ترتيب شهور السنة الهجرية

ترتيب شهور السنة الهجرية

تُعد السنة الهجرية من الأنظمة الزمنية الهامة في التاريخ الإسلامي، وهي تستند إلى حركة القمر في تحديد الشهور، وتُستخدم في العديد من المجالات الدينية والاجتماعية للمسلمين حول العالم. تتميز السنة الهجرية بأنها تعتمد على الدورة القمرية، مما يجعلها تختلف عن السنة الميلادية التي تعتمد على الدورة الشمسية. في هذا المقال سيتم استعراض ترتيب شهور السنة الهجرية بشكل مفصل، مع شرح لكل شهر من شهورها، وأهم الأحداث التاريخية والدينية المرتبطة بها، إضافة إلى خصائصها الفلكية والزمنية.

مفهوم السنة الهجرية وأهميتها

السنة الهجرية هي السنة التي بدأ المسلمون استخدامها بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة، وهو الحدث الذي يُعتبر نقطة انطلاق لتأريخ المسلمين. تعتمد السنة الهجرية على القمر الذي يدور حول الأرض، حيث يتكون الشهر الهجري من دورة قمرية كاملة، ويبلغ طول الشهر القمري الواحد تقريباً 29.5 يومًا. ولذا فإن السنة الهجرية تكون أقصر من السنة الشمسية بحوالي 10 إلى 12 يومًا.

هذا الاختلاف في طول السنة هو سبب اختلاف مواعيد الأشهر الهجرية سنويًا مقارنة بالتقويم الميلادي، ويؤدي إلى تنقل فصول السنة مع مرور الوقت في التقويم الهجري. كما أن الشهور الهجرية ذات أهمية خاصة في تحديد مواعيد العبادات الإسلامية مثل رمضان والحج.

ترتيب شهور السنة الهجرية وعدد أيامها

السنة الهجرية تتكون من اثني عشر شهرًا قمريًا، وهي على الترتيب كما يلي:

تفصيل شهور السنة الهجرية

1. شهر محرم

محرم هو أول شهور السنة الهجرية، وهو من الأشهر الحرم التي حث الإسلام على احترامها والامتناع عن القتال فيها. يُعتبر هذا الشهر بداية التقويم الإسلامي، وقد سُمي “محرم” لأنه كان من المحرمات القتال فيه قبل الإسلام، وبقي هذا التقليد بعد الإسلام. يشتهر هذا الشهر بذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه في كربلاء، وهو حدث محوري في التاريخ الإسلامي خصوصًا لدى الشيعة.

2. شهر صفر

يأتي بعد محرم، ويعرف بأنه شهر له سمعة قديمة في الجاهلية وكان يُعتقد أنه شهر سوء، ولهذا كان العرب يُفضلون البقاء في بيوتهم في صفر. لا توجد مناسبات دينية معروفة خاصة في هذا الشهر، لكنه من الشهور التي مرت بها بعض الأحداث التاريخية في صدر الإسلام.

3. شهر ربيع الأول

هو الشهر الذي يحتفل فيه المسلمون بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم حسب بعض الأقوال والمذاهب، على الرغم من عدم وجود اتفاق قطعي على التاريخ. يحتل هذا الشهر مكانة خاصة في قلوب المسلمين باعتباره بداية لحياة الرسول التي أثرت في البشرية جمعاء.

4. ربيع الآخر (ربيع الثاني)

هو الشهر الرابع في السنة الهجرية، ويتميز بكونه شهرًا لا يرتبط بأحداث دينية بارزة، لكنه جزء من الموسم الشتوي في الجزيرة العربية.

5. جمادى الأولى

اسم هذا الشهر مشتق من كلمة “جمد” التي تعني جفاف المياه، وذلك لأن هذا الشهر كان يشهد جفاف البرك والمياه في الجزيرة العربية. هو شهر شتوي، ولم يرد ذكر خاص في النصوص الدينية عن مناسبات فيه.

6. جمادى الآخرة

يأتي بعد جمادى الأولى، ويحمل نفس الخصائص المناخية، كما أنه لا يحتوي على مناسبات دينية أو اجتماعية بارزة.

7. شهر رجب

يعد رجب من الأشهر الحرم التي حرم الله القتال فيها، وله مكانة دينية مرموقة. كثير من المسلمين يصومونه تطوعًا، وهناك حديث عن فضل الصيام في هذا الشهر. يسبق رجب شهر شعبان ورمضان، ويستعد فيه المسلمون روحيًا للصيام.

8. شهر شعبان

شهر شعبان هو الشهر الذي يلي رجب ويأتي قبل رمضان، وهو شهر له مكانة خاصة في العبادات، حيث كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام فيه. يعتقد أن الله يكتب فيه الأقدار للعام القادم، ولهذا يعتبره المسلمون فرصة للتقرب إلى الله.

9. شهر رمضان

أشهر الشهور في السنة الهجرية، وهو الشهر الذي فرض الله فيه الصيام على المسلمين كركن من أركان الإسلام. تكثر فيه العبادات والقرآن، حيث نزل في ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر. يحتل رمضان مكانة روحية واجتماعية هامة، ويتميز بجو من التضامن والتقوى.

10. شهر شوال

يأتي بعد رمضان، ويحتفل المسلمون فيه بعيد الفطر، وهو يوم فرح بنهاية شهر الصيام. يُستحب صيام ستة أيام في شوال بعد عيد الفطر لما ورد عن النبي من فضل ذلك، ويعتبر تكملة لصيام رمضان.

11. ذو القعدة

يعتبر من الأشهر الحرم أيضًا، وهو الشهر الذي يسبق موسم الحج. كانت العرب في الجاهلية تلتزم بعدم القتال فيه، وهذا الاستحسان ظل مستمرًا في الإسلام. لا توجد مناسبات دينية مميزة فيه سوى كونه شهر توقف فيه الحروب استعدادًا للحج.

12. ذو الحجة

أعظم شهور السنة الهجرية، ويشهد مناسك الحج السنوية التي يلتزم بها المسلمون القادرون مرة في العمر على الأقل. من أبرز أيامه يوم عرفة، ويليه عيد الأضحى، وهو عيد التضحية بإحياء لسنة النبي إبراهيم عليه السلام. ذو الحجة شهر مفعم بالعبادات والتضحيات الروحية.

حساب طول شهور السنة الهجرية

طول الشهر الهجري يتراوح بين 29 و30 يومًا بناءً على رؤية الهلال، إذ تعتمد الأشهر القمرية على الدورة القمرية بين المحاق والاقتران والهلال الجديد. إذا تم رؤية الهلال في اليوم التاسع والعشرين من الشهر، يبدأ الشهر الجديد، وإذا لم تُرَ الرؤية يبدأ الشهر في اليوم الثلاثين. لذلك فإن السنة الهجرية تكون أقصر من السنة الشمسية بـ10 إلى 12 يومًا، مما يجعل الأشهر الهجرية تتحرك عبر الفصول السنوية بشكل متكرر.

الفرق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي

يعتمد التقويم الميلادي على السنة الشمسية التي تتكون من 365 أو 366 يومًا، بينما يعتمد التقويم الهجري على السنة القمرية التي تتكون من حوالي 354 يومًا. هذا الفارق يجعل الشهور الهجرية لا تتزامن مع الفصول بشكل ثابت كما هو الحال في التقويم الميلادي. في حين أن السنة الميلادية تنقسم إلى 12 شهرًا بناءً على حركة الأرض حول الشمس، فإن السنة الهجرية تعتمد على دورة القمر، وهذا الفرق يؤثر على توقيت العبادات الدينية التي تعتمد على التقويم الهجري مثل رمضان والحج.

أهم الأحداث الدينية والتاريخية في السنة الهجرية

السنة الهجرية ليست مجرد تقسيم زمني، بل هي مرآة للأحداث المفصلية في التاريخ الإسلامي، إذ شهدت هذه الشهور العديد من الغزوات والمعارك، والإحداث التي شكلت مسيرة الإسلام والمسلمين. من أبرز هذه الأحداث:

• هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي تم اعتمادها كنقطة بداية للسنة الهجرية.

• معركة بدر التي جرت في شهر رمضان.

• فتح مكة في شهر رمضان.

• معركة حنين التي وقعت في شهر شوال.

• الحج الأول للنبي والمسلمين في شهر ذو الحجة.

• استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه في محرم.

الجدول التفصيلي لشهور السنة الهجرية

الخلاصة

السنة الهجرية تمثل نظامًا زمنيًا قائمًا على القمر، يعكس حياة المسلمين ومناسباتهم الدينية والاجتماعية. ترتيب شهور السنة الهجرية لا يقتصر على كونها تواريخ، بل هي انعكاس لتاريخ إسلامي زاخر بالأحداث والعبادات التي تتكرر كل عام. فهم هذه الشهور ومعرفة ترتيبها وأهميتها يمكّن المسلمين من تنظيم عباداتهم واحتفالاتهم وفقًا لما جاء به الإسلام، ويعزز ارتباطهم بالتاريخ والتراث الإسلامي.

المراجع والمصادر

1. كتاب “الشموس الزاهرة في أخبار الشهر الهجري” – تأليف عبد الرحمن بن عبد الله السديس

2. الموسوعة الفقهية الكويتية، “التقويم الهجري ومناسباته الدينية”