التحكم بالعواطف: 3 عقبات تمنعك من امتلاك هذه المهارة
يعد التحكم بالعواطف من المهارات الحياتية الأساسية التي تساهم بشكل كبير في تحسين نوعية حياتنا الشخصية والمهنية. لا يقتصر التحكم بالعواطف على القدرة على التحكم في ردود الأفعال العاطفية بشكل لحظي، بل يمتد ليشمل القدرة على فهم دوافع هذه العواطف والتعامل معها بشكل عقلاني وهادئ. هذه المهارة تساهم في اتخاذ قرارات أفضل، والتفاعل مع الآخرين بطريقة بناءة، كما تساهم في الحفاظ على صحة نفسية وجسدية جيدة. لكن على الرغم من أهميتها، يعاني العديد من الأشخاص من صعوبة في تعلمها واكتسابها، وهذا راجع إلى مجموعة من العقبات النفسية والمعرفية التي تحول دون تحقيقها. في هذا المقال، سنتناول ثلاث عقبات رئيسية تمنع الأشخاص من التحكم في عواطفهم.
1. الافتقار إلى الوعي الذاتي
تعتبر قلة الوعي الذاتي من أبرز العقبات التي تعيق التحكم بالعواطف. يشير الوعي الذاتي إلى قدرة الشخص على التعرف على مشاعره، وتحديد أسبابها، وفهم تأثيرها على تصرفاته وسلوكياته. عندما لا يمتلك الفرد وعيًا كافيًا بمشاعره، يصبح من الصعب عليه التحكم في هذه المشاعر بشكل فعال. قد يكون الشخص في حالة من التوتر أو الغضب دون أن يعرف السبب الحقيقي وراء هذه المشاعر، مما يجعله يتصرف بطرق غير عقلانية أو يندفع في اتخاذ قرارات قد يندم عليها لاحقًا.
الوعي الذاتي ليس مجرد الاعتراف بالوجود العاطفي، بل يشمل القدرة على فهم العواطف المختلفة، مثل الحزن أو الغضب أو الفرح، والتمييز بينها. من دون هذا الفهم العميق، يصبح الشخص عرضة لردود أفعال عاطفية غير متناسبة مع المواقف التي يمر بها. بالإضافة إلى ذلك، من الصعب تعديل السلوكيات العاطفية إذا لم يتم تحديد العوامل المسببة لها. على سبيل المثال، قد يواجه شخص مشكلة في العمل ولكنه يوجه غضبه إلى أفراد أسرته بسبب عدم فهمه لمصدر التوتر.
2. العادات العاطفية الراسخة
تعتبر العادات العاطفية الراسخة أحد التحديات الكبيرة في التحكم بالعواطف. يشير هذا المصطلح إلى الأنماط العاطفية التي تتكون نتيجة لتكرار معين للسلوكيات والردود العاطفية على مدار الوقت. هذه العادات تصبح جزءًا من شخصيتنا وتحديدًا في المواقف التي تثير مشاعر قوية، مثل الغضب أو القلق. على سبيل المثال، قد يعتاد الشخص على الرد بالغضب في مواجهة الانتقاد أو الضغط، مما يجعله يكرر هذا السلوك تلقائيًا دون التفكير فيه.
هذه العادات العاطفية الراسخة قد تنشأ من مواقف الطفولة أو تجارب حياتية سابقة شكلت نمطًا معينًا من الردود العاطفية. مع مرور الوقت، يصبح هذا النمط من الاستجابة راسخًا في العقل الباطن، ويصعب تغييره دون العمل المكثف. علاوة على ذلك، فإن هذه العادات قد تكون قديمة وعميقة الجذور لدرجة أن الشخص لا يدرك أن لديه القدرة على تغييرها. مما يجعله يقع في دائرة مغلقة من ردود الأفعال العاطفية التي قد تضر بعلاقاته وحياته الشخصية.
لتخطي هذه العقبة، يجب على الشخص أن يكون مستعدًا لتغيير عاداته العاطفية والبدء في تشكيل استجابات جديدة وصحية. هذا يتطلب جهدًا مستمرًا في مراقبة ردود الأفعال العاطفية، واختيار طرق جديدة للتعامل مع المواقف الصعبة. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يواجه الغضب بشكل مستمر في مواجهة المواقف العصيبة، يمكنه أن يتعلم تقنيات التنفس العميق أو ممارسة التأمل لتهدئة أعصابه قبل اتخاذ أي قرار.
3. الاعتقاد بعدم القدرة على التغيير
من العوامل النفسية الأخرى التي قد تقف في طريق التحكم بالعواطف هو الاعتقاد بعدم القدرة على التغيير. بعض الأشخاص يعتقدون أن عواطفهم جزء لا يتجزأ من شخصياتهم وأنه لا يمكنهم تغيير الطريقة التي يشعرون بها أو يتفاعلون بها. هذا الاعتقاد يمكن أن ينشأ من مجموعة متنوعة من العوامل، مثل الشعور بالعجز أو الفشل في محاولات سابقة للتحكم بالعواطف، أو التأثر بمعتقدات ثقافية أو اجتماعية تدعم فكرة أن العواطف غير قابلة للتحكم.
عندما يشعر الشخص بعدم القدرة على تغيير مشاعره، يصبح من الصعب عليه المضي قدمًا في تعلم مهارات التحكم بالعواطف. هذا الشعور بالعجز قد يؤدي إلى الإحباط، مما يجعل الشخص يتوقف عن محاولة تحسين نفسه. هذا النوع من التفكير يمكن أن يصبح عقبة حقيقية في رحلة النمو الشخصي.
إحدى الطرق الفعالة للتغلب على هذا الاعتقاد هي أن يبدأ الشخص بتغيير وجهة نظره حول عواطفه. بدلاً من رؤيتها كأمر ثابت وغير قابل للتغيير، يمكنه أن يبدأ في التفكير في العواطف على أنها حالات مؤقتة يمكن التعامل معها وتوجيهها. تغيير هذه الفكرة يتطلب التدريب المستمر والتعرض لمواقف تجريبية يمكن أن تساعد الشخص على إثبات أنه قادر على التحكم في عواطفه. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يعاني من قلق دائم، يمكنه البدء بتعلم تقنيات الاسترخاء أو التفكير الإيجابي، مما يساعده على تغيير ردود فعله العاطفية تجاه المواقف المحفزة للقلق.
كيفية التعامل مع هذه العقبات
على الرغم من أن هذه العقبات قد تكون صعبة في البداية، إلا أن هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد في التغلب عليها. أولًا، من المهم أن يبدأ الشخص في العمل على زيادة وعيه الذاتي. يمكن القيام بذلك من خلال ممارسة التأمل أو الكتابة اليومية، أو حتى التحدث مع شخص مقرب حول العواطف والمشاعر التي يمر بها.
ثانيًا، يجب على الشخص أن يتعامل مع عواطفه بمرونة وأن يتعلم كيفية تعديل عاداته العاطفية. يمكن لهذا أن يتم من خلال تقنيات تعديل السلوك أو من خلال الانضمام إلى جلسات تدريبية تهدف إلى تحسين مهارات التحكم بالعواطف.
أخيرًا، يجب على الشخص أن يتحلى بالإيمان بقدرته على التغيير. تعلم مهارة التحكم بالعواطف يتطلب وقتًا وصبرًا، ولكن من خلال الالتزام والتدريب المستمر، يمكن لأي شخص تحسين قدرته على التعامل مع مشاعره بشكل أفضل.
