في رواية “جلباب العابد” للكاتب عادل الدوسري، نلقي نظرة عميقة في عالم معقد يتخذ من الرأي العام مستبدًا يهيمن اجتماعيًا وسياسيًا، حيث يرهب الكثيرون من الانحراف عنه علنًا، حفاظًا على سمعتهم وتجنبًا للإدانة الاجتماعية. يُبرز الكاتب ببراعة كيف يصبح الرأي العام آلة استبداد قوية، ينصاع لها الأفراد بخوف، مما يقوض حرياتهم الشخصية ويجبرهم على تقبل القيم المفروضة.
تقدم الرواية قصة بطلها، الشيخ وابن الشيخ المُجَـبَّب، والذي يشغل منصب واعظ له جمهرة من التلاميذ والأتباع. يعتنقون دروس حفظ القرآن وتدبُّر آياته بانقسامٍ وتفانٍ. ومع ذلك، تأتي المفاجأة عندما يُفضح الشيخ بفضيحة تعكس تصرفًا مختلفًا عما يُدرَّس، حيث يكتشف ابنه أمرًا مشينًا قد قام به.
تتوالى الأحداث بعد هذا الكشف، حيث يقرر الابن الانقطاع عن دروس القرآن واستئصال لحيته، ما يثير غضب الجمهور ويُثير نقمة شعبية ضده. يعاني الشيخ من هذه المخالفة، خاصةً من قبل والده “الجليل”، وهنا يتفجر الصراع بين الأفراد والتقاليد والدين.
الرواية تقدم لنا تحولات متلاحقة في حياة الشيخ الذي كان يلبس جلباب العابد، مما يفتح آفاقًا للاستفهام حول مفهوم الدين والتقاليد، وكيف يمكن أن تؤثر المخالفات الشخصية على السمعة والموقف الاجتماعي. ترتكب الرواية إلى التأمل في تأثيرات هذه التحولات على الشخص والمجتمع، وكيف يتصادم الفرد مع القيم المفروضة ويبحث عن هويته الحقيقية.
“جلباب العابد” تعتبر عملًا أدبيًا استثنائيًا يتناول قضايا عميقة ويتسلح بقوة السرد لاستكشاف تأثيرات القيم والتقاليد على الفرد، مما يجعلها محط اهتمام لكل من يسعى لفهم التفاعل المعقد بين الفرد والمجتمع في سياق ثقافي متشدد.