هشاشة العظام: الأسباب والعلاج

هشاشة العظام: تعريفها، أسبابها، تشخيصها، وعلاجها

تُعد هشاشة العظام أحد الأمراض الشائعة التي تصيب ملايين الأشخاص حول العالم، وهي تتمثل في انخفاض كثافة العظام وضعف هيكلها، مما يزيد من خطر تعرضها للكسر بسهولة. يعتبر هذا المرض غير مرئي في مراحله المبكرة، حيث قد لا تظهر أعراضه إلا عند حدوث كسر للعظام. ولهذا السبب، يطلق عليه في بعض الأحيان “المرض الصامت”. يشكل هذا المرض تحديًا كبيرًا في ميدان الطب، إذ تتعدد عوامل خطر الإصابة به وتتداخل مع عوامل وراثية وبيئية، إضافة إلى العوامل العمرية والنوعية، كما أنه يرتبط بشكل وثيق بنمط الحياة والتغذية.

1. تعريف هشاشة العظام

هشاشة العظام هي حالة مرضية تحدث عندما يفقد الجسم عظامه تدريجيًا من كثافتها وقوتها، مما يجعلها هشة وسهلة الكسر. تتكون العظام من خلايا حية تعمل على التكوين والتجدد بشكل مستمر، ولكن في حالة هشاشة العظام، يتفوق معدل امتصاص العظام (عملية تدمير العظم) على معدل تكوينها، مما يؤدي إلى انخفاض كثافتها. وتعتبر العظام الأكثر تعرضًا للكسر في حالة الإصابة بهشاشة العظام هي عظام العمود الفقري، الورك، والمعصم، على الرغم من أن أي عظم قد يتعرض للكسر.

2. أسباب هشاشة العظام

تتعدد الأسباب والعوامل التي تسهم في حدوث هشاشة العظام. تنقسم هذه الأسباب إلى عوامل طبيعية وفسيولوجية وكذلك عوامل بيئية. من أبرز هذه الأسباب:

أ. التقدم في العمر

يعتبر التقدم في العمر من أبرز العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام، حيث يبدأ الجسم في خسارة كثافة العظام بشكل طبيعي بعد سن الثلاثين، خاصة عند النساء بعد سن اليأس.

ب. الجنس

تُظهر الدراسات أن النساء أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام مقارنة بالرجال، خاصة بعد انقطاع الطمث بسبب انخفاض مستويات هرمون الإستروجين الذي يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على كثافة العظام.

ج. العوامل الوراثية

وجود تاريخ عائلي للإصابة بهشاشة العظام يزيد من احتمالية الإصابة بها. في حال كان أحد أفراد العائلة قد عانى من هشاشة العظام أو كسور عظمية، فإن الشخص يكون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.

د. نقص الكالسيوم وفيتامين د

يعد الكالسيوم والفيتامين د من العناصر الأساسية لبناء العظام والحفاظ عليها. نقص هذه العناصر يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كثافة العظام وزيادة خطر تعرضها للكسر. فيتامين د يعزز امتصاص الكالسيوم من الأمعاء ويعزز عملية تشكيل العظام.

هـ. الأنظمة الغذائية غير السليمة

النظام الغذائي الذي يفتقر إلى الفواكه والخضروات، خصوصًا تلك الغنية بالكالسيوم والفيتامينات، يمكن أن يؤدي إلى ضعف العظام. أيضًا، الاعتماد على الأطعمة المعالجة والمشروبات الغازية قد يكون له تأثير سلبي على صحة العظام.

و. العوامل الهرمونية

بجانب هرمون الإستروجين الذي يؤثر على النساء بعد انقطاع الطمث، تلعب بعض الهرمونات الأخرى مثل الكورتيزول والغدة الدرقية دورًا في صحة العظام. اضطرابات في هذه الهرمونات قد تؤدي إلى هشاشة العظام.

ز. نمط الحياة ونقص النشاط البدني

قلة النشاط البدني وعدم ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم يمكن أن تؤدي إلى ضعف العظام. على النقيض، التمارين الرياضية التي تشمل تمارين تحمل الوزن مثل المشي، الجري، والتمارين الرياضية التي تقوي العظام، تساهم بشكل كبير في الحفاظ على صحة العظام.

ح. التدخين والكحول

التدخين وشرب الكحول بكميات كبيرة يعتبران من العوامل التي تؤدي إلى هشاشة العظام. حيث أن التدخين يؤثر على قدرة الجسم في امتصاص الكالسيوم، بينما يمكن للكحول أن يضعف من إنتاج خلايا العظام.

3. تشخيص هشاشة العظام

عادة ما يتم تشخيص هشاشة العظام من خلال الفحوصات والاختبارات الطبية. ومن بين الاختبارات الأكثر شيوعًا:

أ. اختبار كثافة العظام (DEXA)

يعد اختبار كثافة العظام (DXA أو DEXA) هو الاختبار الأكثر دقة لتشخيص هشاشة العظام. يتم من خلاله قياس كثافة المعادن في العظام باستخدام الأشعة السينية. هذا الاختبار يساعد على تحديد ما إذا كانت العظام ضعيفة أو معرضة للكسر.

ب. الفحص البدني

يمكن أن يطلب الطبيب فحصًا بدنيًا للتحقق من أي أعراض مرئية أو علامات على هشاشة العظام مثل الألم المزمن أو الوضعية المنحنية التي قد تدل على كسور في العمود الفقري.

ج. اختبارات الدم والبول

في بعض الأحيان قد يُطلب منك إجراء اختبارات دم أو بول لقياس مستوى الكالسيوم، الفوسفات، أو هرمونات معينة. يمكن أن تساعد هذه الاختبارات في تحديد العوامل المساهمة في هشاشة العظام.

4. أعراض هشاشة العظام

في المراحل المبكرة من هشاشة العظام، لا توجد عادةً أعراض ملحوظة، لكن مع تقدم الحالة وبدء كسور العظام، قد تظهر بعض الأعراض مثل:

• ألم في الظهر نتيجة كسور العمود الفقري.

• قصر القامة مع مرور الوقت.

• ظهور انحناء في الظهر أو تَحدُّب واضح.

• كسور عظمية تحدث بسهولة وبشكل غير متوقع.

5. علاج هشاشة العظام

يهدف العلاج في حالة هشاشة العظام إلى تقوية العظام وتخفيف الألم والحد من خطر حدوث كسور. يشمل العلاج عدة أساليب من بينها:

أ. الأدوية

هناك العديد من الأدوية التي تساعد في تقوية العظام وزيادة كثافتها، ومنها:

• البايفوسفونات: مثل أليندرونات (Fosamax) والرازيدرونات (Actonel) وهي من الأدوية الشائعة التي تساعد في تقليل فقدان العظام.

• الهرمونات البديلة: قد يُستخدم هرمون الإستروجين في بعض الحالات لزيادة كثافة العظام.

• الأدوية القائمة على السوماتوتروبين: هذه الأدوية تساعد في تحسين تكوين العظام.

ب. التغذية السليمة

يجب على مرضى هشاشة العظام تناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د في نظامهم الغذائي. يمكن أن يتضمن ذلك:

• تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل الألبان والجبن والخضروات الورقية.

• تناول المكملات الغذائية في حال كانت التغذية غير كافية.

ج. التمارين الرياضية

النشاط البدني له دور مهم في تقوية العظام. التمارين الرياضية التي تتحمل الوزن مثل المشي، الجري، والتمارين التي تقوي العضلات تحسن من صحة العظام. كما أن التمارين التي تركز على تحسين التوازن مثل اليوغا أو التاي تشي يمكن أن تساعد في الوقاية من السقوط.

د. الإقلاع عن التدخين والتقليل من الكحول

من المهم أيضًا أن يتجنب الشخص التدخين والحد من استهلاك الكحول، حيث يؤثر كلاهما على كثافة العظام.

6. الوقاية من هشاشة العظام

رغم أنه من الصعب تجنب هشاشة العظام بشكل كامل، إلا أن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها للوقاية منها:

• الحفاظ على وزن صحي: زيادة الوزن يمكن أن تسبب ضغطًا على العظام، في حين أن نقص الوزن يزيد من مخاطر الهشاشة.

• تناول غذاء متوازن: التركيز على الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د والابتعاد عن الأطعمة الفقيرة بالمغذيات.

• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: النشاط البدني يُعد من العوامل الأساسية للحفاظ على صحة العظام.

7. خاتمة

في النهاية، تعتبر هشاشة العظام من الأمراض التي تتطلب اهتمامًا خاصًا ورعاية وقائية في مراحل مبكرة. من خلال الفحص الدوري، التغذية السليمة، والنشاط البدني المناسب، يمكن تقليل خطر الإصابة بالمرض وتحسين نوعية الحياة للأفراد الذين يعانون من هشاشة العظام.