في كتاب “التنبيه والإشراف” الذي ألفه العالم أبو الحسن علي المسعودي، نجد أنفسنا أمام أحد روائع الأدب العلمي الذي يمتزج في صفحاته بين مهارات السرد وعمق المحتوى العلمي. إن هذا الكتاب، الذي يتألف من 268 صفحة، يشكل تحفة استثنائية في فن تقديم المعلومات بأسلوب ممتع ومفيد.
يستند الكتاب إلى تراث عظيم في توثيق أحداث الزمن وتحليلها، حيث يبدأ بالربط بين أعظم أحداث الأمم الماضية والأجيال الخالية، ويتسلسل في الوقت ليستعرض تفاصيل متنوعة حول الممالك الدائرة. يبرز الكتاب أهمية الكتاب الأوسط في مفهومه، ويتبنى رؤية متكاملة من خلال الكتب السابقة مثل “مروج الذهب ومعادن الجوهر”، و”فنون المعارف”، و”الدهور السوالف”، و”ذخائر العلوم”، و”الاستذكار لما جرى في سالف الإعصار”.
المحتوى يتسم بالغنى والتفصيل، إذ يتعمق في ذكر الأفلاك وهيئاتها، ويفحص النجوم وتأثيراتها، مع التركيز على العناصر وتراكيبها، ويشرح كيفية أفعالها. يقدم الكتاب شرحاً دقيقاً حول قسمة الأزمنة وفصول السنة، مع تحليل لما لكل فصل من المنازل، ويتعمق في التنازع الذي ينشأ في المبتدأ به.
ومن خلال جولة داخل صفحات “التنبيه والإشراف”، يأخذنا المؤلف في رحلة تاريخية تتناول الأقاليم السبعة وتقسيمها، وتسليط الضوء على الأمم السبع في العصور السالفة، مع التركيز على الأفدية بين المسلمين والروم حتى الوقت الحالي. يتناول الكتاب تواريخ الأمم بشكل جامع، مستعرضاً تاريخ العالم والأنبياء والملوك من آدم إلى نبينا محمد “صلى الله عليه وسلم”، مع حصر دقيق للأحداث والتواريخ والأماكن.
وفي مجال العلوم والطبيعة، يثري الكتاب معلوماتنا حول سنى الأمم الشمسية والقمرية، ويقدم تفصيلاً حول شهورها وكبسها، مع التطرق إلى الأحوال المتغيرة والتنبيهات التي ترتبط بها. ينقل القارئ إلى مولد النبي “صلى الله عليه وسلم”، ومبعثه، وهجرته، مع استعراض دقيق لعدد غزواته وسراياه، ويسلط الضوء على جوانب متعددة من حياة الخلفاء بعده والملوك.
تأتي هذه الأفكار والمعلومات في غلاف ورقي أنيق يضفي على الكتاب طابعاً فريداً، وقد صدر في عام 2016 عن دار النشر “نور للنشر”. “التنبيه والإشراف” يظل مصدراً قيماً يفتح أفقاً واسعاً لفهم تاريخ العالم، ويعتبر إسهاماً مميزاً في ميدان العلوم والطبيعة.