نظام رجيم لمرضى الغدة الدرقية

تعد الغدة الدرقية من أهم الغدد الصماء في الجسم، حيث تلعب دورًا محوريًا في تنظيم عمليات الأيض والطاقة، وتحافظ على توازن الهرمونات التي تؤثر على وظائف متعددة مثل تنظيم حرارة الجسم، وضغط الدم، ومستوى الكوليسترول، والنمو، والتمثيل الغذائي. تؤدي اضطرابات الغدة الدرقية، سواء كانت فرط نشاط أو قصورًا في الغدة، إلى تأثيرات واضحة على وزن الجسم والصحة العامة، لذلك يلعب اتباع نظام رجيم مخصص دورًا حيويًا في تحسين الحالة الصحية للمرضى.

في هذا المقال سوف نناقش بشكل مفصل نظام رجيم لمرضى الغدة الدرقية، مع التركيز على أساسيات الغذاء المناسب، أنواع الأطعمة المفضلة والممنوعة، استراتيجيات خسارة الوزن الفعالة، وكذلك دور المكملات الغذائية في دعم وظائف الغدة الدرقية، مع مراعاة الجوانب العلمية والطبية المعتمدة.

اضطرابات الغدة الدرقية وتأثيرها على الوزن

قبل الخوض في تفاصيل النظام الغذائي، من المهم فهم العلاقة بين اضطرابات الغدة الدرقية والوزن:

• قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism): يحدث عندما تقل إفرازات هرمونات الغدة الدرقية، ما يؤدي إلى تباطؤ عمليات الأيض، مما يسبب زيادة في الوزن وصعوبة في خسارته.

• فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism): حالة إفراز مفرط لهرمونات الغدة، مما يسرع عمليات الأيض، وقد يؤدي إلى فقدان وزن غير مبرر، ولكن يمكن أن يرافقه فقدان العضلات والضعف العام.

في كلا الحالتين، تؤثر وظيفة الغدة الدرقية على التمثيل الغذائي للطاقة، لذلك يجب تصميم النظام الغذائي وفقًا للحالة الصحية لكل مريض لضمان تحقيق التوازن الغذائي، فقدان الوزن أو المحافظة عليه، ودعم وظيفة الغدة.

مبادئ عامة لنظام رجيم لمرضى الغدة الدرقية

تقوم أساسيات النظام الغذائي على عدة محاور رئيسية:

1. تنظيم السعرات الحرارية:

مرضى قصور الغدة الدرقية يعانون من بطء في الأيض، ما يعني أن استهلاك السعرات يجب أن يكون متوازنًا بحرص لتفادي زيادة الوزن. يُفضل تقليل السعرات قليلاً عن الاحتياج اليومي مع الحفاظ على تغذية متكاملة.

أما مرضى فرط النشاط، فغالبًا يحتاجون إلى سعرات أكثر لتعويض فقدان الوزن والحفاظ على كتلة العضلات.

2. تركيز على جودة الطعام وليس الكمية فقط:

ينبغي التركيز على الأغذية الطبيعية الكاملة، الغنية بالعناصر الغذائية التي تدعم صحة الغدة الدرقية ووظائفها، مع الابتعاد عن الأطعمة المصنعة، والمشروبات الغنية بالسكر.

3. توازن المغذيات الكبيرة:

تناول كميات مناسبة من البروتين، الكربوهيدرات، والدهون الصحية، مع تفضيل البروتينات عالية الجودة لدعم العضلات والتمثيل الغذائي.

4. تضمين مصادر اليود السليمة:

اليود هو عنصر أساسي في تكوين هرمونات الغدة الدرقية، ولكن يجب ضبط كميته بدقة لتجنب تفاقم المشكلة.

المجموعات الغذائية المناسبة لمرضى الغدة الدرقية

البروتينات

البروتينات تلعب دورًا مهمًا في زيادة معدل الأيض، ودعم الكتلة العضلية، وتحسين الشعور بالشبع. يُفضل تناول:

• اللحوم البيضاء مثل الدجاج والديك الرومي.

• الأسماك الغنية بالأوميغا-3 مثل السلمون والتونة.

• البيض كمصدر بروتين كامل.

• البقوليات مثل العدس والفاصوليا.

• المكسرات والبذور باعتدال.

الكربوهيدرات

ينصح بتجنب الكربوهيدرات البسيطة والسكريات المكررة التي ترفع سكر الدم بسرعة، وتؤثر سلبًا على الوزن ووظيفة الغدة الدرقية.

• الأفضل اختيار الكربوهيدرات المعقدة من الحبوب الكاملة (الشوفان، الأرز البني، الكينوا).

• الخضروات والفواكه الطازجة التي تحتوي على الألياف.

• تجنب الحبوب المكررة والمنتجات المصنعة.

الدهون الصحية

الدهون ضرورية للوظائف الهرمونية ولصحة الغدة الدرقية، ويُفضل استهلاك:

• زيت الزيتون البكر.

• الأفوكادو.

• المكسرات مثل اللوز والجوز.

• الأسماك الدهنية الغنية بأحماض الأوميغا-3.

الأطعمة التي يجب تجنبها أو الحذر منها

الأطعمة المحتوية على مركبات Goitrogens

هذه المركبات قد تعيق قدرة الغدة الدرقية على استخدام اليود بشكل صحيح، ومنها:

• الخضروات الصليبية النيئة مثل البروكلي، القرنبيط، الكرنب، واللفت.

• الصويا ومنتجاتها.

يمكن تناول هذه الأطعمة مطهوة جيدًا لأنها تفقد جزءًا من تأثيرها السلبي على الغدة.

الأطعمة الغنية بالسكر والدهون المشبعة

تزيد من الالتهابات وتؤثر على توازن الهرمونات، لذلك يجب الابتعاد عن:

• المشروبات الغازية.

• الحلويات.

• الأطعمة المقلية والوجبات السريعة.

الكافيين والكحول

الاستهلاك المفرط للكافيين والكحول قد يؤثران على عمل الغدة الدرقية، لذلك يفضل تقليل استهلاكهما.

استراتيجيات غذائية فعالة لخسارة الوزن وتحسين وظائف الغدة الدرقية

1. الوجبات الصغيرة والمتكررة:

تناول وجبات صغيرة على فترات منتظمة يساعد في الحفاظ على معدل الأيض مستقرًا، ويمنع تقلبات السكر في الدم.

2. زيادة تناول الألياف الغذائية:

تساعد الألياف في تحسين الهضم وتقليل الشعور بالجوع، كما تدعم توازن البكتيريا المعوية، مما يؤثر إيجابيًا على التمثيل الغذائي.

3. شرب كميات كافية من الماء:

الماء يساهم في تحسين الأيض وإزالة السموم، وهو ضروري لكل عمليات الجسم الحيوية.

4. ممارسة الرياضة بانتظام:

ممارسة التمارين الرياضية، خصوصًا تمارين المقاومة، تساعد في بناء العضلات وزيادة معدل الأيض، وهو أمر أساسي لمرضى قصور الغدة الدرقية.

جدول مقترح لنظام رجيم لمرضى الغدة الدرقية

المكملات الغذائية ودورها في دعم الغدة الدرقية

يحتاج مرضى الغدة الدرقية إلى متابعة مستويات بعض المعادن والفيتامينات الهامة:

• اليود: ضروري لهرمونات الغدة الدرقية، ولكن يجب تناول المكملات فقط بناءً على استشارة الطبيب.

• السيلينيوم: معدن يلعب دورًا في تحويل هرمون T4 إلى T3 النشط، ويوجد في المكسرات والبذور.

• الزنك والحديد: نقصهما يؤثر على وظيفة الغدة، لذا يجب الحرص على تناولها من الطعام أو المكملات.

• فيتامين D: له تأثيرات تنظيمية على الجهاز المناعي ووظائف الغدة.

نصائح إضافية مهمة لمرضى الغدة الدرقية

• تجنب تناول مكملات الكالسيوم أو الألياف بشكل مفرط مع أدوية الغدة لأنها قد تعيق امتصاص الدواء.

• تناول الأدوية في وقت محدد وبطريقة صحيحة حسب تعليمات الطبيب.

• مراقبة الوزن بانتظام لتعديل النظام الغذائي حسب الحاجة.

• ضبط نمط النوم وتقليل التوتر، لما لهما من تأثير مباشر على وظائف الغدة.

الخلاصة

اتباع نظام رجيم متوازن ومخصص لمرضى الغدة الدرقية يتطلب فهماً دقيقاً لتأثير اضطرابات الغدة على التمثيل الغذائي، واختيار الأطعمة التي تدعم عملها وتحافظ على صحة الجسم بشكل عام. من خلال تنظيم السعرات، التركيز على جودة الطعام، تجنب الأطعمة التي تعيق وظيفة الغدة، وزيادة النشاط البدني، يمكن تحقيق تحسن ملحوظ في الوزن والحالة الصحية. كذلك، فإن التكامل بين الغذاء المناسب والمتابعة الطبية الدقيقة يشكل حجر الأساس للحفاظ على صحة الغدة الدرقية وتحسين جودة الحياة.

المصادر والمراجع

1. American Thyroid Association. (2020). Nutrition and Thyroid Disease. https://www.thyroid.org/nutrition/

2. Mayo Clinic Staff. (2021). Hypothyroidism diet: What to eat and avoid. Mayo Clinic. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/hypothyroidism/in-depth/hypothyroidism-diet/art-20349073