تأثير Like على دماغك

ماذا يحصل في دماغك عندما ترى “Like” على ما كتبته على الفيسبوك؟

في عصر الشبكات الاجتماعية، أصبحت علامة “Like” على منصات مثل الفيسبوك، إنستجرام وتويتر واحدة من أكثر الرموز المعروفة التي تعكس تفاعل الآخرين مع منشوراتنا. إن مشهد رؤية “Like” على ما كتبته يعد بمثابة رد فعل تلقائي قد يثير فينا مشاعر متنوعة، من السعادة إلى الرضا وحتى الإدمان على التفاعل الاجتماعي. ولكن هل تساءلت يومًا ماذا يحدث في دماغك عندما ترى هذه العلامة الصغيرة؟

1. الارتباط بالمكافأة

عندما ترى “Like” على منشورك، ينشط الدماغ في مناطق مرتبطة بمكافأة، مثل “النواة المتكئة” (Nucleus Accumbens)، وهي جزء من الدماغ مسؤول عن الشعور بالمتعة والمكافأة. يعمل هذا الجزء من الدماغ على تحفيز مشاعر الإيجابية التي ترتبط بنجاح التواصل الاجتماعي. كلما زادت التفاعلات مع منشورك، ازدادت المشاعر التي تحفز هذه المنطقة، مما يمنحك شعورًا بالتحقق الاجتماعي.

2. الإفراج عن الدوبامين

الدوبامين هو “هرمون السعادة” في الدماغ، وهو المسؤول عن مشاعر المتعة واللذة. عندما تتلقى “Like” على منشورك، فإن دماغك يفرز الدوبامين، مما يعزز شعورك بالإيجابية. هذا يفسر لماذا يمكن أن تشعر بسعادة غامرة أو حتى مدمنًا على الحصول على إعجاب على منشوراتك. يعتبر هذا الإفراز الكيميائي جزءًا من النظام العصبي الذي يعزز السلوكيات التي تجلب لنا متعة، ويشجع على تكرار هذه التجربة في المستقبل.

3. التفاعل الاجتماعي والإثارة النفسية

العقل البشري مهيأ اجتماعيًا بشكل عميق. لقد تطورنا ككائنات اجتماعية بحاجة إلى التعرف على مكانتنا في الجماعة والتفاعل معها. التفاعل الاجتماعي، مثل الحصول على “Like”، يعزز من شعورنا بالقبول الاجتماعي والانتماء، وهو أمر أساسي للشعور بالراحة النفسية. لذلك، فإن رؤية “Like” يمكن أن تؤدي إلى زيادة في مشاعر الثقة بالنفس، حيث يشعر الشخص أنه يحظى بالقبول من قبل الآخرين.

4. تأثير الإيجابية على الانطباع الذاتي

أظهرت العديد من الدراسات أن التفاعل الإيجابي عبر الشبكات الاجتماعية له تأثير عميق على الذات، حيث يعزز من تقدير الشخص لذاته. عندما يتلقى الفرد “Like” على منشوراته، يبدأ في التفكير بشكل إيجابي حول نفسه وحول ما يكتبه أو يشاركه. يمكن أن يشير هذا التفاعل إلى أن الآخرون يعتبرون محتواه ذو قيمة أو مميز.

5. الإدمان على “Like”

قد يعاني بعض الأشخاص من نوع من الإدمان على الحصول على “Likes”، حيث يصبحون مهووسين بتحديث صفحاتهم ومحاولة جلب التفاعلات. يعود ذلك إلى تأثير الدوبامين، حيث أن الدماغ يتعلم أنه كلما زادت التفاعلات الإيجابية، زاد الشعور بالسعادة. وهكذا، قد يسعى الشخص إلى تحسين منشوراته أو نشر المزيد من المحتوى للحصول على مزيد من التفاعل، مما يعزز من هذا الإدمان.

6. التفاعل مع العلامات الاجتماعية

يشير وجود “Like” من شخص معين إلى القبول أو التصديق من قبل أولئك الذين نعتبرهم مهمين في حياتنا، مثل الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء. ولذلك، يمكن أن يكون “Like” من شخص معين أكثر تأثيرًا من غيره، مما يعزز الشعور بالتقدير والقبول من هذه الدائرة الاجتماعية المقربة.

7. الآثار السلبية على الصحة النفسية

بينما يمكن أن تكون التفاعلات عبر الشبكات الاجتماعية مصدرًا للإيجابية، فإن الاعتماد المفرط على “Like” يمكن أن يؤدي إلى مشاعر سلبية إذا لم يتم تلقي ردود الفعل المتوقعة. قد يشعر الشخص بالإحباط أو القلق إذا لم يحصل على التفاعل الذي كان يتوقعه، مما يمكن أن يساهم في زيادة مستويات القلق الاجتماعي والاكتئاب. في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي الفشل في الحصول على “Like” إلى الشكوك في الذات والمقارنة السلبية مع الآخرين.

8. العوامل المؤثرة في تأثر الدماغ بـ “Like”

هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر في كيفية استجابة الدماغ لرؤية “Like”. تشمل هذه العوامل مستوى الثقة بالنفس، العلاقة الاجتماعية مع الشخص الذي أبدى الإعجاب، والنوع والمحتوى الذي تم نشره. على سبيل المثال، إذا كان الشخص ينشر شيئًا شخصيًا جدًا أو محطًا للاهتمام، فقد تكون ردة الفعل أكثر قوة.

9. التأثير على العلاقات الاجتماعية والتفاعل

إن وجود “Like” يعزز الروابط الاجتماعية ويسهم في تعزيز التفاعل بين الأفراد. ومع ذلك، قد لا تكون هذه الروابط دائمًا حقيقية أو عميقة، حيث يمكن أن يكون التفاعل على الإنترنت مؤقتًا وسطحياً مقارنة بالتفاعل الشخصي. يمكن أن يؤدي هذا إلى تطور “علاقات افتراضية” لا تقدم نفس النوع من الدعم العاطفي والنفسي الذي توفره العلاقات الحقيقية.

10. في الختام

تعتبر “Like” على الفيسبوك بمثابة آلية نفسية تؤثر على دماغ الإنسان بشكل عميق. من خلال تحفيز مشاعر السعادة والقبول الاجتماعي، قد تمنح هذه الإعجابات الفرد شعورًا بالتحقق والراحة النفسية. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن هذه التفاعلات عبر الإنترنت قد تكون سطحية في بعض الأحيان، ويمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية إذا تم الإفراط في الاعتماد عليها. في النهاية، يجب أن نتوازن في استخدام الشبكات الاجتماعية وأن نكون واعين لتأثيراتها على صحتنا النفسية والعاطفية.