6 عادات يوميّة تتسبب في تعاستك وضعف طاقتك

تُعدّ العادات اليومية بمثابة البنية التحتية التي تُشكّل نمط حياة الإنسان، فهي التي تحدد مسار يومه وجودة عيشه، وقدرته على الإنتاج والسعادة النفسية والجسدية. وعلى الرغم من أن كثيرًا من الناس يربطون التعاسة أو انخفاض الطاقة بأحداث كبرى أو ظروف حياتية خارجية، إلا أن الحقيقة تكمن غالبًا في تفاصيل صغيرة، تتكرر كل يوم، وتتراكم بمرور الزمن لتشكّل عبئًا نفسيًا وجسديًا يضعف الطاقة الداخلية ويفسد جودة الحياة. في هذا المقال، نعرض بالتفصيل ست عادات يومية شائعة تُعدّ من بين أكثر العوامل تأثيرًا في تقويض الطاقة النفسية والجسدية، وزيادة معدلات التعاسة والإرهاق المزمن.

1. تصفّح الهاتف فور الاستيقاظ

من أكثر العادات انتشارًا في العصر الحديث هي عادة تصفّح الهاتف الذكي بمجرد فتح العينين في الصباح. هذه العادة، رغم ما تبدو عليه من بساطة، تحمل تأثيرًا بالغًا على الجهاز العصبي والذهني، وتؤدي إلى اختلال توازن الهرمونات التي تنظّم الطاقة والانتباه.

يبدأ اليوم الطبيعي بإفراز هرمون الكورتيزول بشكل تدريجي، ما يساعد على تنشيط الجسم وتحفيز العقل. إلا أن التعرّض المفاجئ إلى إشعاعات الشاشة ومحتوى وسائل التواصل الاجتماعي أو رسائل البريد الإلكتروني يضع الدماغ في حالة من الإجهاد الفوري، ويحفّز الاستجابة للضغط العصبي قبل أن يكون الجسم جاهزًا لذلك.

علاوة على ذلك، يتسبب هذا السلوك في تشتت الذهن من اللحظة الأولى، ويُضعف من القدرة على التركيز طوال اليوم، كما يزيد من احتمالية الشعور بالقلق والإرهاق العقلي. ويُظهر العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يتجنبون الهاتف في أول ساعة من يومهم يتمتعون بمستويات أعلى من الطاقة والإيجابية الذهنية مقارنة بغيرهم.

2. الإفراط في تناول الكربوهيدرات والسكريات في وجبة الإفطار

يُعتبر الإفطار من أهم الوجبات التي تحدد مسار النشاط الجسدي والذهني خلال اليوم. ومع ذلك، فإن العديد من الأشخاص يعتمدون على خيارات غذائية خاطئة، تتمثل في الإفراط في تناول الكربوهيدرات البسيطة مثل الخبز الأبيض، أو المعجنات، أو الحلويات، مما يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر في الدم يتبعه انخفاض حاد، يعرف بـ”التحطم السكّري”.

هذا الانخفاض يؤدي إلى شعور مفاجئ بالتعب، تقلبات مزاجية، ضعف في التركيز، وحتى الشعور بالاكتئاب. كما أن هذه العادة الغذائية تُربك إفراز الإنسولين وتُسبب اضطرابات في التمثيل الغذائي، مما يفتح الباب أمام أمراض مزمنة على المدى البعيد، مثل السكري من النوع الثاني.

توصي الأبحاث الغذائية بالتركيز على البروتينات، الدهون الصحية، والألياف المعقدة في وجبة الإفطار، مما يضمن استقرار مستوى السكر في الدم، وتحفيز إفراز النواقل العصبية الإيجابية مثل السيروتونين والدوبامين، التي تعزز الطاقة والإحساس بالسعادة.

3. قلة التعرّض لأشعة الشمس

تُعدّ أشعة الشمس المصدر الرئيسي لفيتامين “د”، الذي يرتبط بشكل مباشر بالحالة المزاجية والطاقة الجسدية. إلا أن نمط الحياة المعاصر جعل كثيرًا من الناس يعيشون داخل مبانٍ مغلقة، ولا يتعرضون لأشعة الشمس سوى لفترات قصيرة، إن وجدت.

نقص هذا الفيتامين الحيوي يؤدي إلى ظهور أعراض مثل التعب المستمر، ضعف العضلات، انخفاض المناعة، وتقلب المزاج، بل وقد تم ربطه في دراسات متعددة بزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب الموسمي والاضطرابات العاطفية.

فضلًا عن ذلك، يعمل التعرض لأشعة الشمس خلال ساعات الصباح الأولى على تنظيم الساعة البيولوجية الداخلية، مما يساعد في تحسين جودة النوم لاحقًا، وتقليل اضطرابات المزاج والإجهاد العقلي. لذلك فإن تخصيص وقت يومي للتعرض الآمن للشمس يُعدّ من أقوى العوامل المعززة للطاقة النفسية والجسدية.

4. الجلوس لفترات طويلة دون حركة

الجلوس المطوّل، خصوصًا أمام الشاشات، أصبح أحد السمات الأساسية في بيئة العمل والتعليم الحديثة. هذا النمط الخامل لا يؤدي فقط إلى ضعف اللياقة البدنية، بل يُشكّل تهديدًا مباشرًا للطاقة الذهنية والحالة النفسية.

عند الجلوس لفترات طويلة، يقل تدفق الدم إلى العضلات والدماغ، مما يُقلل من كمية الأوكسجين والمواد المغذية التي تصل إلى هذه الأنسجة الحيوية. كما تتباطأ عمليات التمثيل الغذائي، مما يُسبب تراكم السموم وزيادة مستويات الالتهاب الداخلي، وكل ذلك ينعكس على شكل تعب عام، ضعف في التركيز، وخمول فكري.

تُظهر الأبحاث أن مجرد الوقوف أو القيام بحركات خفيفة كل نصف ساعة يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا في مستويات النشاط والإنتاجية. كما أن ممارسة رياضة خفيفة يومية، مثل المشي السريع أو تمارين التمدد، تعمل على تعزيز الدورة الدموية، وتحفز إفراز الإندورفينات التي ترفع المزاج وتزيد الشعور بالحيوية.

5. الإفراط في التفكير السلبي والمقارنة المستمرة

من العادات العقلية التي تستهلك الطاقة الذهنية بشكل كبير دون أن يُدرك الإنسان ذلك، هي عادة التفكير السلبي المستمر، سواء حول الذات أو المحيط، والمقارنة المتكررة مع الآخرين، خصوصًا في ظل الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي.

عندما يدخل العقل في دوامة من الأفكار السلبية والمقارنات الاجتماعية، يبدأ الدماغ في إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، والتي تضع الجسم في حالة طوارئ مستمرة، تُشبه الاستجابة للخطر. هذا النمط المزمن من الضغط الداخلي يؤدي إلى إنهاك الجهاز العصبي، ويُنتج أعراضًا مثل القلق، الأرق، ضعف المناعة، والتعب المزمن.

الوعي بهذه العادة وتطبيق تقنيات ذهنية مضادة لها، مثل اليقظة الذهنية (Mindfulness) أو تمارين الامتنان، يُعتبر من الأساليب العلمية الفعالة في كسر دائرة السلبية وتعزيز الطاقة النفسية. كما أن الانسحاب الواعي من المقارنات الاجتماعية ومراقبة النفس بلطف يُمكن أن يحسّن جودة الحياة بشكل ملموس.

6. النوم المتقطع أو غير الكافي

النوم الجيد ليس ترفًا بل ضرورة بيولوجية لا غنى عنها من أجل الصحة النفسية والجسدية. تشير دراسات النوم الحديثة إلى أن الحرمان من النوم، حتى لساعات قليلة، يؤدي إلى اضطرابات في المزاج، ضعف في وظائف الذاكرة، نقص في الطاقة، وارتفاع في مؤشرات الالتهاب داخل الجسم.

إحدى العادات التي تساهم في تعطيل جودة النوم هي الاستخدام الليلي المكثف للأجهزة الإلكترونية، والتي تبعث ضوءًا أزرقًا يعطل إفراز هرمون الميلاتونين، المسؤول عن تحفيز النوم. كما أن تناول المنبهات في ساعات متأخرة من اليوم أو التفكير المستمر قبل النوم يؤدي إلى تقطع دورات النوم وحرمان الجسم من النوم العميق المرمم.

من جهة أخرى، يُظهر الجدول التالي