أنواع مرض الكوليسترول الوراثي

أنواع مرض الكوليسترول الوراثي

مرض الكوليسترول الوراثي هو حالة صحية ناتجة عن اختلالات وراثية في تنظيم مستويات الكوليسترول في الدم، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. يمكن أن يتسبب الكوليسترول الوراثي في حدوث مشاكل صحية كبيرة إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه مبكرًا. على الرغم من أن الكوليسترول الوراثي يُعتبر مرضًا نادرًا، إلا أن تأثيره على صحة الأفراد الذين يعانون منه يمكن أن يكون كبيرًا جدًا. في هذا المقال، سنتناول أنواع مرض الكوليسترول الوراثي، وكيفية تأثيره على الجسم، وطرق العلاج والوقاية منه.

1. الكوليسترول الوراثي المرتبط بالمتلازمات الوراثية

هناك العديد من المتلازمات الوراثية التي تؤثر على مستويات الكوليسترول في الدم. بعض هذه المتلازمات تتسبب في إنتاج كميات مفرطة من الكوليسترول الضار، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ومن أبرز هذه المتلازمات:

1.1 فرط كوليسترول الدم العائلي (Familial Hypercholesterolemia)

يُعد “فرط كوليسترول الدم العائلي” هو الشكل الأكثر شيوعًا للكوليسترول الوراثي. يتسبب هذا المرض في ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) بشكل غير طبيعي. يعد هذا الاضطراب ناتجًا عن خلل في الجينات التي تتحكم في تنظيم مستقبلات الكوليسترول على سطح خلايا الكبد. وفي الحالات الطبيعية، تقوم هذه المستقبلات بامتصاص الكوليسترول من الدم، لكن في حالات فرط كوليسترول الدم العائلي، تكون هذه المستقبلات إما غائبة أو غير فعالة، مما يؤدي إلى تراكم الكوليسترول في الدم.

يتسبب هذا المرض في ارتفاع مستويات الكوليسترول بشكل مبالغ فيه منذ الطفولة، مما يزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب في مرحلة مبكرة من الحياة. ويُقدّر أن فرط كوليسترول الدم العائلي يؤثر على حوالي 1 من كل 200 شخص في العالم.

1.2 فرط كوليسترول الدم العائلي المركب (Compound Familial Hypercholesterolemia)

يشير هذا النوع من المرض إلى وجود خلل في جينات متعددة مسؤولة عن تنظيم مستويات الكوليسترول في الدم. في هذه الحالة، يعاني الأفراد من نقص شديد في مستقبلات الكوليسترول، مما يؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من الكوليسترول الضار. يزداد خطر الإصابة بمشاكل صحية، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، بشكل كبير إذا لم يتم تشخيص هذا المرض وعلاجه في وقت مبكر.

2. الأنواع الأقل شيوعًا للكوليسترول الوراثي

إلى جانب فرط كوليسترول الدم العائلي، هناك أنواع أخرى من الكوليسترول الوراثي التي قد تكون أقل شيوعًا لكنها تستحق الاهتمام بسبب تأثيراتها الصحية المحتملة.

2.1 فرط شحميات الدم العائلي (Familial Dysbetalipoproteinemia)

يُعد “فرط شحميات الدم العائلي” أحد الاضطرابات الوراثية التي تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار والشحميات الثلاثية في الدم. هذا الاضطراب يحدث نتيجة لتغيرات في الجين المسؤول عن البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (VLDL) والبروتينات الدهنية عالية الكثافة (IDL). يتسبب هذا المرض في تراكم الشحميات في الأنسجة والأوعية الدموية، مما يزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين.

2.2 فرط شحميات الدم البسيط (Simple Hyperlipidemia)

يُعتبر فرط شحميات الدم البسيط نوعًا آخر من الكوليسترول الوراثي الذي يتسبب في زيادة مستويات الكوليسترول والدهون في الدم. على الرغم من أنه أقل تأثيرًا من بعض الأنواع الأخرى، إلا أنه قد يساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين في حال عدم علاج الشخص المريض.

2.3 فرط شحميات الدم المرتبط بمستقبلات البروتينات الدهنية (Lipoprotein Lipase Deficiency)

تحدث هذه الحالة بسبب نقص البروتين الدهني اللازم لتفتيت الشحميات في الدم. عندما لا يتمكن الجسم من تفتيت الشحميات بشكل كافٍ، فإنها تتراكم في الأنسجة الدهنية والأوعية الدموية، مما يرفع مستويات الدهون الضارة في الجسم. يُلاحظ أن هذا النوع من الكوليسترول الوراثي يسبب زيادة في مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار.

3. أعراض مرض الكوليسترول الوراثي

تتفاوت أعراض الكوليسترول الوراثي بناءً على نوع المرض وشدته. في بعض الحالات، قد لا يظهر أي أعراض واضحة حتى يصل الشخص إلى مرحلة متقدمة من المرض. لكن في بعض الحالات الأخرى، قد تظهر أعراض مبكرة تشير إلى وجود اختلالات في مستويات الكوليسترول.

3.1 العلامات الجلدية

بعض الأفراد المصابين بالكوليسترول الوراثي قد يعانون من ظهور كتل صفراء حول الأجفان (المعروفة بالـ Xanthelasma) أو حول الركبتين والمرفقين (المعروفة بالـ Xanthomas). تشير هذه الكتل إلى تراكم الدهون في الأنسجة تحت الجلد.

3.2 الأعراض القلبية

ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في القلب والأوعية الدموية. قد يعاني المصابون بالكوليسترول الوراثي من ألم في الصدر، خفقان في القلب، أو حتى نوبات قلبية في سن مبكرة.

3.3 السكتة الدماغية والتصلب الشرياني

عندما تتراكم الدهون في الأوعية الدموية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تصلب الشرايين وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. قد يعاني الأشخاص المصابون بالكوليسترول الوراثي من أعراض مشابهة لتلك التي تظهر في حالات السكتة الدماغية، مثل ضعف التنسيق العضلي، وتغيرات في الرؤية، وصعوبة في التحدث.

4. طرق تشخيص الكوليسترول الوراثي

تشخيص مرض الكوليسترول الوراثي يعتمد على مجموعة من الفحوصات الطبية والفحوصات الجينية التي تهدف إلى تحديد مستويات الدهون في الدم وتحليل الجينات المعنية.

4.1 فحص مستويات الكوليسترول في الدم

يبدأ الأطباء عادة بفحص مستويات الكوليسترول في الدم باستخدام اختبار الدم الشامل. يتم قياس مستويات الكوليسترول الضار (LDL) والكوليسترول الجيد (HDL) والشحميات الثلاثية. عند وجود ارتفاع كبير في مستويات الكوليسترول الضار، قد يطلب الأطباء المزيد من الفحوصات الجينية لتحديد ما إذا كان السبب وراثيًا.

4.2 الفحص الجيني

إذا كانت هناك شكوك بوجود مرض كوليسترول وراثي، يمكن إجراء فحص جيني لتحديد الطفرات الوراثية التي تسبب ارتفاع مستويات الكوليسترول. يساعد هذا الفحص في تأكيد التشخيص وبدء العلاج المناسب.

4.3 التاريخ العائلي

في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة بفرط كوليسترول الدم العائلي أو أي نوع آخر من الكوليسترول الوراثي، قد يقوم الأطباء بتوجيه المرضى لإجراء الفحوصات اللازمة في وقت مبكر للكشف عن المرض.

5. علاج الكوليسترول الوراثي

علاج الكوليسترول الوراثي يتطلب مزيجًا من تغيير نمط الحياة واستخدام الأدوية الخاصة التي تهدف إلى خفض مستويات الكوليسترول في الدم. وفي بعض الحالات، قد يتطلب العلاج استخدام أدوية مدى الحياة للحفاظ على مستويات الكوليسترول ضمن الحدود الطبيعية.

5.1 التغييرات في نمط الحياة

من أهم خطوات العلاج تحسين نمط الحياة، وذلك من خلال:

• اتباع نظام غذائي منخفض الدهون المشبعة والكوليسترول.

• ممارسة الرياضة بانتظام.

• الحفاظ على وزن صحي.

• الامتناع عن التدخين وتقليل استهلاك الكحول.

5.2 الأدوية

هناك العديد من الأدوية التي تُستخدم لخفض مستويات الكوليسترول في الدم، مثل الستاتينات، التي تعتبر الخيار الأول في علاج فرط كوليسترول الدم العائلي. تساعد هذه الأدوية على تقليل إنتاج الكوليسترول في الكبد وزيادة قدرة الجسم على امتصاص الكوليسترول الضار.

في الحالات الأكثر تطورًا، قد يتطلب الأمر استخدام أدوية أخرى مثل:

• البي سي أي (PCSK9 inhibitors): التي تساعد في تحسين قدرة الكبد على امتصاص الكوليسترول الضار.

• مركبات الفايبريت: التي تستخدم لخفض مستويات الدهون الثلاثية في الدم.

• الأدوية التي تؤثر على امتصاص الكوليسترول في الأمعاء.

5.3 العلاج الجراحي

في بعض الحالات الشديدة من الكوليسترول الوراثي، قد يتطلب الأمر التدخل الجراحي لإزالة الش