وثائقي “Marked”: استكشاف رمزية وتقليد الوَسم في نيجيريا
في فيلم وثائقي يحمل عنوان “Marked” من إخراج نادين إبراهيم، يستعرض العمل الثقافي والتاريخي الذي يحيط بتقليد الوَسم في نيجيريا. يُعد هذا الفيلم وثائقيًا مهمًا يعرض جوانب عميقة من الثقافة النيجيرية التي قد تكون غير معروفة للجمهور الغربي. عُرض الفيلم لأول مرة في 28 مارس 2021، ويعد واحدًا من الوثائقيات التي تبرز الجوانب الإنسانية والحضارية من خلال تسليط الضوء على التقاليد الثقافية المرتبطة بشعب نيجيريا.
تقاليد الوَسم في نيجيريا: الرمزية والتاريخ
تتناول الوثائقي، الذي استغرق 21 دقيقة فقط، تقليد الوَسم في نيجيريا كعنصر أساسي في ثقافة الهوية والجمال الروحي. يعتبر الوَسم في العديد من المجتمعات النيجيرية أكثر من مجرد زخرفة على الجلد؛ إنه علامة مميزة تعكس تاريخ الشخص وانتماءه. بالإضافة إلى كونه رمزًا للجمال الشخصي، يحمل الوَسم معاني روحانية ودينية، حيث يُعتقد أن هذه العلامات تعمل كحماية للشخص وتعزز من قوته الروحية.
لقد نشأ هذا التقليد العريق في العديد من القبائل النيجيرية، ويظل شائعًا حتى يومنا هذا، سواء في الأوساط القروية أو في بعض المناطق الحضرية. في الوثائقي، يُسلط الضوء على الأهمية التي يوليها السكان لهذه العلامات وكيف أنها تتداخل مع الهوية الثقافية للمجتمعات المحلية. يُظهر الفيلم كيف أن الوَسم ليس مجرد ممارسة جمالية، بل هو فعل روحاني يحمل معاني عميقة مرتبطة بالانتماء إلى جماعة معينة.
الوَسم كرمز للجمال والهوية
بالنسبة للعديد من النيجيريين، يعد الوَسم وسيلة لإظهار الجمال الخارجي والتعبير عن الهوية الثقافية. تعكس هذه العلامات الشخصية تاريخ الشخص، بما في ذلك مرحلة النمو، والانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج، وأحيانًا يشير إلى السمات النفسية أو الجسدية التي يتم تكريمها في المجتمع. يعتمد نمط الوَسم في نيجيريا على تقاليد محلية يختلف من قبيلة إلى أخرى، لكن الرسالة واحدة: “إنها علامة على الانتماء والهوية”.
تعتبر النساء في بعض المجتمعات النيجيرية من أكثر الأفراد الذين يخضعون لهذه الممارسة، حيث يمكن أن يكون الوَسم رمزًا لجمالهن الداخلي والخارجي. في بعض الأحيان، تعتبر هذه العلامات جزءًا من عملية التجميل التقليدية، كما هو الحال في العديد من الثقافات الأخرى حول العالم.
الجوانب الروحية والرمزية للوَسم
على الرغم من أن الوَسم يُنظر إليه في المقام الأول كعلامة جمالية وثقافية، إلا أن له أيضًا أبعادًا روحانية عميقة. في بعض القبائل النيجيرية، يعتقد الناس أن الوَسم يحمي الشخص من الأرواح الشريرة أو الأذى الروحي، ويعتبر جزءًا من التقاليد الدينية التي تهدف إلى تقوية الروح والجسد معًا. ترتبط هذه الممارسة في بعض الأحيان بالمعتقدات المحلية التي تعزز الاتصال بالأجداد أو القوى الروحية.
قد تشمل الرمزية الدينية التي يتم تمثيلها عبر هذه العلامات شفاء أو حماية من الأمراض، أو حتى تعزيز القوة النفسية في مواجهة التحديات الحياتية. ويُعتقد أن الوَسم يسهم في تحديد هوية الشخص باعتباره عضوًا في مجموعة معينة، مما يساعد على تعزيز روابط الجماعة وتقويتها.
ختامًا
يُعد فيلم “Marked” شهادة مرئية على قوة وتأثير هذه الممارسة الثقافية في حياة الكثيرين من النيجيريين. من خلال تسليط الضوء على هذه الممارسة التقليدية، ينجح المخرج نادين إبراهيم في تقديم وجهة نظر عميقة حول كيفية استخدام الجسد كأداة للتعبير عن الهوية والثقافة. في ظل التحديات الثقافية والتاريخية التي تواجهها العديد من المجتمعات حول العالم، يعد “Marked” بمثابة تذكير بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتوثيقه للأجيال القادمة.
إن وثائقي “Marked” ليس مجرد قصة عن تقليد قديم، بل هو سرد لرواية غنية تتداخل فيها الهوية والجمال، الروحانية، والتاريخ. من خلال مشاهدة هذا الفيلم، يتسنى للمشاهدين فهم أعمق للثقافة النيجيرية ومدى تأثيرها في تشكيل هوية الأفراد والجماعات عبر الزمن.