10 أشياء لم تعرف أنها اخترعت في الثمانينيات

شهدت فترة الثمانينيات من القرن العشرين طفرة تكنولوجية وثقافية هائلة، حيث كانت تلك السنوات تمثل جسراً بين الحقبة الصناعية المتأخرة وبداية العصر الرقمي. وبينما يتم تذكر هذه الفترة كثيرًا بسبب الموسيقى المميزة وأسلوب الأزياء الفريد، فقد حملت معها كذلك مجموعة من الاختراعات الثورية التي غيرت مجرى التاريخ في مجالات متعددة من الحياة اليومية والتكنولوجيا إلى الطب والاتصالات. بعض هذه الاختراعات أصبحت حجر الأساس لعصر المعلومات الحالي، بينما لا يزال البعض الآخر يستخدم حتى اليوم بطرق متطورة. في هذا المقال، يتم تسليط الضوء على عشرة أشياء غير معروفة نسبيًا اخترعت في الثمانينيات، وتشكّل جزءاً من نسيج الحياة المعاصرة دون أن يدرك كثيرون أنها وُلدت في ذلك العقد الزاخر بالابتكار.

1. الإنترنت (الشكل الأولي للويب)

في حين أن الشبكات المترابطة كانت قد ظهرت منذ الستينيات، فإن تطوير بروتوكول TCP/IP واعتماده في 1 يناير 1983 شكّل الانطلاقة الحقيقية لما يُعرف لاحقًا بالإنترنت. هذا التغيير سمح بدمج العديد من الشبكات تحت بنية موحدة. وفي 1989، وضع تيم بيرنرز-لي الأساس لما سيصبح لاحقًا شبكة الويب العالمية (World Wide Web) حين كان يعمل في CERN، لكن جذور كل ذلك تعود إلى التطورات التقنية التي حصلت في الثمانينيات.

وقد كان الانتقال إلى بروتوكول TCP/IP بمثابة لحظة مفصلية سمحت بإنشاء شبكات موزعة يمكنها التفاعل فيما بينها بكفاءة وأمان، مما أدى إلى بروز بنية أساسية للاتصالات العالمية أصبحت اليوم لا غنى عنها في الحياة اليومية.

2. الطابعات ثلاثية الأبعاد

قد يعتقد البعض أن الطباعة ثلاثية الأبعاد هي تقنية حديثة ظهرت خلال العقدين الماضيين، لكن الحقيقة أن أساس هذه التقنية تعود إلى عام 1984 عندما اخترع تشاك هال طريقة تُعرف باسم “التجسيم الضوئي” (Stereolithography). وقد أسس شركة 3D Systems في نفس العام، وهي واحدة من أولى الشركات التي تبنت تطوير هذه التكنولوجيا.

تقوم هذه التقنية على استخدام الليزر لتحويل الراتنج السائل إلى أشكال صلبة بطبقات متتالية، وهو ما يمثل المبدأ الأساسي للطباعة ثلاثية الأبعاد. لم يكن لهذه التقنية استخدامات واسعة في بداياتها، لكنها اليوم تدخل في تصنيع كل شيء من الأطراف الصناعية إلى مكونات الطائرات.

3. شاشات الكريستال السائل LCD

أدخلت الثمانينيات مفهوم الشاشات المسطحة إلى العالم من خلال تطوير شاشات الكريستال السائل (LCD) والتي شكلت ثورة في عالم العرض المرئي. في عام 1982، طورت شركة توشيبا أول شاشة LCD ملونة، ما مهد الطريق لتطوير الشاشات المحمولة وأجهزة الحاسوب المحمول والتلفزيونات الحديثة.

كان الاعتماد على شاشات LCD يعني استهلاكاً أقل للطاقة وأبعاداً أنحف مقارنة بشاشات أشعة الكاثود (CRT) التي كانت سائدة آنذاك. كما ساعد هذا الابتكار في جعل الأجهزة أكثر تنقلاً، وهو ما نشهده بوضوح في الهواتف الذكية اليوم.

4. الحواسيب المحمولة

ظهر أول حاسوب محمول فعليًا في الأسواق في عام 1981 من إنتاج شركة Osborne، وكان يُعرف باسم Osborne 1. وعلى الرغم من أنه كان يزن حوالي 11 كيلوجرامًا، إلا أنه كان أول جهاز يمكن حمله ويعمل بالبطارية ويتيح لمستخدميه التنقل.

تطورت الأجهزة لاحقًا مع دخول شركة IBM على الخط بإصدارها “IBM PC Convertible” عام 1986، والذي كان أخف وزنًا ويحتوي على شاشة LCD. مثّل ذلك نقطة انطلاق نحو الحوسبة المحمولة التي أصبحت فيما بعد جزءًا أساسيًا من حياة الأفراد والشركات.

5. كاميرات الفيديو المنزلية (Camcorders)

في عام 1983، أطلقت شركة Sony أول كاميرا فيديو منزلية صغيرة الحجم تسمى “Betamovie BMC-100P”، والتي دمجت الكاميرا مع جهاز تسجيل الفيديو في وحدة واحدة. وقد شكّلت هذه الخطوة ثورة حقيقية في عالم التصوير المنزلي، حيث سمحت للأسر العادية بتوثيق لحظاتها بسهولة.

وقبل هذا الابتكار، كان تسجيل الفيديو يتطلب أجهزة كبيرة ومعقدة، أما بعد هذا الابتكار فقد أصبحت الكاميرات أكثر توافرًا وملاءمة للاستخدام الشخصي. تطور هذه التقنية لاحقًا ساعد على دخول الفيديو الرقمي ومشاركة المحتوى المرئي على الإنترنت.

6. برامج الجداول الحسابية (مثل Excel)

شهد عام 1985 إطلاق برنامج Microsoft Excel لنظام Apple Macintosh، في حين ظهرت نسخة Windows في عام 1987. وعلى الرغم من أن برنامج VisiCalc كان أول برنامج جدول حسابي، فإن Excel قدّم واجهة رسومية سهلة الاستخدام وإمكانيات تحليلية متقدمة.

ساهم Excel في تغيير طريقة معالجة البيانات والتحليل المالي والإداري في الشركات، وأصبح منذ ذلك الحين أحد أكثر الأدوات استخدامًا على الإطلاق في بيئات العمل والبحث العلمي، ولا تزال أهميته قائمة حتى اليوم مع تطور أدوات البرمجة والتحليل الإحصائي.

7. الرسائل النصية القصيرة (SMS)

طُوّرت فكرة الرسائل النصية القصيرة في أواخر الثمانينيات كجزء من مشروع GSM الأوروبي. وكان المهندس فريدمان هيلبراند من أوائل من اقترحوا استخدام 160 حرفاً كحد أقصى للرسائل القصيرة. وعلى الرغم من أن أول رسالة فعلية أُرسلت في ديسمبر 1992، إلا أن الأسس التقنية لتطوير هذا النظام وُضعت في عام 1984.

أحدثت الرسائل النصية ثورة في عالم الاتصالات، حيث وفّرت وسيلة سريعة وغير مكلفة للتواصل، وفتحت المجال لاحقًا للتطبيقات الحديثة في المراسلة الفورية.

8. تقنية CD (القرص المضغوط)

في عام 1982، أطلقت شركتا Sony وPhilips أول قرص مضغوط (CD) تجاري لتسجيل الموسيقى، وقد صُمم ليحلّ محل الأشرطة السمعية. كان أول ألبوم موسيقي يُطلق على هذا الشكل هو “52nd Street” للمغني Billy Joel.

سمحت هذه التقنية بتخزين بيانات رقمية صوتية بجودة عالية، دون أن تتأثر بالتآكل المادي كما هو الحال مع الأشرطة. سرعان ما انتقلت تقنية الأقراص المضغوطة إلى الحواسيب، حيث أصبحت وسيلة لتخزين البرامج والبيانات.

9. النواقل الفائقة (Superconductors) بدرجات حرارة مرتفعة نسبيًا

في عام 1986، أعلن العالمان كارل مولر وجورج بيدنورز عن اكتشاف مواد خزفية يمكنها أن تصبح موصلات فائقة عند درجات حرارة أعلى من الصفر المطلق بكثير مما كان معروفاً سابقًا. وقد أدى هذا الاكتشاف إلى حصولهما على جائزة نوبل في الفيزياء بعد عام واحد فقط.

أدى هذا التقدم إلى فتح آفاق جديدة في مجال الطاقة والنقل، بما في ذلك القطارات المغناطيسية فائقة السرعة (Maglev)، والمعدات الطبية مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وكذلك أنظمة نقل الطاقة بكفاءة عالية.

10. تقنية الواقع الافتراضي (Virtual Reality)

تمت صياغة مصطلح الواقع الافتراضي بشكل رسمي في الثمانينيات على يد العالم الأمريكي جارون لانير، الذي أسس شركة VPL Research، وهي أول شركة تنتج نظارات وخوذ تفاعلية تحاكي الواقع. كانت هذه الأجهزة آنذاك بدائية وباهظة الثمن، لكنها مهدت الطريق لتقنيات الواقع الافتراضي الحديثة.

قدمت هذه التقنية إمكانيات هائلة في مجالات متعددة، منها التدريب العسكري، والمحاكاة الطبية، وتصميم المنتجات، وصولاً إلى الألعاب الإلكترونية والترفيه. ما بدأ كفكرة خيالية أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من العديد من التطبيقات الواقعية.

جدول يوضح أهم هذه الابتكارات ومجالات استخدامها:

المراجع:

1. Ceruzzi, Paul E. A History of Modern Computing. MIT Press, 2003.

2. Waldrop, M. Mitchell. The Dream Machine: J.C.R. Licklider and the Revolution That Made Computing Personal. Viking, 2001.