تربية طائر الحسون: دليل شامل وموسع

مقدمة حول طائر الحسون

يُعتبر طائر الحسون من أجمل الطيور البرية التي تأسر القلوب بجمال ألوانها وتغريدها العذب. ينتمي الحسون إلى فصيلة الشرشوريات، ويشتهر بلونه الزاهي الممزوج بالأحمر والأسود والأصفر مع لون جسمه البني المائل إلى البيج. هذا الطائر ينتشر بشكل رئيسي في أوروبا وشمال إفريقيا وأجزاء من آسيا، وقد أصبح من الطيور المهددة بسبب الصيد الجائر وفقدان المواطن الطبيعية. يولي مربي الطيور اهتماماً بالغاً بتربية طائر الحسون لما يتمتع به من ذكاء وقدرة على التأقلم، إضافة إلى غنائه المستمر الذي يضفي على المكان بهجة وروحاً خاصة.

البيئة المناسبة لتربية طائر الحسون

توفير بيئة مناسبة هو العامل الأهم في نجاح تربية طائر الحسون. هذا الطائر بطبيعته يحب المساحات الواسعة والمفتوحة، لذلك يجب على المربي الحرص على اختيار قفص واسع يسمح للطائر بالحركة بحرية. القفص يجب أن يكون على الأقل بطول 60 سم وعرض 40 سم وارتفاع 50 سم لتوفير المساحة الكافية للطيران القصير داخل القفص.

يفضل وضع القفص في مكان هادئ بعيد عن الضوضاء وتيارات الهواء المباشرة وأشعة الشمس الحارقة. كما أن الإضاءة الطبيعية المعتدلة مفيدة جداً لصحة الحسون، فهي تحفز نشاطه اليومي وتساعد على تحسين تغريده. درجة الحرارة المثالية لتربية الحسون تتراوح بين 18 و25 درجة مئوية مع ضرورة تجنب التقلبات المفاجئة في درجات الحرارة.

التغذية السليمة لطائر الحسون

النظام الغذائي لطائر الحسون متنوع ويجب أن يكون متوازناً لتلبية احتياجاته الغذائية المختلفة. يعتمد الحسون في الطبيعة على بذور النباتات البرية مثل بذور الشوك وبذور عباد الشمس الصغيرة وبذور الكتان. في التربية المنزلية، يمكن توفير مزيج خاص من البذور المخصصة لطائر الحسون والمتوفرة في محلات مستلزمات الطيور، والتي تتضمن عادة بذور النيجر، الكتان، اللفت، وبذور الشوك.

من المهم أيضاً تقديم بعض الأغذية الطازجة مثل أوراق الجرجير، الخس، والسبانخ مع التأكد من غسلها جيداً لإزالة أي بقايا من المبيدات. كما يُنصح بتقديم بيض مسلوق مهروس بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع خاصة خلال فترة تبديل الريش وفترة التكاثر.

يحتاج الحسون كذلك إلى مصادر غنية بالكالسيوم لدعم نمو العظام والريش، ويمكن توفير ذلك من خلال وضع عظام الحبار (السيبيا) داخل القفص أو باستخدام مكملات الكالسيوم الخاصة بالطيور.

شرب الماء النظيف يومياً أمر ضروري، ويجب تغيير الماء بانتظام لمنع تكاثر البكتيريا التي قد تؤثر سلباً على صحة الطائر.

العناية اليومية بالنظافة

النظافة اليومية عنصر لا يمكن تجاهله في تربية طائر الحسون. يجب تنظيف القفص بشكل منتظم، وتغيير فرشة القفص أو الورق الموضوع أسفله كل يوم أو يومين على الأكثر لتفادي تراكم الفضلات التي قد تسبب أمراضاً للطائر. كذلك يجب غسل المأكليات والمشربيات بالماء الدافئ والصابون وتجفيفها جيداً قبل إعادة استخدامها.

من الجيد أيضاً توفير حوض صغير للاستحمام داخل القفص مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، لأن الحسون بطبيعته يحب الاستحمام للحفاظ على نظافة ريشه ولمعانه.

مراحل نمو طائر الحسون

مرحلة الفقس والحضانة

عندما يفقس طائر الحسون يكون صغير الحجم وضعيف جداً، ويتطلب رعاية خاصة من الأبوين. في البيئة المنزلية يجب مراقبة الأعشاش بدقة لضمان عدم إزعاج الأبوين أثناء فترة الحضانة. يتغذى الفرخ في هذه المرحلة على طعام سائل تقدمه له الأم مكون من طعام مهضوم مسبقاً.

مرحلة الفطام

عندما يصل فرخ الحسون لعمر 30 إلى 40 يوماً يبدأ في الاعتماد على نفسه تدريجياً. يجب توفير غذاء سهل التناول مثل البذور المنقوعة في الماء لتسهيل عملية التهامها.

مرحلة الشباب

في هذه المرحلة يبدأ الطائر بإظهار سلوكه المستقل ويبدأ بتعلم التغريد ومحاولة تقليد الأصوات. يمكن تدريبه في هذه الفترة على التغريد بأن يتم تعريضه لمقاطع تغريد طيور حسون أخرى مسجلة.

مرحلة البلوغ

يصل طائر الحسون إلى مرحلة البلوغ الجنسي في عمر يتراوح بين 10 إلى 12 شهراً. في هذه الفترة يمكن ملاحظته وهو يبدأ في بناء العش إذا توفرت له شريكة مناسبة.

تكاثر طائر الحسون في الأسر

تُعد تربية طائر الحسون بهدف التكاثر من المهام التي تتطلب خبرة وصبر. يحتاج المربي إلى تهيئة الظروف المناسبة من حيث درجة الحرارة والهدوء وتوفير الأعشاش المناسبة. يبدأ موسم التزاوج عادة في الربيع، حيث يقوم الذكر بتغريدات متكررة وجذابة لجذب الأنثى.

يجب توفير أعشاش مريحة مصنوعة من الأعشاب الجافة والقطن الصناعي داخل القفص مع تثبيتها في زاوية مرتفعة وهادئة. تضع الأنثى عادة من 3 إلى 5 بيضات، وتستمر فترة الحضانة حوالي 13 إلى 15 يوماً.

يُفضل عدم نقل القفص أو تغييره أثناء فترة الحضانة حتى لا تشعر الأنثى بالخوف وتترك البيض. بعد الفقس، يجب مراقبة التغذية بشكل دقيق لضمان نمو الفراخ بشكل صحي.

تدريب طائر الحسون على التغريد

طائر الحسون يتميز بقدرته الفريدة على تعلم التغريد وتقليد الأصوات، وهذه الميزة هي ما تجعله من أكثر الطيور المفضلة لدى المربين. لتدريب طائر الحسون على التغريد، يجب البدء بتعريضه إلى مقاطع تغريد طيور أخرى منذ مرحلة الشباب، حيث تكون الطيور في هذه المرحلة أكثر استعداداً للتعلم.

يُنصح بوضع طائر الحسون في مكان هادئ خلال فترة التدريب مع تشغيل مقاطع التغريد مرتين يومياً لمدة لا تقل عن ساعة في كل مرة. يجب أن تكون المقاطع المستخدمة نقية وخالية من تغريدات طيور أخرى غير الحسون حتى لا يتعلم الطائر أصوات غير مرغوبة.

التكرار هو المفتاح الأساسي لنجاح التدريب، بالإضافة إلى ضرورة الصبر لأن تعلم التغريد الكامل قد يستغرق عدة أشهر.

الأمراض الشائعة التي تصيب طائر الحسون

أمراض الجهاز التنفسي

تُعتبر من أكثر الأمراض شيوعاً عند الحسون خاصة إذا تعرض لتيارات هوائية باردة أو رطوبة زائدة. من أعراضها العطس، صعوبة في التنفس، وفتح المنقار بشكل متكرر. الوقاية تتطلب تجنب وضع القفص في أماكن مكشوفة وتوفير تهوية جيدة دون تعريض الطائر للرياح المباشرة.

التسمم الغذائي

يحدث عادة بسبب تناول أطعمة ملوثة أو شرب مياه غير نظيفة. تظهر أعراضه في شكل خمول، فقدان الشهية، إسهال، وريش منفوش. يجب في هذه الحالة تغيير النظام الغذائي فوراً واستشارة طبيب بيطري متخصص.

أمراض الطفيليات

تشمل الإصابة بالفاش الأحمر الذي يتغذى على دم الطائر أثناء الليل. لمكافحة هذه الطفيليات يجب تنظيف القفص جيداً واستخدام المبيدات الآمنة المخصصة للطيور وفقاً لإرشادات الطبيب البيطري.

أمراض نقص الفيتامينات

تنجم عن سوء التغذية وتؤدي إلى تساقط الريش، ضعف النمو، وتشوهات في المنقار والأظافر. يمكن الوقاية منها بتقديم غذاء متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة.

جدول العناصر الغذائية الضرورية لطائر الحسون

أهمية التفاعل الاجتماعي مع طائر الحسون

التفاعل المستمر مع طائر الحسون يعزز من علاقته مع مربيه ويزيد من شعوره بالأمان. يمكن تدريب الحسون على الوقوف على اليد تدريجياً من خلال تعويده على صوت المربي وإعطائه الحبوب المفضلة له يدوياً. التفاعل الإيجابي يساعد في تقليل شعور الطائر بالوحدة ويحفزه على التغريد بشكل متكرر.

فترة تبديل الريش

يخضع طائر الحسون لفترة سنوية يقوم خلالها بتبديل ريشه، وهي فترة حساسة تتطلب رعاية خاصة. خلال هذه المرحلة قد يقل نشاط الطائر ويضعف تغريده، لذلك يجب تقديم غذاء غني بالبروتين والفيتامينات مع زيادة فترات الراحة وتقليل الإزعاج.

التفرقة بين ذكر وأنثى الحسون

يمكن التمييز بين ذكر وأنثى الحسون من خلال المظهر الخارجي والتغريد. الذكر يتميز بألوانه الزاهية وخاصة اللون الأحمر الذي يغطي منطقة الجبهة ويمتد إلى ما بعد العينين، بينما الأنثى يكون لديها لون أحمر باهت يتوقف عند مستوى العين. الذكور أيضاً أكثر قدرة على التغريد وتكون أصواتهم أعلى وأوضح من الإناث.

خاتمة

تربية طائر الحسون تتطلب معرفة علمية دقيقة وصبر مستمر لتقديم الرعاية المثالية لهذا الطائر الجميل. النجاح في تربية الحسون لا يقتصر فقط على التغذية الجيدة والنظافة الدورية بل يتعدى ذلك إلى خلق بيئة نفسية هادئة، وتوفير التفاعل الاجتماعي اليومي، وتفهم طبيعة هذا الطائر البرية التي تحتاج إلى مساحات معقولة من الحرية والحركة. من خلال الالتزام بكافة المعايير الصحية والسلوكية يمكن الاستمتاع بجمال الحسون وتغريده العذب لسنوات طويلة.

المصادر

• BirdLife International. European Goldfinch Carduelis carduelis species factsheet.

• “The Complete Canary Handbook”, Matthew M. Vriends.