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي مرض الكلى إلى ارتفاع ضغط الدم.

• السكري: يؤثر السكري على الكلى بمرور الوقت، مما قد يؤدي إلى تدهور وظائفها.

7. الحفاظ على صحة الكلى

من أجل الحفاظ على صحة الكلى وتجنب الأمراض المتعلقة بها، يجب اتباع بعض الإرشادات الوقائية:

• شرب كمية كافية من الماء: يساعد شرب الماء بشكل منتظم على طرد السموم والحفاظ على توازن السوائل في الجسم.

• تناول غذاء صحي ومتوازن: التغذية السليمة تساهم في الحفاظ على وظائف الكلى بشكل جيد.

• ممارسة النشاط البدني: النشاط البدني يساعد في تحسين الدورة الدموية وضغط الدم.

• فحص الكلى بانتظام: من المهم متابعة صحة الكلى بشكل دوري، خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري أو ضغط الدم المرتفع.

8. خلاصة

تُعتبر الكلى من الأعضاء الحيوية التي تساهم بشكل كبير في الحفاظ على توازن الجسم الداخلي من خلال تصفية الدم، الحفاظ على مستوى السوائل، وإفراز السموم. رغم أن الكليتين صغيرتان نسبيًا في الحجم، إلا أن دورهما في الجسم بالغ الأهمية. من خلال فحص دوري، واتباع نمط حياة صحي، يمكن الحفاظ على صحة الكلى، مما يساهم في الحفاظ على صحة الجسم بشكل عام.