تتناول الكاتبة إيريس كراسنو في كتابها “أنا ابنة أمي: صنع السلام مع الأم قبل فوات الأوان”، المنشور عام 2006 من قبل دار النشر بيسك بوكس، واحدة من أعقد وأعمق العلاقات في حياة الكثير من النساء، وهي العلاقة بين الأم وابنتها. إيريس كراسنو، التي تجمع بين كونها أمًا وابنة وصحفية ذائعة الصيت، تعالج هذه العلاقة التي قد تستمر طويلاً، خاصة مع تزايد متوسط العمر المتوقع للنساء ليتجاوز الثمانين عامًا، مما يعني أن الكثير من النساء قد يجدن أنفسهن متورطات في علاقات معقدة مع أمهاتهن حتى بعد أن يشيب شعرهن.
الكتاب يقدم نظرة جديدة ومبتكرة لكيفية تجاوز مشاعر الغضب والذنب والاستياء التي يمكن أن تدمر العائلات. تستند كراسنو في عرضها للموضوع إلى تجربتها الشخصية مع والدتها التي تبلغ من العمر أربعة وثمانين عامًا، بالإضافة إلى الحكمة المستقاة من أكثر من مائة ابنة بالغة أخرى. تهدف الكاتبة من خلال هذا الكتاب إلى إرشاد القارئات نحو فهم أعمق لطبيعة العلاقات الأسرية وتقديم مقترحات عملية للتغلب على المشاكل النفسية والعاطفية التي قد تنشأ.
واحدة من النقاط الرئيسية التي تؤكدها كراسنو في كتابها هي أهمية التوصل إلى سلام مع الواقع الملموس للأمهات كأفراد لهم عيوبهم ومزاياهم، بدلاً من الاستمرار في التعلق بصورة مثالية قد لا تتطابق مع الواقع. تشدد على ضرورة العمل على تحسين هذه العلاقة في الحياة وليس تأجيلها إلى أن تفوت الفرصة، معتبرة أن الوقت الحالي هو الأنسب لترميم العلاقات والتقرب بين الأم وابنتها. وتذكّر القارئات بأنه “لا يمكنك تقبيل والدتك والتصالح في جنازتها.”
كتاب “أنا ابنة أمي” يقدم لمحات وفيرة عن الديناميكيات المعقدة التي تحيط بالعلاقة بين الأم والابنة، مع التركيز على التحديات والفرص التي تواجه النساء في عصر يشهد تغيرات اجتماعية وثقافية متسارعة. إنه يعكس تطلعات الكاتبة في توفير منبر للنساء للتعبير عن تجاربهن الشخصية وتبادل الخبرات بشأن كيفية بناء جسور من الفهم والمودة بين الأجيال.
هذا الكتاب، المصنف تحت قسم علوم اجتماعية ودراسات المرأة، ليس مجرد عمل يستند إلى الأبحاث والنظريات فحسب، بل هو أيضاً شهادة شخصية تعزز من قيمته كمرجع يمكن للقارئات العودة إليه باستمرار. يعد موردًا ثمينًا لكل من تبحث عن الإلهام والإرشاد في رحلتها لتعزيز أو إصلاح العلاقات مع الأمهات، مقدمًا بذلك إسهامًا معتبرًا في الأدبيات المعنية بالعلاقات الأسرية والنفسية.
من خلال دمج النصائح العملية مع القصص الشخصية، يوفر الكتاب منهجًا متكاملاً يحفز على التفكير ويقدم أدوات ملموسة لتحسين العلاقات الحميمة داخل الأسرة، مما يجعله قراءة ملزمة لكل من ترغب في فهم أعم